المقاومة الاقتصادية: لا لشروط صندوق النقد الدولي
لميس أندوني
جو 24 : فيما تتعامل الحكومات مع شروط صندوق النقد الدولي كجزء من أحكام الطبيعة، تُقدم تيارات وأحزاب مصرية، نموذجاً في المقاومة الاقتصادية والعلمية، لهذه المتطلبات إلى درجة استدعت بعثة المؤسسة الغربية، أن تطلب وتلتقي بكل أطراف المعارضة المصرية، والنقابات العمالية المستقلة منها والتقليدية.
لم تكتف الأحزاب برفضها لشروط الصندوق، بل قدمت برنامجاً بديلاً، وضعه فريق رئاسة الاقتصادي اليساري الدكتور أحمد السيد النجار، وأعلنته في مؤتمر عام، بمبادرة من التيار الشعبي المصري، والأهم أن أحزاب وشخصيات يسارية وحتى ليبرالية، بما فيها محمد حسنين هيكل و الدكتور محمد البرادعي، تبنت البرنامج باعتباره مدخلاً واستراتيجية لإنقاذ الاقتصاد المصري.
موافقة أحزاب لبرالية "رأسمالية التوجه"، مثل حزب المصريين الأحرار، يمثل تحولاً هاماً، قد يكون مصدره معارضة الرئيس محمد مرسي، و "حكم الإخوان"، لكنه أيضاً توافق على ضرورة تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق العمالية و السيادة الوطنية قد تؤسس لإجماع شعبي تاريخي غير مسبوق، لأنه يشمل أحزاباً في مناوءة في ايدولوجيتها للحقبة الناصرية.
المعارضة أبلغت بعثة الصندوق، أنها مستعدة لتأييد الاتفاقية شرط أن تذهب الأموال إلى مشاريع إنتاجية لإعادة بناء الاقتصاد المصري، لا إلى إصلاح العجز في الموازنة وميزان المدفوعات، وأن يتم رفع الدعم عن أسعار الطاقة وتسعيرة الكهرباء عن الشرائح الاجتماعية العليا، لأن الفئات الشعبية لن تتحمل مسلسل الغلاء المستمر، خاصة بعد أن ارتفعت الأسعار بنسبة 15% حتى قبل استكمال إجراءات التقشف المطلوبة دولياً.
المهم هنا أن المعارضة تقول إلى صندوق النقد الدولي: "نحن لسنا بحاجة إلى وصفتكم لتخفيض العجز، بل لدينا برنامجنا الوطني الهادف إلى إنقاذ الاقتصاد دون تعميق التبعية الاقتصادية والعودة إلى الاستدانة"، متوجهة إلى العالم والشعب المصري، والحكومة المصرية في آن واحد برسالة أن هناك بدائل، وأن الاستسلام ليس خياراً وطنياً.
بعثة الصندوق، نقلاً عن مشاركين بالاجتماعات، وافقت من حيث المبدأ على بعض الشروط ووعدت بدراسة شروط المعارضة الأخرى، في مؤشر على أنه في مقدور المعارضات العربية، والأهم الضغط الشعبي أن يؤثر على التوجهات الغربية، بدلاً من اعتبارها املاءات لا مجال لرفض تنفيذها.
المعادلة ليست بسيطة، فصندوق النقد الدولي، ليس هيئة مساعدات خيرية، ومهمته حماية السوق الرأسمالية العالمية، لكن هناك حدود لما يستطيع فرضه كما أثبتت تجارب سابقة، مثل رفض الهند لشروط الصندوق، وعرضها برنامجا بديلاً، ونجاحها في الحصول على القرض من المؤسسة الدولية بشروطها وبرنامجها.
طبعا هناك حسابات سياسية، تقرر مدى قبول الصندوق بموقف المعارضة المصرية، لكنها أي المعارضة، تراهن أن واشنطن حذرة من عدم الاستقرار في مصر، وهذا ما تعتبره نقطة قوة لها، خاصة وأن النظام الجديد في مصر، أيضاً يخشى من ثورة فقراء وجياع، ولذا ما زال متردداً في توقيع الاتفاق رغم الضغوط الكبيرة عليه.
موقف الرئاسة المصرية غير واضح، فقد ترفض الرئاسة، قبل الصندوق نفسه، شروط المعارضة لصرف القرض في مشاريع انتاجية، واستخدامه في تخفيض العجز، وتجاه البدائل التي وضعتها المعارضة، إذا اختارت أن تستعمل القرض في ترسيخ سلطتها بدلا من إعادة بناء الاقتصاد المصري.
لذا فإن المعارضة لا تتوقف على عرض البديل، وإن كانت تلك خطوة كبيرة، استطاع التيار الشعبي المصري، بقيادة حمدين صباحي، تقديمه على أساس برنامج توافق وطني، بل إلى خطوات على الأرض، من تعبئة وتحشيد، والأهم المشاركة على الأرض في الدفاع عن الحقوق المطلبية والوطنية.
فقد رفع خالد علي، المعروف بمحامي الفقراء، المعوم من التيار الشعبي، قضية على الرئاسة المصرية، بعدم قانونية ودستورية توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فيما يستمر بنجاح بالحصول على قرارات المحكمة الإدارية العليا بإلغاء عقود خصخصة وإعادة لعدة صناعات مصرية إلى الدولة، وبالدفاع و تقدم الاستشارة للعمال والفلاحين والموظفين، وأصحاب الحقوق المهضومة.
أي أن البرنامج البديل على أهميته، هو جزء من عملية نضالية طويلة، لا يقتصر على رفض شروط صندوق النقد الدولي، وأمام الرئاسة المصرية والإخوان المسلمين فرصة تاريخية بتبني جزء أو كل البرنامج، فقد أصبح ملكية عامة، إلا إذا اختارت المضي في تحكيم سيطرة فئات البزنس من اجل الجماعة، ومن يتوافق معها، بهدف بناء طبقة حاكمة جديدة، رغم قاعدتها الأوسع بين الفئات الشعبية - في انقلاب مستمر على شعار الثورة المصرية "عيش حرية، عدالة اجتماعية".العرب اليوم
لم تكتف الأحزاب برفضها لشروط الصندوق، بل قدمت برنامجاً بديلاً، وضعه فريق رئاسة الاقتصادي اليساري الدكتور أحمد السيد النجار، وأعلنته في مؤتمر عام، بمبادرة من التيار الشعبي المصري، والأهم أن أحزاب وشخصيات يسارية وحتى ليبرالية، بما فيها محمد حسنين هيكل و الدكتور محمد البرادعي، تبنت البرنامج باعتباره مدخلاً واستراتيجية لإنقاذ الاقتصاد المصري.
موافقة أحزاب لبرالية "رأسمالية التوجه"، مثل حزب المصريين الأحرار، يمثل تحولاً هاماً، قد يكون مصدره معارضة الرئيس محمد مرسي، و "حكم الإخوان"، لكنه أيضاً توافق على ضرورة تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية وحماية الحقوق العمالية و السيادة الوطنية قد تؤسس لإجماع شعبي تاريخي غير مسبوق، لأنه يشمل أحزاباً في مناوءة في ايدولوجيتها للحقبة الناصرية.
المعارضة أبلغت بعثة الصندوق، أنها مستعدة لتأييد الاتفاقية شرط أن تذهب الأموال إلى مشاريع إنتاجية لإعادة بناء الاقتصاد المصري، لا إلى إصلاح العجز في الموازنة وميزان المدفوعات، وأن يتم رفع الدعم عن أسعار الطاقة وتسعيرة الكهرباء عن الشرائح الاجتماعية العليا، لأن الفئات الشعبية لن تتحمل مسلسل الغلاء المستمر، خاصة بعد أن ارتفعت الأسعار بنسبة 15% حتى قبل استكمال إجراءات التقشف المطلوبة دولياً.
المهم هنا أن المعارضة تقول إلى صندوق النقد الدولي: "نحن لسنا بحاجة إلى وصفتكم لتخفيض العجز، بل لدينا برنامجنا الوطني الهادف إلى إنقاذ الاقتصاد دون تعميق التبعية الاقتصادية والعودة إلى الاستدانة"، متوجهة إلى العالم والشعب المصري، والحكومة المصرية في آن واحد برسالة أن هناك بدائل، وأن الاستسلام ليس خياراً وطنياً.
بعثة الصندوق، نقلاً عن مشاركين بالاجتماعات، وافقت من حيث المبدأ على بعض الشروط ووعدت بدراسة شروط المعارضة الأخرى، في مؤشر على أنه في مقدور المعارضات العربية، والأهم الضغط الشعبي أن يؤثر على التوجهات الغربية، بدلاً من اعتبارها املاءات لا مجال لرفض تنفيذها.
المعادلة ليست بسيطة، فصندوق النقد الدولي، ليس هيئة مساعدات خيرية، ومهمته حماية السوق الرأسمالية العالمية، لكن هناك حدود لما يستطيع فرضه كما أثبتت تجارب سابقة، مثل رفض الهند لشروط الصندوق، وعرضها برنامجا بديلاً، ونجاحها في الحصول على القرض من المؤسسة الدولية بشروطها وبرنامجها.
طبعا هناك حسابات سياسية، تقرر مدى قبول الصندوق بموقف المعارضة المصرية، لكنها أي المعارضة، تراهن أن واشنطن حذرة من عدم الاستقرار في مصر، وهذا ما تعتبره نقطة قوة لها، خاصة وأن النظام الجديد في مصر، أيضاً يخشى من ثورة فقراء وجياع، ولذا ما زال متردداً في توقيع الاتفاق رغم الضغوط الكبيرة عليه.
موقف الرئاسة المصرية غير واضح، فقد ترفض الرئاسة، قبل الصندوق نفسه، شروط المعارضة لصرف القرض في مشاريع انتاجية، واستخدامه في تخفيض العجز، وتجاه البدائل التي وضعتها المعارضة، إذا اختارت أن تستعمل القرض في ترسيخ سلطتها بدلا من إعادة بناء الاقتصاد المصري.
لذا فإن المعارضة لا تتوقف على عرض البديل، وإن كانت تلك خطوة كبيرة، استطاع التيار الشعبي المصري، بقيادة حمدين صباحي، تقديمه على أساس برنامج توافق وطني، بل إلى خطوات على الأرض، من تعبئة وتحشيد، والأهم المشاركة على الأرض في الدفاع عن الحقوق المطلبية والوطنية.
فقد رفع خالد علي، المعروف بمحامي الفقراء، المعوم من التيار الشعبي، قضية على الرئاسة المصرية، بعدم قانونية ودستورية توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فيما يستمر بنجاح بالحصول على قرارات المحكمة الإدارية العليا بإلغاء عقود خصخصة وإعادة لعدة صناعات مصرية إلى الدولة، وبالدفاع و تقدم الاستشارة للعمال والفلاحين والموظفين، وأصحاب الحقوق المهضومة.
أي أن البرنامج البديل على أهميته، هو جزء من عملية نضالية طويلة، لا يقتصر على رفض شروط صندوق النقد الدولي، وأمام الرئاسة المصرية والإخوان المسلمين فرصة تاريخية بتبني جزء أو كل البرنامج، فقد أصبح ملكية عامة، إلا إذا اختارت المضي في تحكيم سيطرة فئات البزنس من اجل الجماعة، ومن يتوافق معها، بهدف بناء طبقة حاكمة جديدة، رغم قاعدتها الأوسع بين الفئات الشعبية - في انقلاب مستمر على شعار الثورة المصرية "عيش حرية، عدالة اجتماعية".العرب اليوم