مسيرة اصلاح التعليم العالي مستمرة
محمد انس العمري
جو 24 :
بالرغم من تحفظي الشديد على بعض قرارات الحكومة التي تستهدف الطبقة المسحوقة وبخاصة رفع اسعار المواد الاساسية للطبقة الفقيرة والمتوسطة التي انتمى اليها مع عدد كبير من ابناء هذا الوطن ، وبالرغم من الكم الهائل من التعليقات السلبية على الحكومة وادائها خصوصا مع التعديل الاخير الذي جرى على الحكومة ، الا انني اختلف مع بعضهم في توجهات الحكومة ونيتها في الصلاح الحقيقي والتغيير الذي لا بد وانه يحتاج الى جهد كبير ووقت طويل لان دولة رئيس الوزراء او وزرائه لا يملكون عصا سحريا قادرة على التغيير المنشود بالسرعة التي يضغط بها الشارع معذورا فهو يئن من الغلاء والفساد ويرغب ان يرى ضوء في نهاية هذا النفق المظلم .
الا انه ما يحسب لرئيس الوزراء ان من بين كادره وزراء استطاعوا تشكيل فارق ملموس في زمن قياسي ، واخص بالذكر وزيري التعليم العالي والبحث العلمي ووزير التربية والتعليم ، وقد حافظ رئيس الوزراء عليهم وظلوا بمنأى عن اي تعديل او تغيير مكافأة لهم على جهودهم التي صنعت فارقا ونالوا رضا شعبيا واسعا ، ولأنني موظف احدى الجامعات الحكومية فإنني ارفع القبعة لوزير التعليم العالي بصفة خاصة فما قام به هذا الرجل تاريخي بامتياز كما اعلن على الملأ انني ومجموعة كبيرة من اعضاء الهيئتين الادارية والتدريسية في الجامعات غمرتنا الفرحة ببقاء وزير التعليم العالي في منصبه ، ومرد هذه الفرحة امرين ، الاول منهما ان قوى الشد العكسي ومن تحكم بالجامعات قبيل تسلم معالي وزير التعليم العالي منصبه كانت تهلل فرحا بالتغير القادم لوزير التعليم العالي ، ليس هذا فحسب بل انهم سعوا بكل طاقاتهم لإطلاق الشائعات بأن رئيس جامعة بعينها عائدا الى منصبه ، ووصل به الامر الى تسمية وزير التعليم العالي الجديد ، والامر الثاني انني ومعي عدد كبير من العاملين في الجامعات نتأمل باستمرار مسيرة الاصلاح التي اسس لها وزير التعليم العالي ، ولا اقصد هنا فقط القرار الذي اتخذه مجلس التعليم العالي بإنهاء خدمات ثلاثة من رؤساء الجامعات ، بل قدرة المجلس على فرض رقابته على عمل رؤساء الجامعات وكبح جماح رغباتهم ومنافعهم الشخصية على حساب الجامعات .
الهجمة على وزير التعليم العالي كانت كبيرة ومنظمة ، وهي شيء طبيعي فمن اوقف الفساد واوقف المنافع غير المشروعة افقد مكاسب بعضهم على حساب مؤسسات الوطن ، بل ان بعضهم بدأ يتلمس الكرسي الذي جلس عليه وهو اكثر الناس ادراكا انه وصل اليه عبر العلاقات المشبوهة والمنافع المباشرة وغير المباشرة للرئيس وطاقمه ، وانه اخر من سيصل الى هذا الكرسي لو كان المعيار المعتمد الكفاءة والخبرة والانتماء ، لكل هذا كانت ايدينا على قلبنا ان يطال التغير مثل هذا الوزير فتكون الصفعة صفعتين مرة بكسب الفساد المعركة ، واخرى زرع خنجر في مسيرة الاصلاح التي يعلق عليها الكثيرون الآمال .
لله درك يا وزير التعليم العالي كم كنت - وما زلت – حملا ثقيلا على رقاب الفاسدين اصحاب الاجندات المشبوهة الذين تلطخت ايديهم بالسرقة والاستغلال للمال العام والوظيفة العامة ، وبحمد الله لم يكن التغيير المزعوم سوى زوبعة في فنجان من لدن اولئك الفئة المرتجفة والفاسدة ، وحسنا فعل دولة رئيس الوزراء عندما استبعد التغير على رأس وزارة التعليم العالي وهو ما يحسب له في مسيرة الاصلاح والتغيير من جهة ، ورسالة للجميع ان مسيرة الاصلاح في التعليم العالي مستمرة الى تحقيق اهدافها بإذن الله من جهة اخرى . قد اتحفظ على بعض القرارات لكني ارى ومن خلال اختيار دولة رئيس الوزراء لكادره الوزاري انه يحمل رغبة بالإصلاح وانه داعم للتغير والمحاسبة واختيار الافضل ، لكن المسيرة طويلة وشاقة ومشوار الالف ميل يبدأ بخطوة ارى ان رئيس الوزراء – على الاقل في مجال التعليم العالي – خطى بها خطوات عبر دعم واستمرارية وزير التعليم العالي ، وكلي امل ان تستمر المسيرة باختيار رؤساء جامعات اكفاء قادرين على حمل المسؤولية وغل يد الفساد والمفسدين واحقاق الحق واعادة المظلومية لكل من ظلم وتسليم المناصب وفقا لمعيار الكفاءة فحسب ، ونصيحتي هنا ان يكون رئيس كل جامعة من اعضاء هيئة التدريس فيها لنا اهل مكة ادرى بشعابها فهو يعلم متطلبات العلمين واعضاء هيئة التدريس فيها ، ويعمل اغلب المدراء فيها وادرى بكيفية استلامهم منصبه ، فقد يأتي رئيس من خارج الجامعة فتلتف عليه تلك الزمرة الفاسدة ولا تصله الصورة الحقيقة وندخل مرة اخرى في دوامة التغيير الجراحي غير المحمود .
حمى الله هذا الوطن بجهود جميع ابنائه وفي ظل صاحب الجلالة الملك عبد الله حفظه الله ورعاه .