من المستفيد من إخفاء مؤشرات الفقر؟
احمد عوض
جو 24 : ما تزال الحكومة مترددة في الإفصاح عن مؤشرات الفقر الجدیدة القائمة على مسح دخل ونفقات
الأسرة الذي انتھت دائرة الإحصاءات العامة من إنجازه في آب (أغسطس) 2018.
وكنا ننتظر، كباحثین ومتابعین، النتائج التفصیلیة للمسح قبل نھایة العام 2018- كما وعدت
الحكومة- والذي استمر العمل علیھ لمدة عام انتھى في آب (أغسطس) 2018 ،وشمل 20 ألف
أسرة على مدار أربع جولات متتالیة.
من غیر المفھوم تردد الحكومة في الإفصاح عن معلومات مھمة جدا للعدید من الأطراف،
حكومیة وغیر حكومیة، فإخفاء المعلومات أو تأخیر إعلانھا لا یفید إلا مطلقي الإشاعات
والمعلومات المغلوطة، التي تبذل الحكومة جھودا كبیرة في محاربتھم.
كان متوقعا أن تعلن الحكومة النتائج التي طال انتظارھا بسرعة، خاصة بعد امتناع حكومة
سابقة عن الإفصاح عن مؤشرات الفقر التفصیلیة التي كانت جاھزة في نھایة العام 2014 ،ولم
یعد لدى الباحثین والمتابعین حتى الآن سوى خیار استخدام أرقام العام 2011 وھي مؤشرات
تجاوزھا الزمن.
وبغض النظر عن الأسباب التي تدفع الحكومة لعدم الإفصاح عن مؤشرات الفقر الحدیثة، والتي
نتوقع أن تكون مرتبطة بالارتفاعات الكبیرة التي حدثت في مستویات الفقر في الأردن، الا أن
إخفاءھا لن یجمل الواقع الصعب الذي نعاني منھ، والذي یدركھ الجمیع.
مھما كانت نتائج مسح دخل ونفقات الأسرة صعبة، والتي یمكن أن تعرض الحكومات المتعاقبة
والحكومة الحالیة لنقد شدید، فإنھا لن تكون أكثر صعوبة من بعض المؤشرات الأخرى ذات
العلاقة وأفصحت عنھا دائرة الإحصاءات العامة، مثل معدل إنفاق الأسرة الشھري على السلع
الغذائیة فقط الذي یبلغ 340 دینارا، وأن ما یقارب ثلث الأسر الأردنیة دخلھا الشھري لا یزید
على 366 دینارا.
ومھما كانت مؤشرات الفقر صعبة، فھي لیست أصعب من مؤشرات البطالة التي تحرص دائرة
الإحصاءات العامة على نشرھا كل ثلاثة أشھر، والتي تشیر الى أن البطالة وصلت الى
مستویات غیر مسبوقة منذ أكثر من عقدین؛ حیث سجلت 7.18 % خلال الربع الرابع من العام
2018 ،الى جانب معدلاتھا بین الشباب من غیر الجالسین على مقاعد الدراسة التي تقارب 40
.%
الإسراع في الإفصاح عن مؤشرات الفقر سیساعد على فھم الواقع بشكل أكثر دقة وأكثر عمقا،
وبالتالي سیمكن الباحثین والمراقبین والإعلامیین من تقییم السیاسات المعمول بھا، وتطویر
سیاسات بدیلة بشكل أكثر
دقة.
والإسراع في الإفصاح عن مؤشرات الفقر سیساعد أیضا على إعادة النظر والتفكیر بمؤشرات
اجتماعیة أخرى مثل تحلیل الطبقات الاجتماعیة والحد الأدنى للأجور، وسیرتقي بالنقاشات التي
نشھدھا في الأردن لتكون قائمة على أسس علمیة وموضوعیة، بعیدا عن الانطباعات
والتقدیرات التي یمكن أن تكون غیر صحیحة.
إضافة الى ذلك، من شأن الإفصاح السریع عن مؤشرات الفقر أن یحافظ على ما تبقى من
مصداقیة الحكومة في استھدافھا الحقیقي للمشكلات التي نعاني منھا، الى جانب الحفاظ على
سمعة دائرة الإحصاءات العامة التي نجزم أنھا تتمتع بسمعة جیدة محلیا وإقلیمیا ودولیا.