بعد حروب أميركا – 2
وقفنا عند حروب اميركا التسع منذ انهيار جدار برلين، وعقيدة الاخضاع العسكري التي مارستها ادارة القطب الواحد، وانهيار الاقتصاد الاميركي بسبب الانفاق المجنون الذي صاحب الحروب المجنونة.. فكانت ردة الفعل الاميركية الداخلية انتخاب باراك اوباما الذي اعلن دون تردد ان علاقاته بالعالم لن تكون علاقات حروب.
كنا بانتظار خطاب الرئيس الاميركي للكونغرس، فبديل سياسة الحروب لا يمكن ان تكون هي اللاحرب وكفى. وقد لاحظت مجلة «تايم» الاميركية، انه اعطى هذه السنة 13 فقرة من 88 فقرة من الخطاب للسياسة الخارجية وانه اعطى العام الفائت 7 فقرات من 111، لكن هذه الملاحظة لا تساوي شيئاً، «فاوباما دوكترين» ما يزال لم يتحدد بعد، وان كان واضحاً ان الرجل يضع الاقتصاد على اولى اهتماماته الداخلية، وواضح ان وزير خارجيته قال بصراحة في لجنة التثبيت في الكونغرس: ان سياسة اوباما الخارجية هي ايضاً سياسات اقتصادية (تجارة حرة مع اوروبا والباسفيك وشراكة مع اسواق آسيا). ولعل من المفارقة ان العقوبات التي يفرضها على الدول المشاكسة بقيت عقوبات اقتصادية: مع ايران ومع كوريا الشمالية ومع سوريا.
ان الانسحاب العسكري الاميركي من العراق كان أشبه بالمفاجأة، وكان اصدقاء اميركا في العراق وفي شبه الجزيرة العربية يقولون ان اوباما سلّم العراق لايران، وها هو الرجل يعلن امس سحب 34000 جندي اميركي من افغانستان حتى نهاية هذا العام!!.
في خطابه الى الأمة من الكونغرس، لم يشر بقليل او كثير للسياسة الاميركية الخارجية بشكل واضح رغم طابعها الاقتصادي!! مثلاً لم يتحدث عن الارهاب!! ولم يُشرْ الى سلام الشرق الاوسط، ولا الى سوريا، ولا حتى الى ايران، بقوله: اننا لم نعد بحاجة الى ارسال ابنائنا وبناتنا في الجيش للقتال، او لاحتلال بلد ما، نحن بحاجة الى تقديم المعونة لدول مثل ليبيا واليمن وصوماليا لمقاتلة القاعدة!!.
امس، اعلنت شركات الطيران الاميركية والاوروبية الاندماج في شركة واحدة، موجوداتها تقدر بـ 11 مليار دولار!!.
ولنتذكر: سوق حرة مع اوروبا والباسفيك، وشراكة مع آسيا، وآسيا تعني دون تردد الصين والهند.
اين نحن في علاقاتنا مع اميركا؟ في علاقاتنا الاقتصادية اولاً وآخراً؟
لعل المطلوب من اغنياء العرب ان يجيبوا فنحن في الاردن عقدنا من زمان على حفر حجم سوقنا وتصديرنا تحالفنا مع التجارة الحرة الاميركية والاوروبية، فقد ادركنا منذ حرب العراق ان العهد الاميركي الجديد لن يتعامل في سياسته الخارجية بالحرب!! واوباما سيكون عندنا وفي فلسطين واسرائيل فقط هذا الشهر. فقد اختار – كما يبدو – اولوية نرجو ان يدركها المعنيون.. فلا تكون المبادرات الجادة.. فرصاً ضائعة!!
(الراي)