إلى وزير انبرى ليتسلم راية الاصلاح في ظرف صعب..
محمد انس العمري
جو 24 :
كاد الشعب الاردني يرفع الراية البيضاء في معركته مع الفساد والمفسدين ، فرغم الكم الهائل من القضايا المطروحة والوثائق المسربة من هنا ومن هناك ، الا انه لم يلمس اجراء حقيقيا انتهى بإنهاء خدمات احدهم او ادانته امام القضاء .
وفي ظل هذه الظلمة انبرى احدهم ليتسلم الراية في ظرف صعب جدا ، وفي احد اهم ملفات الوطن وهو التعليم العالي الذي تبنى عليه الاوطان وتتقدم او تتراجع وتصل الى الهاوية .
استلم معالي وزير التعليم العالي زمام المبادرة وقرر ومعه مجلس تعليم عالي يضم كفاءات مشهود لها وضع اسس يتم على اساسها تقييم رؤساء الجامعات سنويا ، ووضع اسس لتصنيف الجامعات الاردنية ، كان الجواب دوما لمن يراجع مجلس التعليم العالي انه لا سلطة لنا قانونا على الجامعات ، وهذا القول وان كان صحيحا الا ان المجلس وجد مخرجا ملائما فهو يملك انهاء خدمات اي رئيس جامعة قانونا ، وهو يملك ان يقيم اي رئيس جامعة تبعا لذلك .
تشكلت لجنة لتقييم رؤساء الجامعات الرسمية برئاسة احد الشخصيات المشهود لها على المستوى الوطني وطلب منها تقييم رؤساء الجامعات وفق معايير مجلس التعليم العالي بالاستعانة بتقارير مجلس الامناء وهيئة النزاهة و مكافحة الفساد وديوان المحاسبة واية شكاوى موثقة بكتب رسمية.
استغرق عمل اللجنة طويلا ، قيل ان بعض اعضائها بتنسيق مع رؤساء جامعات راهن على تغيير حكومي وشيك يخرج به وزير التعليم العالي وتنتهي القصة ويكيفهم ذلك شر القتال ، لم ينجح هذا المسعى ، فتم وللأسف اختراق بعض اعضاء اللجنة وانقسمت على نفسها فتارة يطالب بعضهم ان يكون التقييم حصرا بناء على تقييم مجالس الامناء ، ويصر اخرون على استبعاد اي وثائق او شكاوى مع ان بعضها معزز بأوراق رسمية ، تشنجت الامور داخل اللجنة وصل حد الصراخ بين الاعضاء ، فخرج الجنين ميتا للأسف ولم يلب الطموحات الملقاة على عاتق اللجنة. وظن الكثير ان الامور انتهت بإفشال اللجنة .
لم يستسلم هذا الفارس ، خسر جولة لكنه لم يخسر معركته مع قوى الشد العكسي، قام مع فرسان المجلس بتشكيل لجنة اعضاؤها من ذات المجلس لتغطية عمل اللجنة الاولى وخاصة دراسة ملفات المخالفات التي وصلتهم وتضمنت امورا يندى لها الجبين ويثير الحزن ان تصدر من رؤساء جامعات يحملون اعلى رتبة علمية ، فقدمت اللجنة تقريرا مفصلا وموثقا تضمن كما رشح بناء على قرار مجلس التعليم العالي انهاء خدمات ثلاث رؤساء جامعات ، لكنه لم يقف عند هذا الحد بل وجه رسالة لبقية رؤساء الجامعات حول ملاحظات اللجنة وضرورة تصويب ما ورد فيها خلال فترة زمنية .
تباينت ردود الافعال ، من مرحب ، متفائل ، مظلوم شعر بالفرح لأنه انصف ولو بعد حين . واثار القرار حفيظة اخرين ، بعضهم بحسن نية لأنه لا يعلم خبايا الامور وبواطنها واخذ بالصورة التي يركز هذا او ذاك على تلميعها بالباطل ، واخرون هزهم القرار لان مصالحهم تأثرت او لانهم احسوا ان دورهم قد يكون قادما ، ما يحزن في ردود الافعال فقط تلك التي انبرت للنيل من القرار من منطلق مناطقي او عشائري مع ان القرار يخص رئيس جامعة وهي مؤسسة وطنية لا مضافة او ديوان محصور ببعضهم ، او حقا مكتسبا لعشيرة او منطقة .
يقال في بعض المواقع ان بعض الرؤساء قرروا اللجوء للقضاء وهذا حقهم الطبيعي وانا متفائل بالطريقة التي تدار بها الامور ، فمن حق المجلس ان ينهي خدمات رئيس الجامعة الذي يراه غير مؤهلا لمنصبه او يم يكن على قدر المسؤولية، ومن حق هذا الرئيس اللجوء للقضاء ان اعتقد ان القرار يخالف القانون، فهذا احد اركان الدولة المدنية التي يسعى اليها الجميع وكلي ثقة بالقضاء في هذا الوطن . لكن هذا لا يبرر لأحد اللجوء الى الاستعطاف والوقفات الاحتجاجية التي تربك المؤسسة التي لن تكون حكرا له لو لغيره ، وحذاري لبعض رؤساء الجامعات فاللجوء للقضاء قد يعني نشر تقرير اللجنة ولا اعتقد ان هذا في مصلحتهم اطلاقا .
انها سابقة بحق ، ليس في مجال التعليم العالي ، بل في الوطن ككل رسالة سمع صداها في جنبات الوطن انت محاسب على ما تفعل ومؤسسات الدولة ليست مزرعة لاحد ، كم هي جميلة هذه الرسالة ، كم هي غالية هذه البذرة التي زرعها الوزير والمجلس ، ستنبت ان روعيت بحق جيلا مختلفا وادارات على قدر المسؤولية فهنيئا للجميع هذه النبتة .
انها سابقة بحق ، ليس في مجال التعليم العالي ، بل في الوطن ككل رسالة سمع صداها في جنبات الوطن انت محاسب على ما تفعل ومؤسسات الدولة ليست مزرعة لاحد ، كم هي جميلة هذه الرسالة ، كم هي غالية هذه البذرة التي زرعها الوزير والمجلس ، ستنبت ان روعيت بحق جيلا مختلفا وادارات على قدر المسؤولية فهنيئا للجميع هذه النبتة .
معالي وزير التعليم العالي ، ما قمت به والمجلس الكريم خطوة سيذكرها التاريخ ذات يوم فمثل هذه الافعال الاستثنائية تحمي الاوطان وتدفعها للتقدم وتجاوز الاخطار لا محض الكلام المعسول .