jo24_banner
jo24_banner

مرحلة جديدة في الصراع الغربي الروسي

احمد عوض
جو 24 :

دخل الصراع الروسي الغربي مرحلة جديدة أخيرا مع إعلان روسيا وقف تزويد أوروبا بالغاز "إلى إشعار آخر” عبر أنبوب نوردستريم-1.
جاء ذلك بعد أن أعلن الاجتماع الوزاري لمجموعة السبع الكبرى خطة تهدف إلى وضع سقف أعلى لأسعار النفط الروسي، في خطوة من شأن تنفيذها تضييق الخناق أكثر على الاقتصاد الروسي، وهي تأتي بعد فرض عقوبات اقتصادية غربية غير مسبوقة على روسيا منذ بداية العام الحالي.
صحيح أن المخزون الاستراتيجي من الغاز للدول الأوروبية ارتفع خلال الأشهر القليلة الماضية ليصل عند بعض دول أوروبا الغربية الى مستويات تزيد على 80 بالمائة، وعند بعض دول أوروبا الشرقية ما يقارب 60 بالمائة، الأمر الذي يمكن أن يجنبها بعض صدمات نقص الإمدادات خلال الشتاء المقبل.
إلا أن هذا لم ولن يمنع حدوث ارتفاعات ضخمة جدا لأسعار الطاقة بشكل عام؛ حيث تضاعف سعر الغاز أكثر من عشر مرات، ومرشح للزيادة أكثر، كذلك فإن أسعار النفط مرشحة لارتفاعات غير مسبوقة، تشير بعض توقعات مراكز بحوث الطاقة إلى أنها قد تصل إلى أكثر من 300 دولار للبرميل.
من شأن هذا التصعيد الاقتصادي أن يعمق حالة اللايقين على المستويين الاقتصادي والسياسي، فقد فتحت مآلات الصراع على مصراعيها، ولن تقتصر تأثيراته على الدول الأوروبية وروسيا فحسب، إذ لن يبقى في العالم دولة لن تتأثر بتداعياته.
الارتفاعات غير المسبوقة لأسعار النفط والغاز ستفرض بالضرورة تحديات جديدة على مختلف دول العالم، وكعادة مختلف الأزمات الاقتصادية؛ فإن الدول الفقيرة ستدفع الثمن بشكل أكبر، وفقراء العالم من سيتحمل العبء الأكبر لذلك.. فمن جانب، ستزيد عجوزات الدول المستوردة للطاقة من نفط وغاز بشكل سيهدد قدرتها على الاستمرار والوفاء بالتزاماتها حيال مجتمعاتها، وكما هو معلوم، فإن حدة التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية وصلت إلى مستويات خطيرة جدا، وأصبحت مرشحة للزيادة أكثر.
كما أنه يعمق أكثر فأكثر موجات التضخم في الأسعار، التي ستزيد من الضغوط على الطبقتين الوسطى والفقيرة، ما سيضع غالبية البشر أمام مخاطر ربما تصل حد الجوع لقطاعات أوسع من الناس.
ومن جانب آخر، سيؤدي الارتفاع الكبير المتوقع في أسعار الطاقة إلى إضعاف قدرات الدول المستوردة لها بمختلف أنواعها على الوفاء بالتزاماتها تجاه دائنيها، لنصل إلى المرحلة التي جرى التحذير منها أكثر من مرة، وتتمثل في انفجار قنبلة "الدين العام”، وهذا سيدخل العالم في أزمة من نوع مختلف.
يضاف إلى ذلك، أن مآلات هذه المرحلة من الصراع ستدفع باتجاه دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود جديدة، حيث الضغوط على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومؤشرات ذلك بدأت تظهر مع تسجيل العديد من دول العالم الكبرى تراجعا في النمو للربعين الأولين من هذا العام، إضافة إلى توقف العديد من الشركات الكبرى في المراكز الاقتصادية الكبرى في العالم عن العمل، وبخاصة في أوروبا الغربية بسبب الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الغاز.
مديات الصراع ومآلاته تسير باتجاهات معقدة، وعلى العالم التفكير بأدوات لتبريد حدة الصراع، وليس تسخينه. ونحن في المنطقة، والأردن بخاصة، لسنا بمنأى عما يجري في العالم، وعلينا اتخاذ إجراءات احتياطية لحماية اقتصادنا ومجتمعنا من مخاطر ما هو مقبل.
هذه ليست رؤية سوداوية، بل هي دعوة للتفكير بما هو مقبل بجدية.

الغد
تابعو الأردن 24 على google news