المصالحة غير المرغوب فيها
طاهر العدوان
جو 24 : المقصود المصالحة بين السلطة الفلسطينية في رام الله وبين الحكومة المقالة في غزة ، أي بين حركة فتح التي يرأسها محمود عباس وبين حركة حماس التي يقودها خالد مشعل . فبعد تعدد الوسطاء في زمن أنظمة الربيع العربي وقبله ، وإقامة الاحتفال بعد الآخر احتفاء بالتوقيع على اتفاق للمصالحة دون تحقيقها فإن عقد قمة عربية مصغرة تنفيذا لقرار قمة الدوحة من اجل هذه المهمة يبدو تضييعا للوقت .
لماذا لا يقال إن السلطة تريد هذه المصالحة لكنها لا ترغب فيها لحسابات مالية وسياسية وسلطوية , هذا عدا الخلاف الجذري بينها وبين حماس على طرق مواجهة اسرائيل ، ولماذا لا يقال إن لدى حكومة غزة وقيادة حماس أيضاً حساباتهما السياسية والمالية والسلطوية التي تجعل ثمن المصالحة مع السلطة باهظا لان صواريخ حماس والجهاد هما في نظر عباس أكثر ضررا بفلسطين مما كل ما تلحقه من ضرر بإسرائيل .
المصالحة بين الطرفين تبدو أكثر من متعذرة لأسباب منها : ١- ان الصدام المسلح الذي أدى إلى الافتراق بينهما انطلاقا من غزة قد جاء في ظل حكومة ورئاسة منتخبة انتخابا حرا في كل من الضفة والقطاع ، فإذا كانت الحياة السياسية الديموقراطية لم تجعلهما يتعايشان معا ولم تحتو خلافاتهما التنظيمية والآيديولوجية فكيف ستنجو عندئذ اتفاقية توقع في هذه العاصمة أو تلك ؟.
٢- تعيش كل من الحكومتين ، في رام الله وغزة ، وضعا مختلفا على الأرض فالقطاع محرر لكنه محاصر وهو في حالة مواجهة مسلحة مع إسرائيل. أما الضفة فهي وسلطتها تحت احتلال مباشر . وفيما تستطيع قوات حماس والجهاد حمل الصواريخ وإطلاقها من غزة فان قوات السلطة تحمل سلاحا مرخصا من إسرائيل التي تحدد عدد الطلقات المسموح لرجل الأمن الفلسطيني حملها.
٣- كل ما تعتمد عليه سلطة رام الله من دعم سياسي ومالي أمريكي وأوروبي ما كان له ان يكون لو استمرت عملية تقاسم السلطة التي نجمت عن انتخابات حازت فيها حماس على الأغلبية الحكومية والبرلمانية ، والواقع يقول إنه اذا تمت المصالحة فستفقد السلطة في رام الله مصادر الدعم السياسي والمالي المذكور ، في الوقت الذي لا تملك فيه خيار المقاومة المسلحة في ظل سلسلة من الاتفاقات الامنية ولم تعد تملك إلا خيار المقاومة المدنية ، لانه حتى المقاومة السلبية اصبحت غير متاحة نظرا لاعتماد اقتصاد الضفة على إسرائيل وجماركها وأسواقها .
المعادلة بين طرفي السلطة في رام الله وغزة باتت صعبة ومعقدة حتى انه يمكن القول إن المصالحة ( من وجهة نظر الطرفين ) أمر غير مرغوب فيه اذا لم يفرض طرف استراتيجيته على الطرف الاخر . لان مصالحة ثمنها تخلي حماس عن المقاومة وعن سلاحها وصواريخها هو بمثابة بداية النهاية لها ، كما ان تخلي السلطة عن المكاسب السياسية والاقتصادية في الضفة هو مزيد من ضعف السلطة واضعاف صمود أهل الضفة .
بالطبع استمرار المعادلة الحالية يقود إلى جمود فلسطيني خطير والى استفحال الاستيطان ولا بد من بحث حلول تكسر هذا الجمود بخلق معادلة جديدة تجبر المجتمع الدولي على القبول بمصالحة تستند الى صناديق الاقتراع من جديد ، معادلة توازن بين ردع المقاومة الصاروخية وبين المكاسب السياسية . لقد كان أبو عمار بارعا في احتواء المتناقضات وتأطير الخصومات داخل صفوف المنظمة وإظهار الفلسطينيين بانهم موحدون . فهل تنجح القيادات الفلسطينية هذه المرة في تنفيذ مصالحة تعيدها الى الصناديق وتوظيف القمة العربية المصغرة التي قررها مؤتمر الدوحة لإنجاز هذا الهدف ؟ .
(الرأي)
لماذا لا يقال إن السلطة تريد هذه المصالحة لكنها لا ترغب فيها لحسابات مالية وسياسية وسلطوية , هذا عدا الخلاف الجذري بينها وبين حماس على طرق مواجهة اسرائيل ، ولماذا لا يقال إن لدى حكومة غزة وقيادة حماس أيضاً حساباتهما السياسية والمالية والسلطوية التي تجعل ثمن المصالحة مع السلطة باهظا لان صواريخ حماس والجهاد هما في نظر عباس أكثر ضررا بفلسطين مما كل ما تلحقه من ضرر بإسرائيل .
المصالحة بين الطرفين تبدو أكثر من متعذرة لأسباب منها : ١- ان الصدام المسلح الذي أدى إلى الافتراق بينهما انطلاقا من غزة قد جاء في ظل حكومة ورئاسة منتخبة انتخابا حرا في كل من الضفة والقطاع ، فإذا كانت الحياة السياسية الديموقراطية لم تجعلهما يتعايشان معا ولم تحتو خلافاتهما التنظيمية والآيديولوجية فكيف ستنجو عندئذ اتفاقية توقع في هذه العاصمة أو تلك ؟.
٢- تعيش كل من الحكومتين ، في رام الله وغزة ، وضعا مختلفا على الأرض فالقطاع محرر لكنه محاصر وهو في حالة مواجهة مسلحة مع إسرائيل. أما الضفة فهي وسلطتها تحت احتلال مباشر . وفيما تستطيع قوات حماس والجهاد حمل الصواريخ وإطلاقها من غزة فان قوات السلطة تحمل سلاحا مرخصا من إسرائيل التي تحدد عدد الطلقات المسموح لرجل الأمن الفلسطيني حملها.
٣- كل ما تعتمد عليه سلطة رام الله من دعم سياسي ومالي أمريكي وأوروبي ما كان له ان يكون لو استمرت عملية تقاسم السلطة التي نجمت عن انتخابات حازت فيها حماس على الأغلبية الحكومية والبرلمانية ، والواقع يقول إنه اذا تمت المصالحة فستفقد السلطة في رام الله مصادر الدعم السياسي والمالي المذكور ، في الوقت الذي لا تملك فيه خيار المقاومة المسلحة في ظل سلسلة من الاتفاقات الامنية ولم تعد تملك إلا خيار المقاومة المدنية ، لانه حتى المقاومة السلبية اصبحت غير متاحة نظرا لاعتماد اقتصاد الضفة على إسرائيل وجماركها وأسواقها .
المعادلة بين طرفي السلطة في رام الله وغزة باتت صعبة ومعقدة حتى انه يمكن القول إن المصالحة ( من وجهة نظر الطرفين ) أمر غير مرغوب فيه اذا لم يفرض طرف استراتيجيته على الطرف الاخر . لان مصالحة ثمنها تخلي حماس عن المقاومة وعن سلاحها وصواريخها هو بمثابة بداية النهاية لها ، كما ان تخلي السلطة عن المكاسب السياسية والاقتصادية في الضفة هو مزيد من ضعف السلطة واضعاف صمود أهل الضفة .
بالطبع استمرار المعادلة الحالية يقود إلى جمود فلسطيني خطير والى استفحال الاستيطان ولا بد من بحث حلول تكسر هذا الجمود بخلق معادلة جديدة تجبر المجتمع الدولي على القبول بمصالحة تستند الى صناديق الاقتراع من جديد ، معادلة توازن بين ردع المقاومة الصاروخية وبين المكاسب السياسية . لقد كان أبو عمار بارعا في احتواء المتناقضات وتأطير الخصومات داخل صفوف المنظمة وإظهار الفلسطينيين بانهم موحدون . فهل تنجح القيادات الفلسطينية هذه المرة في تنفيذ مصالحة تعيدها الى الصناديق وتوظيف القمة العربية المصغرة التي قررها مؤتمر الدوحة لإنجاز هذا الهدف ؟ .
(الرأي)