صندوق طوارئ لمواجهة تداعيات “كورونا”
يبدو أن التداعيات الاقتصادية لسرعة انتشار فيروس "كورونا المتجدد” تكبر مثل كرة الثلج في مختلف أنحاء العالم، وتجتهد الدول في تطوير أدوات لتقليل خسائر اقتصاداتها على مستوى الاقتصادين الكلي والجزئي.
ونحن في الأردن بدأنا نتلمس الآثار السلبية للإجراءات الوقائية التي لا بديل عنها لحماية أرواح وصحة الأردنيين والمقيمين من لاجئين وعمال مهاجرين وزوار.
هنالك قطاعات اقتصادية كاملة سوف تتضرر بعمق من تداعيات انتشار الفيروس، وهذه القطاعات يعمل فيها مئات آلاف العاملين، ومع مضي الوقت ستجد نفسها غير قادرة على تحمل تكاليف استمرار الاحتفاظ بهم، إلى جانب قطاعات من العاملين الذين يعملون بشكل غير منظم، اذ يعملون مع أنفسهم وعند آخرين بشكل موسمي ويومي وغير مغطيين في إطار الضمان الاجتماعي، وحجم هذه الفئة لا يستهان به، حيث تبلغ نسبتهم ما يقارب 48 بالمائة من القوى العاملة في الأردن.
ان اضطرار منشآت بعض القطاعات الاقتصادية مثل النقل والمطاعم والفنادق وغيرها، وتسريح اعداد كبيرة من العاملين فيها الى جانب عدم قدرة مئات آلاف العاملين بشكل غير منظم على العمل، من شأنه أن يدفعنا الى أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة.
أمام هذه المعطيات وما قد يستجد من معطيات أخرى غير معلومة حتى الآن، نجد أنفسنا في الأردن مطالبين بإنشاء صندوق طوارئ وطني يتم رفده بالمخصصات المالية الازمة لحماية منشآتنا الاقتصادية وسلامة واستقرار مجتمعنا.
صحيح أن قدرات دولتنا المالية ضعيفة وغير قادرة على توفير المخصصات المالية اللازمة لمواجهة جميع متطلبات هذه الأزمة، إلا أن هنالك طرقا وأساليب عديدة يمكن استخدامها لتوفير المخصصات لهذا الصندوق.
أولى هذه المصادر يتمثل في الاعتذار من الدائنين الخارجيين، سواء كانوا دول أو مؤسسات عن تسديد الديون الخارجية لهذا العام نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر فيها العالم بما فيه الأردن، إلى جانب ذلك العمل على الاستفادة من البرامج والمخصصات التي أعلنتها المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الأوروبي، حيث تم تخصيص حتى الآن ما يزيد على 63 مليار دولار لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس على المستوى العالمي، يضاف إلى ذلك، إمكانية الحصول على منح من الدول الصديقة لرفد هذا الصندوق.
يمكن كذلك رفد هذا الصندوق بمخصصات من صندوق الضمان الاجتماعي الذي يتمتع بملاءة مالية ممتازة، خاصة وأن هذه المخصصات ستوجه نحو تعزيز الحمايات الاجتماعية المختلفة، وهي في صلب أهداف المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وسوف تخفف أيضا عن صندوق الضمان أعباء تأمين التعطل عن العمل الذي سوف يتوسع استخدامه بشكل غير مسبوق.
الى جانب كل ذلك، هنالك قطاعات اقتصادية أردنية حققت عواد مالية كبيرة خلال السنوات الماضية نتيجة اختلالات بعض السياسات المالية وخاصة الضريبية، وقد آن الأوان لكي تساهم هذه القطاعات في حماية القطاعات الاقتصادية التي تتعرض لخطر عدم الاستمرار وتهدد مستقبلها ومستقبل العاملين فيها.
الظروف الاستثنائية بحاجة الى اجراءات استثنائية، ونحن في الأردن أسوة بغيرنا من شعوب العالم وبالتضامن معهم، بأمس الحاجة للتضامن والتكافل لتجاوز هذه الأزمة ومخاطرها، وبالنتيجة سنفوز ونربح جميعا.