ثورة الممرضين البيضاء
فراس عوض
جو 24 :
لا يكاد يمر يوم، لا يتذمر قيه ممرض او ممرضة، لما يكتنفه من معاناة، تنغص عليه، وهذه المعاناة ،بلا شك، ثلاثية الابعاد، فهي ذات بعد اقتصادي واجتماعي ومهني، بدورها تنعكس على انتاجيته ونشاطه و مزاجه ايضا، وعلى الاداء العام في المؤسسة.
من هنا، يبرز توق كبير لدى الممرضين للتغيير، واستعادة الطاقة المسلوبة والمهدورة، ليتجدد النشاط، شاهدنا خلال الفترة الماضية، حراك مطلبي مبارك، قاده خيرة من موظفي وموظفات الصحة، ومنهم ممرضات و ممرضين، من اجل تحسين اوضاعهم المعيشية والاجتماعية، وهذا جهد يقدر، بطبيعة الحال.
اليوم ونحن مقبلون على دورة انتخابية جديدة لنقابة الممرضين، التوق للتغيير يتصاعد بوتيرة اكثر نضجا، فثمة اصوات تتعالى و تنادي بضرورة التغيير، و ضرورة ضخ دماء جديدة في عروق نقابتهم، بوصفها المظلة الشرعية الاهم لهم، اذ لا يمكن ان يتأتى التغيير، دون عمل ممنهج ومنظم، لكي يتم تجاوز احباط عقود مضت، لم تعود بمردود، يحقق طموح الممرضين، او ينعكس عليهم و على اوضاعهم ومكانتهم اجتماعيا واقتصاديا ومهنيا، وان هذا الاحباط السائد، لن يعود عليهم الا بمزيد من التراجع، وان التذمر وجلد الذات، لا يجدي ولا ينفع، وان لعن النقابات، والنقم والعداء لها، لا يغير من الواقع الهزيل والفقير شيئا على الاطلاق، وان التغيير الذي نرنوا له، لا تؤتى ثماره بالابتعاد عن النقابات، ذلك الحصن الاخير لمنتسبيها، وان كان ثمة كسل وخمول وجمود في النقابات، فاساسه مجالس نقابات تعاقبت عليها، وليس النقابة بذاتها، فلم تقدم تلك المجالس المطلوب و المأمول؛ من هنا، فان التغيير الجذري، مقرون بتشكيل كتل وازنة، ممثلة لاكبر شريحة من الممرضين والممرضات، لها برامج قابلة للقياس والتطبيق، ثم اختيار الانسب، وفق معيار الكفاءة والامانة والقوة، والتوق للتضحية وانكار الذات، وتغليب المصلحة المهنية العامة، على اي مصالح ذاتية، وهذا الاختيار، مشروط بتكوين ارادة ذاتية للممرضين والممرضات والقابلات، وايمان عميق، وسعي حثيث للاختيار المناسب؛ فالتغيير المنشود، لا يأتي اطلاقا، على طبق من ذهب، لا اقتنع بفكرة ان ممرض او ممرضة ناقم على نقابته، وفي الآن ذاته، لا يتابع شؤونها، ولا يساهم باختيار من يمثله، ولا يمارس حقه، لا بالانتخاب ولا بالترشح ولا بحضور اجتماعات الهيئة العامة، المناط بها، الرقابة والمسائلة على من تم انتخابهم! بربكم، كيف سنغير هذا الواقع البائس، باللعن والنقم والنضال الفيسبوكي، والتغريد من بعيد؟! بالطبع لن نغير، وبالطبع، لن نغير باستحضار الماضي، في كل مرة، فنبني فشلا فوق فشل، واحباطا فوق احباط، وهنا نقول، ان الباب لا يزال مواربا، والفرصة لا تزال سانحة، والتغيير يتأتى أولا بالارادة والتوق له، ولن تكون هناك نقابة قوية، دون مجلس قوي، واختيار واع، وهذا الاختيار، يعين علينا، تكثيف المشاركة بانتخابات تفرز الافضل والاصلح، ولا يقف الامر عند هذا فحسب، بل يتعداه الى الاستمرار بالرقابة على من تم انتخابهم، ومسائلتهم ومحاسبتهم و نقدهم، ومتابعة ما تم تنفيذه وما لم يتم، كي يستمر التغيير والتبديل في كل جولة انتخابية، وغير ذلك، فلا خيار للممرضات والممرضين، الا بالانكفاء والانبطاح واالبكاء والعويل، وهذا ما لا نريده مطلقا، فلا يجب الخمول و ترك الساحة للعبث، لاننا بانبطاحنا، سنكون السبب وراء مزيدا من حالة التردي والتشرذم، بل وجزء منها، و سيعقب ذلك ،فقدان مزيدا من الحقوق، والعودة الى المربع الاول.
الآن، ونحن على مقربة من استحقاق انتخابي قادم، مطلوب منا، رص الصفوف، والتكاتف من اجل التغيير ونهضة نقابتنا، وضرورة تسديد رسوم الاشتراك السنوي، خلال هذه الفترة ، كي يتسنى لنا اختيار القوي الامين، من اجل التغيير، من اجل تحصيل حقوقنا المسلوبة؛ والتي سلبت، بابتعادنا فترات طوال عن النقابة، فلا يجب علينا ان نتخندق في عالم افتراضي بائس، نفرغ فيه غضبتنا، و نرثي حالنا، ولا نحرك ساكنا، فلا تغيير دون عمل، فلنكن اداة لتغيير قادم، و طليعة لثورة بيضاء، وقودها الارادة والتصميم و الثقة، ف"إن الله لا يغير ما بقوم، حتى يغيروا ما بانفسهم" "وكما تكونوا، يولى عليكم".