الملك في الهند.. الصورة والتفاصيل.
أكثر ما يلفت الإنتباه في عمالقة آسيا الجدد هو إستثمارها الفعال للقوى البشرية فهي العمود الفقري لإقتصادياتها ولصادراتها ولتفوقها العالمي.
يقرأ الملك تفاصيل هذه الصورة وقد حرص على أن تكون ماثلة أمام المسؤولين في القطاعين العام والخاص المرافقين في زيارته التاريخية الى الهند، هذه فرصة لم تكن لتتوفر لهم لولا المكانة الرفيعة التي يحظى بها جلالته في تلك الدولة الكبيرة فقد مهد جلالته الطريق وما بقي هو قطف الثمار.
الثمار كثيرة وقطفها يتطلب جهد مضاعف لكن نصف هذا الجهد قطعه الملك بنفسه ولا مكان للتردد ولا مجال للتقاعس، لكن لماذا الهند ؟.. لأنها حاليا في المرتبة السابعة في الإقتصاد العالمي، وسترتقي للمركز الخامس في 2018، وستقفز للمرتبة الثالثة بحلول 2032، و ستصل لمرتبة أكبر اقتصاد في العالم في وقت ما في النصف الثاني من هذا القرن.
وأيضا في الصورة التي أراد الملك أن يراها الأردنيون هي التوظيف الصحيح للتعددية من عوامل للتفرقة والإحتراب الى عوامل للنجاح فالهند تتألف من أعراق وأديان ولغات كثيرة وهذا التنوع والتمايز كان من أهم روافع النهوض الإقتصادي ، في مقابل دول عربية تتحدث لغة واحدة بتاريخ وإرث حضاري واحد ، لكنها لم تتمكن من بناء اقتصاد فعال ومنتج.
في مواجهة هذه الصورة بكل تفاصيلها، كل ما يتعين على المؤسسات الرسمية والأهلية عمله هو إلتقاط الفرصة وأخذ زمام المبادرة ، فليس من أرضية أفضل ولا من فرص أكبر تلك التي أتاحها حضور الملك في المعمورة والهند أخيرا وليست أخرا.
لا مجال للتهاون ولا مبرر للتباطؤ وليس مقبولا اليوم إستدعاء العراقيل والتذرع بالظروف. فالفرص جاءت على طبق من ذهب وما عليكم سوى البناء على ما تم.
ماذا تريدون أكثر من هكذا جهد تستثمروه.. لا مكان لمن يتقاعس ومن يفعل يجب أن يحاسب ليس لأنه تقاعس فقط بل لأنه فوت على البلاد فرصة بينما تواجه البطالة وصعوبة الظروف لا بل أزعم أنه جزء من تردي الظروف وسببا لها.
حماس الملك وجهده لم يتوقفا لجذب الإستثمارات الخارجية وتحفيز الوطنية ، فالقناعة لم تتغير بأن الإستثمار هو الحل لغالبية المشاكل الإقتصادية والإجتماعية حتى أن دولا كثيرة تطلق على المستثمر صفات أخرى مثل «مستحدث فرص العمل « للدلالة على أهمية الإستثمار في توفير فرص عمل كمهمة رئيسية له.
يشعر الملك أن وتيرة جذب الإستثمارات الخارجية لا تسير وفق الأهداف، لذلك فهو يتصدى لهذه المهمة بنفسه، وقد حذر من أن من يضع العقبات أمام جذب الاستثمار سيطرد لأنه ساهم في حرمان مئات من العاطلين عن العمل ومثلهم من تحسين ظروفهم ، وعلى جميع المستويات بمن فيهم الوزراء وقد لاحظ جلالته أن عملية جذب الإستثمار وتحسين بيئته تسير خطوتين للأمام وخطوة للخلف.
عندما يقوم الملك بالترويج للأردن في الخارج، يجب أن يضمن بأن هناك جهازا إداريا في المؤسسات قادرا على العمل بفعالية وأمانة، ودون تردد للتعامل مع المستثمرين بالصورة الأمثل لأن الاقتصاد القوي يولد موقفا سياسيا قويا , هذه هي مضامين رسائل توحي بما يسعى الملك لأن يفعله.
من ينتظر تساقط الدولارات من السماء يعرف أن ذلك لن يحدث فما يجلب الدولارات هو الإنتاج ، فلم يعد الدعم المجاني موجودا في قواميس المجتمع الدولي ولا حتى في أجندة الأشقاء، ما نحتاجه هو استثمار حقيقي ودعم لخطط وبرامج محفزة.
qadmaniisam@yahoo.com