زوبعة الديناصورات
لميس أندوني
جو 24 : ردود الفعل على المقابلة الملكية مع منشورة الاتلانتيك تعكس حالة انعدام الثقة والشعور بالاستهانة بالمطالب الشعبية، والشعور أن أولية الجهات الرسمية هي بعث رسائل إلى الخارج، في وقت يفتقد الداخل إلى الطمأنة والاطمئنان إلى مستقبل البلاد ، خاصة ومع تصميم الحكومة على رفع الأسعار بما يعنيه من تضيق الخناق على الفئات الشعبية.
هوية الصحفي، المعروف بتأييده المعلن والقديم المتجدد لإسرائيل، لم يزد إلا الشكوك والمخاوف، لكن بغض النظر عن التوجهات السياسية للكاتب جفري غولدبرغ ،على أهميتها، فالأصل كان في توصيل أية أفكار حول الوضع الداخلي وإثارة النقاش حولها بشكل مباشر إلى الشعب الأردني،و لا أقصد بالضرورة إعطاء المقابلة لإعلامي أردني ، بل أتحدث عن التواصل المباشر، خاصة أن الوضع حساس، والقضايا المطروحة في غاية الحساسية.
أريد أن أتناول بعض الأفكار التي وردت في المقابلة خاصة التي أحدث ضجة منعت الحوار الهادئ والقراءة بطريقة متأنية.
أهم ما ورد في المقابلة هو قول الملك أن عهد الملكيات يوشك على الانتهاء أو ينتهي، ويتساءل عن مصير الملكيات بعد خمسين سنة، وان على العائلة المالكة أن تعي ذلك، هذا كلام في منتهى الأهمية، لكن نريد أن نرى الخطوات التي تأخذنا إلى ملكية دستورية، وحتى لو تدريجياً لكن بصدقية حتى يكون هناك برلمان قوي وحكومة برلمانية حقيقية.
النقطة الثانية، هي ما اتضح عن أن بعض الزعامات التقليدية ، أي رموز الحرس القديم التي تجمع أو جمعت بين الزعامة العشائرية و بعضوية في المربع الأمني البروقراطي، أصبحت عبئا على النظام، وهي تحاول أن تتمسك بنفوذها داخل الدولة، وهي من وصفها بالديناصورات وليست العشائر أو الشعب الأردني.
المشكلة أن الوصف جاء في مرحلة مخاوف شديدة بأن هناك توجه غربي للضغط على الأردن بالقبول بتسوية ، سواء على شكل كونفدرالية أو صيغ أخرى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ، بما يعني من توطين دائم للفلسطينيين ونسف حق العودة وتهميش "الأردنيين" وإذابة الهوية الوطنية الأردنية".
هناك ملاحظتان: الأولى أن النظام هو الذي صنع ودعم بعض هذه الرموز لعقود، ومنها من ساهم تاريخياً بقمع الحركة الوطنية الأردنية بالإضافة إلى نشر ثقافة التطويع والخنوع لمنع قيادات عشائرية شابة وطنية من الظهور ، ووقفت الرموز نفسها ضد الحراك الشعبي الأردني، لأنها ارتأت بالحراك تحدياً لسطوتهم وتهديدا لمكانتهم ، في الدولة والعشيرة معاً.
لكن الذي حدث انه تم قمع الحراك الشعبي، وفرض قانون انتخاب يحافظ بمجمل نتائجه على نفس تركيبة هذه الزعامات، بدلا من التجاوب مع المطالبة الشعبية الرئيسية، وتم تحويل الحراكيين، من أبناء العشائر، إلى محكمة امن الدولة في محاولة مفضوحة لضرب الحراك وتجريم الحراكيين.
لكن الحرس القديم المعرقل للإصلاح لا يقتصر على هؤلاء، فهناك أيضاً ديناصورات من مختلف " الأصول والمنابت" ، التي تخاف أن تفقد نفوذها إذا بدأت عملية إصلاح حقيقي تؤدي إلى مشاركة واسعة يكون به الشعب مصدر السلطات.
الشعب الأردني لا يتحمل مسؤولية نفوذ هؤلاء بل المسؤولية الأولى تقع على السياسات، وأهمها قانون الانتخاب في عام 1993، و القانون الجديد، الذي أرجت بموجبه الانتخابات النيابة بالرغم من كل التحذيرات بأنه يعيد إنتاج نفس هذه القيادات، القديمة أو الجديدة لكنها نفس ناتج العقلية القديمة، وتم إهمال والتخلي عن الاقتراحات البديلة، لنظم انتخابية، تبدأ بفرز قيادات واعية وتؤسس لمرحلة تعددية حزبية وفكرية في الأردن.
الملاحظة الثانية: الناس بحاجة إلى تطمينات بأن الأردن لن يكون هناك حلول تصفوية على حساب الأردن، لأنه في ظل هذه الشكوك، أي حديث عن إقصاء مكون من الشعب الأردن يثير الخوف من ترتيبات تمهد لمثل هذه الحلول، نظرا لاستمرار إسرائيل في تمددها الاستيطاني، والتأييد الأمريكي غير المحدود لها.
مرة ثانية كان يمكن أن يكون قانون الانتخاب جزءا من الحل، خاصة إذا اعتمد التمثيل النسبي، الذي يتيح لتقوية الأحزاب والائتلافات السياسية، لا على المحاصصة أو إقصاء لأنه يصبح طابع التمثيل ممثلا للمصالح الطبقية السياسية الاجتماعية المختلفة لا تعتمد على " الأصول والمنابت"، بل هو تمثيل مواطنين وليس تمثيل سياسي للفلسطينيين.
فلا تمثيل سياسي للفلسطينيين سوى في مواجهة الاحتلال الصهيوني وليس بديلاً أو تحديا للهوية الأردنية – وليس مكانه الأردن، لأن النائب الأردني بغض النظر عن أصوله يمثل المواطنين الأردنيين بغض النظر عن أصولهم، كان بإمكان قانون انتخابي عصري أن يساهم في تخفيف الاحتقان حول "الهوية" لكن ذلك لم يحدث و التطورات الإقليمية جعلت المواطن الأردني في قلق دائم من تداعياتها على وطنه وحياته.
نحن بحاجة لمناقشة كل شيء بوضوح وصراحة وبشكل مباشر، فمهما تعددت الخلافات وردود الفعل، فمعظمها ، ناتج عن غياب الاطمئنان حول المستقبل، ومقابلة مصارحة مع صحيفة أمريكية، ليست الوسيلة للتواصل مع الشعب ، بل أن تداعياتها لم تؤدي إلا إلى زيادة الشكوك والقلق في وقت ينشد الأردنيون الطمأنينة.
هوية الصحفي، المعروف بتأييده المعلن والقديم المتجدد لإسرائيل، لم يزد إلا الشكوك والمخاوف، لكن بغض النظر عن التوجهات السياسية للكاتب جفري غولدبرغ ،على أهميتها، فالأصل كان في توصيل أية أفكار حول الوضع الداخلي وإثارة النقاش حولها بشكل مباشر إلى الشعب الأردني،و لا أقصد بالضرورة إعطاء المقابلة لإعلامي أردني ، بل أتحدث عن التواصل المباشر، خاصة أن الوضع حساس، والقضايا المطروحة في غاية الحساسية.
أريد أن أتناول بعض الأفكار التي وردت في المقابلة خاصة التي أحدث ضجة منعت الحوار الهادئ والقراءة بطريقة متأنية.
أهم ما ورد في المقابلة هو قول الملك أن عهد الملكيات يوشك على الانتهاء أو ينتهي، ويتساءل عن مصير الملكيات بعد خمسين سنة، وان على العائلة المالكة أن تعي ذلك، هذا كلام في منتهى الأهمية، لكن نريد أن نرى الخطوات التي تأخذنا إلى ملكية دستورية، وحتى لو تدريجياً لكن بصدقية حتى يكون هناك برلمان قوي وحكومة برلمانية حقيقية.
النقطة الثانية، هي ما اتضح عن أن بعض الزعامات التقليدية ، أي رموز الحرس القديم التي تجمع أو جمعت بين الزعامة العشائرية و بعضوية في المربع الأمني البروقراطي، أصبحت عبئا على النظام، وهي تحاول أن تتمسك بنفوذها داخل الدولة، وهي من وصفها بالديناصورات وليست العشائر أو الشعب الأردني.
المشكلة أن الوصف جاء في مرحلة مخاوف شديدة بأن هناك توجه غربي للضغط على الأردن بالقبول بتسوية ، سواء على شكل كونفدرالية أو صيغ أخرى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن ، بما يعني من توطين دائم للفلسطينيين ونسف حق العودة وتهميش "الأردنيين" وإذابة الهوية الوطنية الأردنية".
هناك ملاحظتان: الأولى أن النظام هو الذي صنع ودعم بعض هذه الرموز لعقود، ومنها من ساهم تاريخياً بقمع الحركة الوطنية الأردنية بالإضافة إلى نشر ثقافة التطويع والخنوع لمنع قيادات عشائرية شابة وطنية من الظهور ، ووقفت الرموز نفسها ضد الحراك الشعبي الأردني، لأنها ارتأت بالحراك تحدياً لسطوتهم وتهديدا لمكانتهم ، في الدولة والعشيرة معاً.
لكن الذي حدث انه تم قمع الحراك الشعبي، وفرض قانون انتخاب يحافظ بمجمل نتائجه على نفس تركيبة هذه الزعامات، بدلا من التجاوب مع المطالبة الشعبية الرئيسية، وتم تحويل الحراكيين، من أبناء العشائر، إلى محكمة امن الدولة في محاولة مفضوحة لضرب الحراك وتجريم الحراكيين.
لكن الحرس القديم المعرقل للإصلاح لا يقتصر على هؤلاء، فهناك أيضاً ديناصورات من مختلف " الأصول والمنابت" ، التي تخاف أن تفقد نفوذها إذا بدأت عملية إصلاح حقيقي تؤدي إلى مشاركة واسعة يكون به الشعب مصدر السلطات.
الشعب الأردني لا يتحمل مسؤولية نفوذ هؤلاء بل المسؤولية الأولى تقع على السياسات، وأهمها قانون الانتخاب في عام 1993، و القانون الجديد، الذي أرجت بموجبه الانتخابات النيابة بالرغم من كل التحذيرات بأنه يعيد إنتاج نفس هذه القيادات، القديمة أو الجديدة لكنها نفس ناتج العقلية القديمة، وتم إهمال والتخلي عن الاقتراحات البديلة، لنظم انتخابية، تبدأ بفرز قيادات واعية وتؤسس لمرحلة تعددية حزبية وفكرية في الأردن.
الملاحظة الثانية: الناس بحاجة إلى تطمينات بأن الأردن لن يكون هناك حلول تصفوية على حساب الأردن، لأنه في ظل هذه الشكوك، أي حديث عن إقصاء مكون من الشعب الأردن يثير الخوف من ترتيبات تمهد لمثل هذه الحلول، نظرا لاستمرار إسرائيل في تمددها الاستيطاني، والتأييد الأمريكي غير المحدود لها.
مرة ثانية كان يمكن أن يكون قانون الانتخاب جزءا من الحل، خاصة إذا اعتمد التمثيل النسبي، الذي يتيح لتقوية الأحزاب والائتلافات السياسية، لا على المحاصصة أو إقصاء لأنه يصبح طابع التمثيل ممثلا للمصالح الطبقية السياسية الاجتماعية المختلفة لا تعتمد على " الأصول والمنابت"، بل هو تمثيل مواطنين وليس تمثيل سياسي للفلسطينيين.
فلا تمثيل سياسي للفلسطينيين سوى في مواجهة الاحتلال الصهيوني وليس بديلاً أو تحديا للهوية الأردنية – وليس مكانه الأردن، لأن النائب الأردني بغض النظر عن أصوله يمثل المواطنين الأردنيين بغض النظر عن أصولهم، كان بإمكان قانون انتخابي عصري أن يساهم في تخفيف الاحتقان حول "الهوية" لكن ذلك لم يحدث و التطورات الإقليمية جعلت المواطن الأردني في قلق دائم من تداعياتها على وطنه وحياته.
نحن بحاجة لمناقشة كل شيء بوضوح وصراحة وبشكل مباشر، فمهما تعددت الخلافات وردود الفعل، فمعظمها ، ناتج عن غياب الاطمئنان حول المستقبل، ومقابلة مصارحة مع صحيفة أمريكية، ليست الوسيلة للتواصل مع الشعب ، بل أن تداعياتها لم تؤدي إلا إلى زيادة الشكوك والقلق في وقت ينشد الأردنيون الطمأنينة.