معالم ورقة اصلاحية
فراس عوض
جو 24 :
تتجلى معالم الإصلاح في حدها الأدنى وفق المعطيات الراهنة، بأن لا بديل عن الديموقراطية لحل ازماتنا المتتالية ومن أجل اعتمادنا على ذاتنا، من خلال نهج سياسي ديموقراطي يفعل مبدأ الشعب مصدر السلطات، ربما الحراك الشعبي يلتقي مع الاحزاب وباقي المكونات في نقطة وسط لأجل ذلك.
فأما "نهج الاعتماد على الذات" يتم بالاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة كالشمس والرياح و غير المتجددة المحلية كالصخر الزيتي، و تخفيف الاعتماد على الوقود الثقيل الخارجي فنصف ميزانيتنا ندفعها على فاتورة الطاقة، نحتاج إلى تنمية ودعم الصناعة المحلية وصولا لزيادة الصادرات ، وجذب واستقطاب المستثمرين الأردنيين من الخارج و العقول والادمغة المهاجرة، وإغداق المال على البحث العلمي الذي تتوائم مخرجاته مع حاجات التنمية ، والعمل الجاد على تنشئة الأجيال بابعادها الثلاثية "العلمية النقدية الأخلاقية" في الأسرة والمدرسة والجامعة، من أجل الاستثمار بالإنسان. نحتاج لدعم المرأة والشباب بشكل خاص، وتكثيف دمجهم في العملية التنموية ، لا أتحدث عن احلام، وذلك يتطلب وقت طويل بطبيعة الحال، لكنه ممكن جدا، لا بد من توفير أرضية صلبة واساسات متينة لذلك، العنصر الأهم لتلك الأساسات هو تغيير في النهج السياسي، وهنا اتحدث عن" الشق الديموقراطي"، النهج السياسي الدائري القائم بتغيير و تبديل الحكومات لا يتعدى أكثر من نهج باعادة تدوير الأشخاص والترقيع الذي يؤدي الى النهج الاقتصادي ذاته، والدوران في حلقة مفرغة، دعونا نجمع على تغيير النهج السياسي ذاته من خلال اصلاحه واستبداله بنهج ديموقراطي يحقق مبدأ تداول السلطة من خلال حكومات برلمانية مبدئيا، نقطة التحول تبدأ بتطوير قانون الانتخاب لإنتاج قانون أكثر عدالة وشمولا و تمثيلا لأحزاب تتبنى برامج اقتصادية جديدة، ويحقق ايضا تمثيلا لبقية مكونات المجتمع غير الحزبية، فهذا ما تقتضيه التعددية والديموقراطية، ذلك يقودنا إلى افراز مجلس نيابي جديد يمهد الطريق نحو تعديلات دستورية، تنبثق عنها حكومات برلمانية، تشكل من كتل أغلبية برلمانية وازنة ، كحل وسط بين الوضع الحالي و الملكية الدستورية مستقبلا ، تماشيا مع السقف الجماهيري المطلبي الحالي الذي يتوق الى تغيير النهج وفق تصوره الحالي، و الذي لا يبتعد كثيرا عن هذا المطلب، كلما تحسن النهج السياسي، تحسن النهج الاقتصادي، ومن ثم يتحسن النهج الاداري، اساس النهج الاقتصادي هو اصلاح النهج السياسي ك" باكيج" كامل ( سلطة تشريعية قوية، حكومات برلمانية برامجية تنبثق عنها ، سلطة قضائية منتخبة )، لن يكون هناك تغيير حقيقي في ذهنية البرلمان دون وجود أحزاب وتيارات بكتل وازنة كاستحقاق تمثيلي ديموقراطي، لطالما قانون الانتخاب الحالي ومنتجاته يقصي و يحجم الاحزاب والمرأة والشباب ويبعدهم عن المشاركة السياسية، ما أدى إلى اضعافهم وتشرذمهم ، إضافة للتشريعات الأخرى المساندة وعلى رأسها قانون اللامركزية والبلديات والأحزاب، تطوير و زيادة صلاحيات المركزية و استقلالها المالي، تطوير اللامركزية يعني التخفيف من عدد نواب الخدمات ليكون مجلس نواب متفرغ رقابيا وتشريعيا أكثر، وكذلك الأمر بتطوير قانون انتخاب البلديات بدمج بلديات ودوائر لافراز بلديات أقوى تؤدي خدمات أفضل، وقانون الأحزاب بما يعتريه من عوار. ربما تظهر بوادر التغيير باستمرار وجود حراك ضاغط مستمر للنأي عن تيار عكسي عميق يفرمل عملية الإصلاح السياسي التي عصبها قانون انتخاب عادل ، ثم إجراء انتخابات جديدة بقانون جديد، وسيحتاج المجلس الجديد ايضا سنة او اكثر على الأقل لاجراء تعديلات دستورية تنبثق عنها حكومات برلمانية على أقل تقدير تمهد الطريق لملكية دستورية على الأمد الطويل . .
المعتقلين.
لكن، و في خضم إدراج قائمة القوانين من قبل رئاسة النواب مؤخرا، حوالي ستين قانون، على جدول اعمال الدورة العادية الرابعة و الاخيرة لمجلس النواب، تم إقصاء قانون الإنتخاب والاحزاب واللامركزية والبلدية من اولويات المرحلة ، وهذا يدلل ان صانع القرار ليس لديه نية للإصلاح السياسي المتمثل بحد ادنى بتعديل قانون الانتخاب، الذي يمثل عصب الحياة السياسية في النظام السياسي!
أهمية كل ذلك ضمن المعطيات الحالية، مقرون بتحرك جدي من قبل الاحزاب والحراك الوسطي ومؤسسات المجتمع المدني ومن يؤمن بالفكرة، بالضغط باتجاه المطالبة بادراج القوانين الناظمة للحياة السياسية وعلى رأسها قانون الانتخاب، على جدول اعمال الدورة العادية القادمة لمجلس النواب، قبل مصادقة الملك على جدول أعمالها ، وإلا، فاسقاط الحكومة ومجلس النواب برمته سيقترب ان لم يتحقق اي من ذلك، يتبعها فقدان ثقة شديد بالاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، تلك الخطوات اقل كلفة من اسقاط الحكومة والمجلس، فلن تأتي حكومة ولا مجلس افضل ضمن المعطيات سوى باصلاح منظومة القوانين السياسية تمهيدا لاصلاح النهج السياسي برمته، فلا وقت للانتظار.
اتمنى من الاحزاب وباقي المكونات ومن يؤمن بالفكرة ان يتبنى الورقة، كخارطة طريق لمرحلة مقبلة بجلوس الجميع على طاولة حوار للتحضير لتحديد مطالب المرحلة بوضوح والخروج من حالة الاحباط وفقدان الأمل السائدة في المجتمع.