موقع الأردن الجيو-سياسي..نعمة أم نقمة؟!
معروف أن موقع الأردن الجغرافي ،إستراتيجي بإمتياز، وكان من الممكن أن يدر عليه هذا الموقع أكثر من قارون ومن شابهه إلى يوم الدين ولكن...؟!
فالأردن الحديث الذي تحول إلى مملكة بعد وحدة الضفتين، إثر إقامة إسرائيل على مساحة وعد بلفور وما هو أكثر، باتت بوابة فلسطين الشرقية، وهي إحدى بوابات العراق، وسوريا، والسعودية.
كل هذه الميزات منحتها قوة لا يستهان بها، فيما لو إستغلت كما يجب وجرى تعظيم دورها، وقدرتها على لعب الأوراق المختلفة بطريقة مدروسة جيدا .
إلا أن الأمر لا يبدو كذلك، فقد قيل أن للأردن دورا وظيفيّا معينا، وكم أكره هذه الكلمة، وأمقتها لمعانيها وتأويلاتها، خاصة وأنني متقاعد بلغت الستين من العمر، وأدرك معنى الوظيفة، وأن إجباري على التقاعد جاء لرفضي أن أكون موظفا هكذا بل صاحب رأي ورؤية.
في علم اللغة، وعند الحديث عن الوظيفة، لا بد من الحديث عن أركان هذه الكلمة، وهي الموظف بكسر الظاء والموظف بفتحها والوظيفة نفسها أي العمل المناط بالموظف بفتح الظاء القيام به، سواء كان ذلك عن قناعة أم لا، المهم انه موظف ويقوم بوظيفة.
الوظيفة التي نتحدث عنها الآن لا تتعلق بفرد محتاج، بل هناك وظائف لدول ايضا، وبالتالي فإن الوظيفة هي الوظيفة، ما دام العقد قد تم توقيعه ووافق الموظف بفتح الظاء على شروط الموظف بكسر الظاء.
فلسطين مرت بنكبات لما تنته بعد، إذ نحن بإنتظار تسفير الفلسطينيين لإقامة إسرائيل اليهودية على أنقاض إسرائيل العلمانية، والعراق مر بنكبته وما يزال جرحه ينزف، وسوريا هي الأخرى تئن في نكبتها، ولما تحسم الأمور بعد، وربما أن العربية السعودية بإنتظار دورها حسب ما يسربه الأمريكان منذ سنتين وهو أن السعودية ستشتعل فيها الحرائق عام 2013.
وقبل أن أقول أن النار ستمتد إلى الأردن بحكم المخطط، فإنني أسأل الله السلامة والعقل والصلاح للجميع، وأن يتم تغليب العقل لأن الكيّس من إتعظ بغيره، إذ يمكن لمن لم تدخله نار الشرق الأوسط الجديد أن يداوي جرحه قبل أن يتسع، ولا بد من الإشادة بما فعله المغرب.
الأردن في الشأن الفلسطيني معني بتنفيذ الضغوط المفروضة عليه، وهذه الأيام نرى دائرة الضغط تزداد، فقديما كان الضاغطون يقولون إن لم تنفذوا سنأتي ببديل، وقد ظن الناس أن الضاغط يمزح، لكن مجريات الأمور هذه الأيام، تثبت أن البديل جاهز ورهن الإشارة.
الأردن وبسبب الضغوط عليه لم يسلم من قضية إحتلال العراق ووعد بثلاثة مليارات دولار من واشنطن، لكن بعد ان ادى ما عليه جاءنا وزير الدفاع الأمريكي آنذاك كولن باول، وأحضر معه ماقيمته 750 مليون دولار في غالبيتها ثمن لمعدات عسكرية أمريكية سكراب.
الإمتحان الصعب الذي ينتظر الأردن هو الحسم في سوريا، ودور الأردن في ذلك سواء من حيث إستباحة حدوده للغزاة الجدد، أو الإسهام بذلك بمعنى أن جنوده سيتعرضون للخطر، ناهيك عن مدنه في الشمال والمساحة التي تقع تحت مرمى الصواريخ السورية.
ما أو د قوله هو أن الأردن سواء كان ذلك برضاه أو بضغط عليه، تحمل ما هو فوق طاقته ومن دون أن يتقاضى الثمن المناسب لذلك، ولعمري أن البعض من المستفيدين من دور الأردن ومن باب تحميل الجمايل يقولون: يكفي أننا لم نتحدث عن البديل؟!
كل ذلك يفتح ملفا لم يتحدث عنه أحد ،وهو لماذا لم يسمح للأردن أن يكون دولة زراعية او صناعية؟ ولماذا جرى إفشال ان يكون هناك مقومات صمود في الأردن؟
الجواب على ذلك هو الدور الوظيفي المرسوم خارجيا للأردن، والسكوت الداخلي عن هذا الدور، فنحن بلد وهبنا الله تعددية طبيعية، ويتضمن نسيجنا الوطني ما بين شاطيء البحر المتوسط الشرقي وشاطيء بحر قزوين، بمعنى أن هذه التعددية هي إحدى نعم الله علينا ولكننا لم نستغلها خير إستغلال، وإرتضينا بالدور الوظيفي لقاء أثمان مقاولات تسيء إلينا في نهاية المطاف .