الأرض تتكلم عربي
لميس أندوني
جو 24 : يوم ثارت قرى ومدن الجليل لتقول لا لمخطط تهويدها، سقط الشهداء لتسترد الأرض هويتها، وليصرخ الفلسطيني بوجه جلاده أن لا الآلة العسكرية، ولا التشريد، ولا سياسات الإحلال ولا الاقتلاع ولا القتل قادرة على هزم إرادة شعب صامد مقاوم.
إضراب يوم الأرض، في عام 1975، لم يكن دفاعاً عن الأرض فقط، بل هزيمة لحوالي ثلاثة عقود، من طمس، وترهيب، منها عقدان من فرض الأحكام العسكرية، بهدف تفتيت الشعب الفلسطيني، وعزل من بقي أو استطاع البقاء بعد النكبة على أرضه، عن محيطه العربي، حتى يستسلم لشعور مقهور مغبون بأنه مجرد وجود عابر لا جذور ولا امتداد له.
إحياء يوم الأرض، ليس هاماً فقط لترسيخ الوعي الفلسطيني والعربي، بتاريخ النضال ضد الاستعمار الإسرائيلي، بل لأن الاستعمار والتهويد والاحتلال و مصادرة الأراضي مستمرة، والنضال مستمر، ولا بد أن يستمر، في كل أشكاله، وأنواعه، فلا نتكلم عن تاريخ بعيد نستخلص عِبَره، لكن عن واقع مستمر ومتواصل؛ لأن كل يوم يجب أن يكون يوم الدفاع عن الأرض الفلسطينية، لأن كل أيام السنة هي أيام توسع الاستيطان الإسرائيلي.
الاستيطان ليست كلمة، بل واقع يومي للفلسطينيين، من الجليل والساحل والفلسطيني وصحراء النقب، إلى القدس وكل أنحاء الضفة الغربية؛ فيتم خنق مدينة الناصرة ومنع نموها، بينما يهدد بدو النقب بالاقتلاع، فيما يستمر الجدار العنصري القبيح بقضم الأراضي وفصل العائلات، وأحياناً تقسيم البيت الواحد، ومحاصرة القدس القديمة وبيت لحم بشكل خاص، بالمستعمرات اليهودية واقتطاع الأراضي و مصادرتها وهدم البيوت في كل مكان.
المشهد الأهم في الضفة الغربية والقدس، هو في المستعمرات المبنية على المرتفعات أشبه في دورها وحتى هندستها بالقلاع العسكرية، للسيطرة على القرى والمدن الفلسطينية، فيما تسرق المياه من تحت أقدام الفلسطينيين، لتزويد المستوطنات، ليس بمياه الشرب و الحاجة فقط، بل لتأمين حياة أكثر رفاهية، كأحواض السباحة، بتكلفة أرخص بكثير من مدن مثل تل أبيب وحيفا.
أخطر ما يحدث أن التعصب الصهيوني، لم يعد الدافع الرئيسي لليهود في الانتقال إلى المستعمرات، بل إن هناك أفواجا وأجيالا يهودية، قد لا تهتم بعقيدة الاستيطان بشكل سياسي ومنظم، لكنها ترى المستوطنات كفرصة "حياة أفضل" تحت حماية من الجيش الإسرائيلي والمليشيات المسلحة من المستوطنين، الذين يقدرون على قطع الطرق على الفلسطينيين، وحرق واقتلاع أشجارهم وترويع المزارعين، أي وقت يريدون.
حقيقة المستعمرات، وتوسعها هي الحقيقة الأهم، التي تحاول إسرائيل الحفاظ عليها، وتنجح في ذلك، وكل شيء مسخَّر لذلك- الجيش والسطوة العسكرية، والخنوع والتواطؤ العربي، والدعم الأمريكي والغربي، وما يجري من اتصالات وأحاديث وبيانات، وكل المبادرات السابقة والحالية واللاحقة، غير مسموح المس بقدرة إسرائيل على التوسع الاستعماري.
فأصل الحكاية، هي الاستعمار والاحتلال والاقتلاع والإحلال، وكل الباقي تفاصيل وجزئيات، هكذا كانت الحكاية من البدء ولم يتغير شيء، لا معاهدات ولا اتفاقات، ولا إعلانات هدنة تُغير شيئاً، سوى توفير الغطاء السياسي لشرعنة الاحتلال بكل تفاصيله الكبرى والصغرى.
الفلسطينيون بادروا بمحاولة عكس العملية الاستعمارية ببناء مخيمات، تكون نواة مدن مثل باب الشمس، والكرامة ويونس، في خطوة نوعية لا تكتفي بمقاومة الجرافات، التي تتصدر عمليات مصادرة الأراضي، على أهميتها، بل بتثبيت ربط الإنسان بالأرض، و بناء الأوطان، دون انتظار قرارات دولية ، التي لا تطبق أصلاً أو مفاوضات عبثية ووعود كاذبة.
مقاومة الاستيطان، هو الأساس، وإلا فالأرض تختفي كل لحظة، والوطن يتقلص، ومساحة الوجود تتلاشى، والتوأم لمقاومة الاستيطان لذلك هو التمسك بحق العودة فلا قضية لأرض، دون الحفاظ على قضية شعب في مكافحة الاستعمار، لأنها قضية تحرير أرض وتحرر شعب.
المفتاح يبقى حق العودة، لأن الشعب الفلسطيني يواجه استعماراً لا يهدف فقط الى الاستيلاء على الأراضي، والحدود والسماء وما تحت الأرض وما فوقها، بل وإلى تفريغها والإحلال السكاني بهدف قتل الماضي والتاريخ و هوية الأرض والشعب، لكي تصمت الأرض ويخضع الشعب، هذا إذا سمح ببقائه.
لا حــــل عـــــادلا، دون إقـــــــرار وتنفيــــذ حـــــــق العـــــودة، فالقضية لم تكن يوماً قضيـــــة حــــــدود وتقسيم أراض، يراد تقزيمهـــــــا ومسخها خدمة للمشروع الاستيطانــــــــــي وإنهاء التحدي الأخــــلاقــــــي التاريخــــــــي والقانوني، أي الهوية والحق الفلسطيني، للفكرة الصهيونية.
لذا تجرى كل المحاولات "لإحياء" ما يسمى بعملية السلام التي تحاول تغيير الحكاية، من حكاية وأرض وشعب مسُتعمَر، إلى أزمة لسكان عابرين تجب السيطرة عليهم بإحكام، ومن هنا تأتي أهمية يوم الأرض التي صرخت بالعربية، لكن العربية، ككل اللغات، لا تكون لغة تحرر إلا بالفعل المقاوم، و المطلوب إنهاؤه، من خلال مسلسل تفاوضي إلهائي، لا بد رفضه وفضحه و إنهاء مهزلته، فالأرض حين تتكلم عربي تدعو إلى الحرية ولا تقبل بمفاوضات واتفاقات إذعان.العرب اليوم
إضراب يوم الأرض، في عام 1975، لم يكن دفاعاً عن الأرض فقط، بل هزيمة لحوالي ثلاثة عقود، من طمس، وترهيب، منها عقدان من فرض الأحكام العسكرية، بهدف تفتيت الشعب الفلسطيني، وعزل من بقي أو استطاع البقاء بعد النكبة على أرضه، عن محيطه العربي، حتى يستسلم لشعور مقهور مغبون بأنه مجرد وجود عابر لا جذور ولا امتداد له.
إحياء يوم الأرض، ليس هاماً فقط لترسيخ الوعي الفلسطيني والعربي، بتاريخ النضال ضد الاستعمار الإسرائيلي، بل لأن الاستعمار والتهويد والاحتلال و مصادرة الأراضي مستمرة، والنضال مستمر، ولا بد أن يستمر، في كل أشكاله، وأنواعه، فلا نتكلم عن تاريخ بعيد نستخلص عِبَره، لكن عن واقع مستمر ومتواصل؛ لأن كل يوم يجب أن يكون يوم الدفاع عن الأرض الفلسطينية، لأن كل أيام السنة هي أيام توسع الاستيطان الإسرائيلي.
الاستيطان ليست كلمة، بل واقع يومي للفلسطينيين، من الجليل والساحل والفلسطيني وصحراء النقب، إلى القدس وكل أنحاء الضفة الغربية؛ فيتم خنق مدينة الناصرة ومنع نموها، بينما يهدد بدو النقب بالاقتلاع، فيما يستمر الجدار العنصري القبيح بقضم الأراضي وفصل العائلات، وأحياناً تقسيم البيت الواحد، ومحاصرة القدس القديمة وبيت لحم بشكل خاص، بالمستعمرات اليهودية واقتطاع الأراضي و مصادرتها وهدم البيوت في كل مكان.
المشهد الأهم في الضفة الغربية والقدس، هو في المستعمرات المبنية على المرتفعات أشبه في دورها وحتى هندستها بالقلاع العسكرية، للسيطرة على القرى والمدن الفلسطينية، فيما تسرق المياه من تحت أقدام الفلسطينيين، لتزويد المستوطنات، ليس بمياه الشرب و الحاجة فقط، بل لتأمين حياة أكثر رفاهية، كأحواض السباحة، بتكلفة أرخص بكثير من مدن مثل تل أبيب وحيفا.
أخطر ما يحدث أن التعصب الصهيوني، لم يعد الدافع الرئيسي لليهود في الانتقال إلى المستعمرات، بل إن هناك أفواجا وأجيالا يهودية، قد لا تهتم بعقيدة الاستيطان بشكل سياسي ومنظم، لكنها ترى المستوطنات كفرصة "حياة أفضل" تحت حماية من الجيش الإسرائيلي والمليشيات المسلحة من المستوطنين، الذين يقدرون على قطع الطرق على الفلسطينيين، وحرق واقتلاع أشجارهم وترويع المزارعين، أي وقت يريدون.
حقيقة المستعمرات، وتوسعها هي الحقيقة الأهم، التي تحاول إسرائيل الحفاظ عليها، وتنجح في ذلك، وكل شيء مسخَّر لذلك- الجيش والسطوة العسكرية، والخنوع والتواطؤ العربي، والدعم الأمريكي والغربي، وما يجري من اتصالات وأحاديث وبيانات، وكل المبادرات السابقة والحالية واللاحقة، غير مسموح المس بقدرة إسرائيل على التوسع الاستعماري.
فأصل الحكاية، هي الاستعمار والاحتلال والاقتلاع والإحلال، وكل الباقي تفاصيل وجزئيات، هكذا كانت الحكاية من البدء ولم يتغير شيء، لا معاهدات ولا اتفاقات، ولا إعلانات هدنة تُغير شيئاً، سوى توفير الغطاء السياسي لشرعنة الاحتلال بكل تفاصيله الكبرى والصغرى.
الفلسطينيون بادروا بمحاولة عكس العملية الاستعمارية ببناء مخيمات، تكون نواة مدن مثل باب الشمس، والكرامة ويونس، في خطوة نوعية لا تكتفي بمقاومة الجرافات، التي تتصدر عمليات مصادرة الأراضي، على أهميتها، بل بتثبيت ربط الإنسان بالأرض، و بناء الأوطان، دون انتظار قرارات دولية ، التي لا تطبق أصلاً أو مفاوضات عبثية ووعود كاذبة.
مقاومة الاستيطان، هو الأساس، وإلا فالأرض تختفي كل لحظة، والوطن يتقلص، ومساحة الوجود تتلاشى، والتوأم لمقاومة الاستيطان لذلك هو التمسك بحق العودة فلا قضية لأرض، دون الحفاظ على قضية شعب في مكافحة الاستعمار، لأنها قضية تحرير أرض وتحرر شعب.
المفتاح يبقى حق العودة، لأن الشعب الفلسطيني يواجه استعماراً لا يهدف فقط الى الاستيلاء على الأراضي، والحدود والسماء وما تحت الأرض وما فوقها، بل وإلى تفريغها والإحلال السكاني بهدف قتل الماضي والتاريخ و هوية الأرض والشعب، لكي تصمت الأرض ويخضع الشعب، هذا إذا سمح ببقائه.
لا حــــل عـــــادلا، دون إقـــــــرار وتنفيــــذ حـــــــق العـــــودة، فالقضية لم تكن يوماً قضيـــــة حــــــدود وتقسيم أراض، يراد تقزيمهـــــــا ومسخها خدمة للمشروع الاستيطانــــــــــي وإنهاء التحدي الأخــــلاقــــــي التاريخــــــــي والقانوني، أي الهوية والحق الفلسطيني، للفكرة الصهيونية.
لذا تجرى كل المحاولات "لإحياء" ما يسمى بعملية السلام التي تحاول تغيير الحكاية، من حكاية وأرض وشعب مسُتعمَر، إلى أزمة لسكان عابرين تجب السيطرة عليهم بإحكام، ومن هنا تأتي أهمية يوم الأرض التي صرخت بالعربية، لكن العربية، ككل اللغات، لا تكون لغة تحرر إلا بالفعل المقاوم، و المطلوب إنهاؤه، من خلال مسلسل تفاوضي إلهائي، لا بد رفضه وفضحه و إنهاء مهزلته، فالأرض حين تتكلم عربي تدعو إلى الحرية ولا تقبل بمفاوضات واتفاقات إذعان.العرب اليوم