هل نحن محكومون بأمر جون كيري؟
لميس أندوني
جو 24 : تصريحات وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بأن على مصر توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، هي أصدق تعبير، لرسالة، أو أوامر السيد الأمريكي إلى جميع الأنظمة والحكومات العربية - وتدحض كل الادعاءات بأن الصندوق مجرد مؤسسة إقراض دولية، لكنه في الواقع أهم الأذرع "غير العسكرية"، لربط الدول والشعوب بالسياسات الغربية.
فلا عجب أن تتزامن أقوال جون كيري، مع رفض الحكومة الأردنية التراجع عن إجراءات رفع الدعم عن المشتقات النفطية والإصرار على الاستمرار فيها؛ فالمطلوب غربياً واضح، لكن كيري نقل ما يقوله المسؤولون الغربيون في الغرف المغلقة للمسؤولين العرب وغير العرب، إلى العلن، مع أن حكاية صندوق النقد ،معروفة ومفضوحة، في كل مناطق العالم من أمريكا اللاتينية، وشرق آسيا وإفريقيا، وما بينها.
الدكتور عبدالله النسور، يقول ان العودة عن الإجراءات سيكلف الخزينة 700 مليون دينار عجزاً إضافياً، لا أعرف عن دقة المعلومة، لكن المشكلة في المنطق الذي يعتبر سياسات الدعم السبب الرئيسي للعجز المالي، ويتجاهل متعمداً الهدر في النفقات، و لم يحاول زيادة دخل الدولة من موارد موجودة أصلاً، لكنها موارد مستباحة إما بسبب عمليات الخصخصة، أو الفساد أو لغياب القوانين التي تسمح للدولة باستعادة بعض حقوقها في هذه الموارد أصلاً.
المنطق المرفوض هو نفسه الذي حمل ويحمل الفئات الشعبية الأوسع وزر أخطاء وخطايا الحكومات، ويطالب الفقير بدفع فاتورة إثراء فئة ضيقة والحفاظ على نفوذها ورفاهيتها ،لأن كل الحلول البديلة تضرب مصالح الحلقة الضيقة المستفيدة، ومثال ذلك تأجيل إلى أجل غير مسمى قرار دمج الهيئات المستقلة، لأن في ذلك "حرمان" المتنفذين وأبنائهم من رواتب عالية، أغلبها غير مبررة، ولأن لا ضير من حرمان الفقير، إذ أنه في عرفهم هو متعود على الحرمان أصلاً.
حجج الحكومة الأردنية، والحكومات التي سبقتها، ليست بفريدة، وليست أردنية، فجميع الفئات التي استفادت من سياسات صندوق النقد الدولي، في الدول المختلفة، تردد هذه التبريرات، لأن سياسات اللبرلة الاقتصادية تخلق شرائح اقتصادية اجتماعية، تعتبر المؤسسات المالية الدولية، ومن خلفها من حكومات غربية، هي مرجعية، و ضمانة استمرارها، لأن هذا هو جوهر تعميق التبعية الاقتصادية والسياسية.
لذا كان رد الدول الغربية الأوضح على الثورات العربية، أن سارعت إلى عقد اجتماع قمة لمجموعة الثماني في دوفيل في فرنسا، في أيار 2011، داعية له مسؤولين من مصر وتونس، هدف إلى تقديم صندوق النقد الدولي، " كشريك استراتيجي " لأنظمة ما بعد الثورات العربية، وذلك لمساعدتها في" بناء اقتصاد قوي"، وفقا للوصفة الشهيرة ذاتها.
ثم تلا ذلك مؤتمر حول "الربيع العربي"، دعا إليه صندوق النقد الدولي في واشنطن، وشارك فيه عدد من قيادات انتفاضات تونس ومصر واليمن، كان مثابة حملة دعائية ، "لتثبيت هذه الشراكة"، ولم تأبه قيادة الصندوق، بالنقد وحتى بالهجوم، الذي شنه بعض المشاركين، لسياساتها، لأن المطلوب كان وجود هؤلاء أمام الكاميرات العالمية، واستغلال ذلك لإطلاق بيان مُعَد سلفاً، يعلن فيه أن على جميع دول "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إنهاء الدعم الحكومي عن السلع والطاقة بنهاية عام 2012".
الدول الغربية تكرمت بتقديم المهلة إلى منتصف العام الحالي، على أمل أن ينجح، التدرج في رفع الأسعار في امتصاص النقمة الشعبية، أما لمصر فحكاية شبيهة: فلم تمانع واشنطن قرار الرئيس محمود مرسي بتجميد قرار فرض ضرائب جديدة ورفع الأسعار، قبل أقل من أسبوع على موعد الاستفتاء على مشروع الدستور، لاحتواء غضب الشارع المحتد أصلا، على أن يباشر في تنفيذ الاجراءات بعد نتائج الاستفتاء.
لكن الحال في مصر لم تهدأ، والقرار ظل مجمداً، فإذا بوزير الخارجية يصدر أوامره وبالعلن هذه المرة، وهي تهديد ضمني إلى حكومات المنطقة كلها، لا لمصر فقط لأن واشنطن لا تعرف الفرق بين حليف أو عدو في مسألة تعتبر من أهم مرتكزات سياستها ونفوذها.
قد تكون الحكومات خائفة لكن ماذا عن النخب المعارضة، سواء من داخل النظام أو خارجه، فَلِمَ لا تقول كلمتها ، وبشكل موحد وواضح وصريح ،لمواجهة هذه السياسات؟ هناك قلة تتحرك والباقي ينتظر لست متأكدة ماذا ومن ؟ومن يمثل صوت المغبون ؟ إلا إذا كنا كلنا محكومين بأمر كيري .العرب اليوم
فلا عجب أن تتزامن أقوال جون كيري، مع رفض الحكومة الأردنية التراجع عن إجراءات رفع الدعم عن المشتقات النفطية والإصرار على الاستمرار فيها؛ فالمطلوب غربياً واضح، لكن كيري نقل ما يقوله المسؤولون الغربيون في الغرف المغلقة للمسؤولين العرب وغير العرب، إلى العلن، مع أن حكاية صندوق النقد ،معروفة ومفضوحة، في كل مناطق العالم من أمريكا اللاتينية، وشرق آسيا وإفريقيا، وما بينها.
الدكتور عبدالله النسور، يقول ان العودة عن الإجراءات سيكلف الخزينة 700 مليون دينار عجزاً إضافياً، لا أعرف عن دقة المعلومة، لكن المشكلة في المنطق الذي يعتبر سياسات الدعم السبب الرئيسي للعجز المالي، ويتجاهل متعمداً الهدر في النفقات، و لم يحاول زيادة دخل الدولة من موارد موجودة أصلاً، لكنها موارد مستباحة إما بسبب عمليات الخصخصة، أو الفساد أو لغياب القوانين التي تسمح للدولة باستعادة بعض حقوقها في هذه الموارد أصلاً.
المنطق المرفوض هو نفسه الذي حمل ويحمل الفئات الشعبية الأوسع وزر أخطاء وخطايا الحكومات، ويطالب الفقير بدفع فاتورة إثراء فئة ضيقة والحفاظ على نفوذها ورفاهيتها ،لأن كل الحلول البديلة تضرب مصالح الحلقة الضيقة المستفيدة، ومثال ذلك تأجيل إلى أجل غير مسمى قرار دمج الهيئات المستقلة، لأن في ذلك "حرمان" المتنفذين وأبنائهم من رواتب عالية، أغلبها غير مبررة، ولأن لا ضير من حرمان الفقير، إذ أنه في عرفهم هو متعود على الحرمان أصلاً.
حجج الحكومة الأردنية، والحكومات التي سبقتها، ليست بفريدة، وليست أردنية، فجميع الفئات التي استفادت من سياسات صندوق النقد الدولي، في الدول المختلفة، تردد هذه التبريرات، لأن سياسات اللبرلة الاقتصادية تخلق شرائح اقتصادية اجتماعية، تعتبر المؤسسات المالية الدولية، ومن خلفها من حكومات غربية، هي مرجعية، و ضمانة استمرارها، لأن هذا هو جوهر تعميق التبعية الاقتصادية والسياسية.
لذا كان رد الدول الغربية الأوضح على الثورات العربية، أن سارعت إلى عقد اجتماع قمة لمجموعة الثماني في دوفيل في فرنسا، في أيار 2011، داعية له مسؤولين من مصر وتونس، هدف إلى تقديم صندوق النقد الدولي، " كشريك استراتيجي " لأنظمة ما بعد الثورات العربية، وذلك لمساعدتها في" بناء اقتصاد قوي"، وفقا للوصفة الشهيرة ذاتها.
ثم تلا ذلك مؤتمر حول "الربيع العربي"، دعا إليه صندوق النقد الدولي في واشنطن، وشارك فيه عدد من قيادات انتفاضات تونس ومصر واليمن، كان مثابة حملة دعائية ، "لتثبيت هذه الشراكة"، ولم تأبه قيادة الصندوق، بالنقد وحتى بالهجوم، الذي شنه بعض المشاركين، لسياساتها، لأن المطلوب كان وجود هؤلاء أمام الكاميرات العالمية، واستغلال ذلك لإطلاق بيان مُعَد سلفاً، يعلن فيه أن على جميع دول "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" إنهاء الدعم الحكومي عن السلع والطاقة بنهاية عام 2012".
الدول الغربية تكرمت بتقديم المهلة إلى منتصف العام الحالي، على أمل أن ينجح، التدرج في رفع الأسعار في امتصاص النقمة الشعبية، أما لمصر فحكاية شبيهة: فلم تمانع واشنطن قرار الرئيس محمود مرسي بتجميد قرار فرض ضرائب جديدة ورفع الأسعار، قبل أقل من أسبوع على موعد الاستفتاء على مشروع الدستور، لاحتواء غضب الشارع المحتد أصلا، على أن يباشر في تنفيذ الاجراءات بعد نتائج الاستفتاء.
لكن الحال في مصر لم تهدأ، والقرار ظل مجمداً، فإذا بوزير الخارجية يصدر أوامره وبالعلن هذه المرة، وهي تهديد ضمني إلى حكومات المنطقة كلها، لا لمصر فقط لأن واشنطن لا تعرف الفرق بين حليف أو عدو في مسألة تعتبر من أهم مرتكزات سياستها ونفوذها.
قد تكون الحكومات خائفة لكن ماذا عن النخب المعارضة، سواء من داخل النظام أو خارجه، فَلِمَ لا تقول كلمتها ، وبشكل موحد وواضح وصريح ،لمواجهة هذه السياسات؟ هناك قلة تتحرك والباقي ينتظر لست متأكدة ماذا ومن ؟ومن يمثل صوت المغبون ؟ إلا إذا كنا كلنا محكومين بأمر كيري .العرب اليوم