الصراع بين طبقة رجال الحكم في الأردن..
زيد محمد النوايسة
جو 24 :
كتب الدكتور زيد النوايسة -
الصراع الدائر الآن بين طبقة رجال الحكم في الأردن والذي بدأ يخرج من الدوائر المغلقه للعلن هو مقدمة لتحولات عميقة في بنية الدولة وربما في توجهاتها السياسية توطئة لما هو أخطر من الأزمة الأقتصادية بل استجابة للتطورات السياسية التي لن يستطيع الأردن أن يكون بمعزل عن تداعياتها وربما لن يكون قادر على الوقوف في وجه التيار الجارف دولياً واقليمياً وعربياً بالاضافة للمعطى المحلي وهو لا يقل خطورة ...
خلال الأسابيع الماضية نشط "البيروقرط الأردني" في رفع اصوات الاحتجاج على مجمل السياسات والتحذير من مخاطر هيمنة فريق صعد بشكل مفاجئ ولم يكن جزءاً أصيلاً في الادارة الأردنية ولا ممن تحمل المراحل السوداوية التي كادت أن تعصف بالبلد في لحظة سوداء مرت عليها؛ بل ان جزءا منهم لم يؤمن بالدولة أصلاً وربما كان في المقلب الأخر؛ بالمقابل لم يتوانى التيار الذي يتقدم اليوم في أروقة صناعة القرار بشيطنة الطرف الأخر "المحافظين" مستلهما ومستغلاً حالة الغضب الشعبي من مجمل النخب السياسية يساعده في ذلك بؤس ورداءة الخطاب الذي يمثله بعض وجوه التيار المحافظ بحيث يبدو الصراع على المكاسب التي خسروها هو العنوان الرئيسي للغضب والاحتجاج أكثر منه شعور بالمسؤولية الوطنية...
يرافق ذلك سيل هادر من الاشاعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا نعرف مصدرها ولا نعرف من يغذيها تشكك في مؤسسات الدولة بقضها وقضيضها مع محاولة لصناعة رموز وابطال من المرحله الحالية مستغلين قدرة وسائل التواصل في التأثير على الناس المسكونة أصلا بفكرة تخوين كل الطبقة السياسية السابقه والحاليه...
هل نحن على ابواب مواجهة بين التيارين؟!! إذا فهمنا القرار الحكومي بازاحة الحراسة عن منازل رؤساء الوزارات السابقين في هذا السياق فيمكن القول أن الرساله أبعد من أن يقدم عليها رئيس حكومة حديث العهد بالسياسة الاردنية حيث لا يتجاوز عمره في الادارة الاردنية عشر سنوات امام تجربة شخصيات سياسية وازنة بحجم الدكتور عبد السلام المجالي وعبدالرؤوف الروابدة وطاهر المصري ومعروف البخيت (مع حفظ الالقاب طبعا) وغيرهم من النخب السياسية التي ارتبطت بالسياسة الاردنية خلال أكثرأربعين عام بل إن بعض هذه الشخصيات تحملت كل ارتدادت عملية التسوية السياسة مع اسرائيل في حين ان البعض تنصل ورفض الانخراط فيها...
شيطنة المحافظين سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا هو في سياق أبعد من الخلاف على ادارة الدولة والاقتصاد، فالكل سواسية، بل ان المقاربة الحقيقية للازمة تحمل الفريق الذي يدعم الحكومة الحالية وهو فريق الليبراليين الذين تسلموا منذ عام 2000 مفاصل الاقتصاد ومشاريع التحول الاقتصادي وابرزها "الخصخصة" التي كلف رئيس الحكومة برئاسة لجنة تقييمها وربما منحها ومنح الفريق الذي ادارها شهادة حسن سلوك...
لم أكن يوما مفتوناً باداء النخب السياسية الاردنية التي "شاخت" ولم تؤمن يوما بالديمقراطية الحقيقه ولكن ما يجري من شيطنة ومحاكمة يجب أن يفهم في سياقه الحقيقي وأن لا ينخدع الناس في المظاهر البراقة والشعبوية التي قد تكون مدخلا لما هو أبعد من ذلك...