نَشِيدُ الجَمْرِ ... وصَلاةُ الرَّمَادِ
ما يزال صوت تلك المرأة يدوي في مسمعي حتى اللحظة... وهم يحملون أبا سطام إلى قبره ... وهي تنادي في الجموع:
" يا أردنيين مين يشتري حابس،، يا كركية مين يشتري حابس،، يا مجالي مين يشتري حابس ".
ويرجع لها الصدا، كأنه النشيج .. لا أحد ، لا أحد ... وهل منّا من يقدر على ذلك أيتها المرأة الثكلى على وطن، وليس على رجل، لأنّ أبا سطام كان وطنا لليتامى والثكالى والمتعبين من غربتهم في أوطانهم.
(1)
لكَ الشِّعْرُ وقْفاً
وهذا الغَرامُ .....
لأنّكَ فينا هوىً لا يَنامُ .....
لأنّكَ هذا الذي لا يُضَامُ
وليسَ يَهُونُ ...
وليسَ يَخُونُ ... وليسَ يَحِيدْ
(2)
حُروفُ القَصيدةِ بَعدكَ ثَكلى
ونَحْنُ يَتَامى
لأنَّكَ فيها حَنينٌ ومعنىً
ولفظٌ تَسَامَى
(3)
خُيولُ الجَنُوبِ تُفتِّشُ عَنْكْ
فَسِرْجُ الكَرامةِ بَعدكَ ضَاعْ
وريحُ الجَنُوبِ إليكَ ومنكْ
لأنّكَ فيها غَرامُ الشِّراعْ
وبِذرةُ ضَوءٍ تُحاكي الجِياعْ
وتُحلمُ دُوماً بفجرٍ جَديدْ
(4)
تَغيَّرَ في القَصْرِ بعدكَ شكلُ الوجوه
وشَكْلُ العُيونْ
تبدّلَ شَكْلُ النِّساءِ وما يخْبِزونْ
لأنّكَ وحدكَ بُعدُ الوُجوهِ
ولَونُ العُيونِ ... ومُلحُ القَصِيدْ
(5)
وأشجارُ سَرْوكِ حَولَ الطَّريقِ إليكَ
تُطالبُ مَنْ حَملوكَ إلى القبرِ
ضَوْءَ حَياةٍ ومَاءَ رُجوعْ
تُطالبُ مَنْ تَركوكَ وحيداً
عِلاجاً يُعلِّمُ مَنْ يتَمادى عليكَ فُنونَ الخُضُوعْ
فقدْ ضاقَ بعدكَ هذا الزَّمانُ
بمهجةِ حُرٍّ يَعافُ الدُّموعْ
ويخشى على نفسهِ منْ تملّقهِ للعَبيدْ
(6)
فَمِنْ ( قَدْرُ) مِنْكَ ملامحُ شِيحٍ
وريحُ خُزامى
ومِنْ ( هيّةِ ) الكركيينَ هذا الجُموحُ
وهذا الشُّموخُ
وهذا العلوُّ البعيدُ .. البَعيدْ
ومِنْ صِخْرِ( شِيحَانَ) هذا الصُّمودُ العَنيدُ .. العَنيدْ
(7)
وُلدتَ سَجيناً لتبقى
وُرُودُ بلادي بغيرِ قُيودْ
( فبندرُ) تُدركُ ضَعفَ البَنادقْ
بوجهِ الزَّنابقْ
و( مِشْخَصُ ) تَتلوُ عليكَ
" إذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةِ "
لأنَّ النِّساءَ اللواتي وُلَدْنَ الرجالَ رِجالاً
تُدركُ حتى بَكاءَ الوُرودْ
(8)
أحابسُ مهلاً فقبلَ الرحيلِ
سأَروي عليكَ مِنَ المُستحيلِ
فأولُ جُرحٍ سَتبكي عليهِ
بأنَّ الفراتَ جَريحٌ لديهِ
خناجرَ في القلبِ ليستْ غريبةْ
فتلكَ طُعونُ العُروبةْ
وصَدامُ بعدكَ قدْ قَتلوهُ
وليمونُ غزّةَ قَدْ شَنقوهُ
وبَعدكَ ... بَعدكَ ... بَعدكَ ماذا أقولُ
تُصدِّقُ حابسْ، حتى فؤاديَ قدْ ذَبحوهُ
وأرواحُنا قَدْ تَشظَّتْ بهذي الحياةِ
ووحدكَ نلتَ وَسامَ الخُلودْ
(9)
سلامٌ لكلِّ الذينَ أبوا أنْ يَبيعُوا
أبوا أنْ يَخُونوا
سَلامٌ رُفيفانُ
سَلامٌ دُميثانُ
سَلامٌ دُليوانُ
سَلامٌ لهزاعَ
سَلامٌ لوصفي
سَلامٌ لقدرٍ .. سلامٌ لحابسَ
سَلامٌ على المجدِ يومَ يَعيشُ
ويَومَ يَموتُ
ويَومَ يَعودُ إلى الكَوْنِ حَيَّا
guefara1981@yahoo.com