ليفني إذ تقود المفاوضات..وعلى الأرض السلام؟!
آخر ما جادت به عقلية المترنح صوريا أمام الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما،وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو ،هو تعيين رئيسة حزب " الحركة " الجديد في "إسرائيل" /وزيرة العدل في حكومة نتنياهو،كبيرة للمفاوضين الإسرائيليين،ومسؤولة عن ملف السلام في الحكومة الإسرائيلية.
لاقى هذا التعيين إسرائيليا وفلسطينيا ردود أفعال متناقضة،فحركة حماس إنتقدت تعيينها ليس لشيء إلا لأن يديها مخضبة بالدم الفلسطيني ،وكان غيرها إنما يقدم الورود للشعب الفلسطيني.
اما الرئاسة الفلسطينية فرحبت بهذا التعيين على لسان مستشار الرئيس نمر حماد الذي "أكد"أن السلطة الفلسطينية لا تتدخل بالشأن الإسرائيلي ،واصفا هذه الخطوة بأنها شأن إسرائيلي داخلي.
بدورها شككت الصحف الإسرائيلية وسياسيون من الوسط واليسار ومن حزبها أيضا بهذا القرار ،وقالوا أنها سياسية صغيرة ومنافقة وتدعي نظافة اليد وغير ذلك ،وقالوا أيضا أنها أصبحت ورقة بيد نتنياهو.
دافعت ليفي كثيرا عن نفسها وبررت تحالفها مع نتنياهو التي وصفته قبل ذلك ،بأنه القائد الذي سيجلب الكوارث على إسرائيل،وجاء في دفاعها أن هذا التحالف جاء على قاعدة تعهده بمفاوضات جادة مع الفلسطينيين ،وأنها ستكون الوزيرة الوحيدة التي ستفاوض الفلسطينيين.
كل ذلك رغم أهميته في الميزان السياسي لا يهم كثيرا ،لأن الأهم في الموضوع هو كيف سيقابلها كبير المفاوضين الفلسطينيين د.صائب عريقات ،وجها لوجه ،وهي التي "إتهتمه" بممارسة الجنس معها وأنها قامت بتصويره؟
هنا تكمن الطامة الكبرى،والسؤال :هل حقا ستجرى مفاوضات جادة بين السلطة الفلسطينية التي لا تملك من أمرها شيء ،لتخلي العرب والمسلمين والمجتمع الدولي عنها،وبين حكومة نتنياهو التي لا تؤمن بما يسمونه جزافا السلام؟
هذا السؤال يقودنا إلى سؤال آخر وهو:لماذا جنح نتنياهو فجأة للسلام وإعتمد تسيبي ليفني مفاوضته الوحيدة؟
الجواب على ذلك يكشف المستور الذي ما عاد مستورا،فقد قرر اليميني نتنياهو المصدوم بصدمتين الأولى عدم حصول قائمته على فوز ساحق يؤهله لتشكيل حكومة على مزاجه اليميني،والثانية إعادة إنتخاب الرئيس الأمريكي أوباما لولاية ثانية ،والأخطر من ذلك أنه –أي الرئيس أوباما -سيكون خارج نطاق ضغوطات اللوبي اليهودي المؤيد لإسرائيل.
ولأنه ذو عقلية تجارية كونه أصلا رجل أعمال ترعرع في أمريكا ،فقد أجرى عملية حسابية ،إعتمدها لتكون الوسيلة الوحيدة لمواجهة خصمه اللدود الرئيس اوباما ،لأنها ستكون ذات فاتورة بسيطة وبها أقل الخسائر.
ليفني وكما هو معروف عنها محسوبة على التيار الأمريكي في إسرائيل ومرغوبة أمريكيا مع آخرين بطبيعة الحال،وهذا ما أهلها لتكون حليفة نتنياهو ووزيرة عدله في حكومته الجديدة ،بمعنى أنه سيواجه الرئيس أوباما في ولايته الثانية وخلال زيارته المقبلة ببضاعة إسرائيلية تحمل الصبغة النتنياهوية،لكنها تحمل "الليبل" الأمريكي .
هذا يعني أن نتنياهو أعمل عقله التجاري ووظف فهمه للعقلية الأمريكية للخروج من المأزق ،وسوف لن يسمح بأي حلحلة في الوضع المتجمد مع الفلسطينيين،لأنه يعلم تماما أنه لو غامر بشيء من هذا القبيل ،فسيجد نفسه عاجزا عن مواجهة اليمين والمستوطنين الذين إنتخبوه ،فهو يعلم جيدا أنه ليس حاكما في دولة عربية ،يبيع الحاكم فيها البلاد فيخرج له العباد يهتفون بحياته.
ستطول المفاوضات الفلسطينية –الإسرائيلية ،وسيستمر الإستيطان والتهويد ،وسيعود المفاوض الفلسطيني بخفي حنين ،لأن الفريق المفاوض الفلسطيني الأول الذي قاد مفاوضات سرية وضم كلا من أحمد قريع وحسن عصفور ،كتبا في برقيتهما التي أرسلاها إلى القيادة الفلسطينية من إستنابول في عهد السفير د.ربحي حلوم، أن الجانب الآخر لن يعطينا أكثر من " قن دجاج في باحة البيت الإسرائيلي."