jo24_banner
jo24_banner

منطقة عازلة أو توريط عسكري في سورية؟

لميس أندوني
جو 24 : الحديث عن إقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية ليس جديدا، فهو جزء من التفكير في تجزئتها، لكن أن يتبنى مسؤولون أردنيون الفكرة، ندخل هنا في الانخراط في أجندة جديدة وغريبة.
لا أحد يقلل من تبعات تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، بما يعنيه من ضغط على الموارد الطبيعية، وسوق العمل المتقلص أصلاً، لكن إنشاء منطقة عازلة لا يمكن أن يكون اقتراحاً أردنياً، بل يبدو أن هناك من يحاول إقناع الأردن أنه الحل الأفضل لمعضلة التعامل مع الهاربين من أتون الحرب الداخلية شمال الحدود.
بادئ ذي بدء، لا يمكن إقامة شريط عازل من دون عملية عسكرية ولو محدودة، وذلك لا يعني فقط زج الأردن في معركة، بل أن القيادة ستكون للغرب، خاصة للأمريكيين، خدمة لأجندتهم وليس من قبيل مساندة أو مساعدة للأردن.
النقاش الدائر في أمريكا، يعكس قلقا متزايدا، ورغبة متعاظمة في الإحكام على السيطرة على مستقبل سورية، في ظل تعدد اللاعبين على الساحة، فالفوضى مقبولة ومرحب بها، بشرط أن لا تكون خارج الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة.
الدوائر الصهيونية في واشنطن تسعى إلى إسقاط النظام، لكنها لم تحدد الجهة الأقوى التي يجب أن يوجه الدعم العسكري والمالي السياسي بشكل كامل إليها، فقد استنتج باحثون من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى المعلن في صهيونيته، بعد رحلة ميدانية، أن نَفَس العداء لإسرائيل، وحتى الولايات المتحدة لا يزال قويا في الشارع السوري، وحتى في بعض أوساط المعارضة، غير التابعة تماما لواشنطن، وأن إطاحة النظام لا تعني انتهاء حالة العداء لإسرائيل.
ففي حالة مصر عشية كامب دايفيد، شن النظام فيها حملة واسعة، لزرع فكر انعزالي يلوم التضحيات المصرية، البشرية والمالية، كسبب رئيسي لمشاكل البلاد الاقتصادية، تمهيداً لمعاهدة السلام ولسياسة الانفتاح الاقتصادية، التي أدت إلى تقويض التنمية وترسيخ التبعية الاقتصادية، بهدف تقزيم دور مصر القيادي للعالم العربي.
في سورية، بدأت عملية ضرب التنمية في عام 2005، بناء على تفاهم بين النظام وواشنطن، بإدخال سياسات اللبرلة الاقتصادية، لكن الإجراءات كانت بطيئة الوتيرة ولم يتوفر الوقت الكافي لخلق شرائح واسعة ومستفيدة لإحداث تغييرات كافية، في الثقافة الوطنية السورية تجاه إسرائيل والمقاومة.
في السياسة الأمريكية، سورية كما العراق تحتاج إلى عملية تفكيك قسرية، لأن تغيير الثقافة العروبية، ونشر الفكر الانعزالي، يُحَتم تدمير المؤسسات الوطنية والتجزئة الجغرافية على الأرض.
لست بصدد تبرئة النظام السوري من مسؤوليته السياسية والأخلاقية عما يحدث، فالاستبداد مدخل التدخل الخارجي والتفتت الداخلي، لكن النتيجة أن القوى الإقليمية والدولية، لا تسمح بانتفاضة شعبية لا بسورية ولا في أي بلد عربي التطور باستقلالية، بل دخلت على الخط لتحكم سيطرتها، وهذه مأساة سورية وإلى درجة أقل دموية ودراماتيكية كل شعوب الثورات العربية.
في هذا السياق، وعودة إلى موضوعنا، فلا يمكن أن تسمح أمريكا والحكومات الغربية، بإقامة منطقة عازلة، شمال الحدود الأردنية إذا لم تصُب في مصلحة أهدافها.
أن يحاول المسؤولون الغربيون، سواء بالإيحاء أو بصراحة، إقناع الأردن، بأن المنطقة العازلة، المحمية بقوات أمريكية أو بقوات الناتو، عبر الحدود الشمالية، هي حل عملي لمشكلة اللاجئين السوريين، متوقع، مع أنه استغلال بشع لأزمة الأردن الاقتصادية، ومخاوف بعضهم الديموغرافية، لكن أن يأخذ مسؤولون أردنيون، كما ورد في مقال الزميل فهد الخيطان، الفضل لاختراع الفكرة فهو الغريب والمستهجن.
لا بديل طبعا سوى حل للأزمة وإعادة الاستقرار لسورية، ونعي أن الوضع معقد، لكن لا نفهم كيف تكون المنطقة العازلة هي الحل، بل هي تهرب مما يسمى المجتمع الدولي لمسؤولياته، خاصة نحو اللاجئين السوريين، فمن الصعب للأردن أن يغلق حدوده، لكن الاقتراح هو نوع آخر من الابتزاز الوقح، والضغط على الأردن للتورط الكامل في معركة سيطرة الغرب وقوى إقليمية على سورية.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير