لا لشيطنة اللاجئين
د.يوسف منصور
جو 24 : شيطنة اللاجئين وجعلهم محور وسبب كل مشاكلنا في خضم محاولات الحكومات للحصول على المزيد من الدعم من قبل الدول والمؤسسات المانحة، هو أمر خطير وضار بالأردن أولا. وهو سياق فكري مكلف من عدة نواح، وضار بالاقتصاد على المدى القصير والمتوسط والبعيد، حيث يشجع الخطاب الرسمي وأجهزته الإعلامية على جعل اللاجئين كبش الفداء المسبب لكل ما ألم بالأردن من مشاكل اقتصادية نعلم أنها نجمت عن سوء الإدارة المتراكم وغياب المساءلة وعدم التعامل بشكل استراتيجي مع المدخلات والمتغيرات الاقتصادية رغم زج الاقتصاد في مسيرة عولمة سريعة لا يحسدنا عليها أحد.
فمثلا تشير أرقام مسح دائرة الإحصاءات العامة إلى أن الاقتصاد الأردني استحدث 21 ألف فرصة عمل للنصف الأول من عام 2012، مقارنة مع 24.5 ألف فرصة عمل خلال الفترة نفسها من 2011، اي أن قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف تراجعت قبل تزايد تدفقات اللاجئين الى الأردن، خاصة وأن ثلث الوظائف استحدثها القطاع العام، وهو ليس بالضرورة خبر يستحق الحفاوة بل يزيد من ضعف الحكومة وأجهزتها وقدرتها وقدرتنا على تحمل ديونها وعجوزها التي تنمو بسرعة لا تحتمل. ولكن الحوار المنقوص حول اللاجئين سيجعل بعضهم يلقي باللوم على اللاجئين الآن لتبرير نمو البطالة لدينا.
وتحث الحكومة بطرق مباشرة وغير مباشرة على فكر وتصرف سالبين نحو اللاجئين، وذلك من خلال تهويل تكاليف استضافة اللاجئين وتحاشي أي ذكر للمنافع التي يحصدها الاقتصاد الأردني من هذه الاستضافة كاستثمارات مباشرة لما يحضروه من مدخرات وتحفيز للطلب نتيجة النمو السكاني وما يترتب عليه من نمو اقتصادي، وتوفير عمالة بديلة أقل تكلفة للعمالة التي لدينا وأحيانا متفوقة ولازمة مما يقلل من تكاليف الإنتاج. فبالنسبة للتخوف من كونهم سيزاحمون العمالة المحلية فأعتقد أن هناك الكثير من المبالغة في ذلك فهم ينافسون العمالة الأجنبية الأخرى في وظائف لا يتنافس عليها الأردنيون لأسباب خبرناها ونعلمها منذ سنين. وتركز الحكومة فقط على ما تتكبده من مصاريف نتيجة استضافة اللاجئين فيحدث تناس كبير للمنافع كالرسوم والضرائب الإضافية المترتبة على نمو وتيرة النشاط الاقتصادي وبالتالي حصة الحكومة منه، كل هذا لكي لا تستخدمها الدول المانحة كورقة تفاوض من أجل تقليل ما ستدفعه للأردن مقابل هذه الاستضافة.
لا بد من التراجع عن الحوار غير الموضوعي القائم على لوم اللاجئين على كل ما يحدث من تراجع اقتصادي أو غلاء مصحوب ببطالة، كما يجب أن ننتبه إلى عدم شيطنة اللاجئين، فتأثير الأزمة السورية على الأردن متعدد الأبعاد: الأردن استفاد ويستفيد من تحول الاستثمارات من هناك إلى هنا، ومن استثمارات الإخوة السوريين ذاتهم (ثاني أكبر مستثمر غير أردني في الصناعات التحويلية)، كما أن الموسم السياحي في الأردن تحسن بشكل كبير بعد تأزم الوضع في سورية وظهور بوادر انتشار الفوضى في لبنان ما منع السياحة العربية اليهما وحسن من سياحة الأردن. كما أن 40 % من السلع المستوردة للأردن كانت تمر عبر سورية ومن ميناء طرطوس، والآن ازدادت نسبة تشغيل ميناء العقبة كميناء بديل وآمن لهذه البضائع، رغم ارتفاع تكلفة الشحن، غير أن النشاط التجاري تحول بشكل أكبر إلى الأردن ومرافقه، وبدلا من أن تمد العراق خط نفطها الى سورية ستمده للأردن وفي ذلك الكثير من الفوائد التشغيلية والاستثمارية على المدى المتوسط والطويل، كما تعززت صورة الأردن في مخيلة العرب والأجانب بأنه البلد الأكثر أمانا للاستثمار ما سيؤدي بالكثير من المنافع لنا إذا ما أحسنا إدارة الأمور.
بالخلاصة لقد كانت مصائب المنطقة لنا فوائد منذ الأزل ولا تزال ولم يتغير شيء للآن، لذا دعونا نجعل الحوار أكثر علمية وموضوعية ولننظر في المرآة ولو لمرة واحدة، ولنضع اللوم على من يستحق اللوم فعلا وليس اللاجئين.العرب اليوم
فمثلا تشير أرقام مسح دائرة الإحصاءات العامة إلى أن الاقتصاد الأردني استحدث 21 ألف فرصة عمل للنصف الأول من عام 2012، مقارنة مع 24.5 ألف فرصة عمل خلال الفترة نفسها من 2011، اي أن قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف تراجعت قبل تزايد تدفقات اللاجئين الى الأردن، خاصة وأن ثلث الوظائف استحدثها القطاع العام، وهو ليس بالضرورة خبر يستحق الحفاوة بل يزيد من ضعف الحكومة وأجهزتها وقدرتها وقدرتنا على تحمل ديونها وعجوزها التي تنمو بسرعة لا تحتمل. ولكن الحوار المنقوص حول اللاجئين سيجعل بعضهم يلقي باللوم على اللاجئين الآن لتبرير نمو البطالة لدينا.
وتحث الحكومة بطرق مباشرة وغير مباشرة على فكر وتصرف سالبين نحو اللاجئين، وذلك من خلال تهويل تكاليف استضافة اللاجئين وتحاشي أي ذكر للمنافع التي يحصدها الاقتصاد الأردني من هذه الاستضافة كاستثمارات مباشرة لما يحضروه من مدخرات وتحفيز للطلب نتيجة النمو السكاني وما يترتب عليه من نمو اقتصادي، وتوفير عمالة بديلة أقل تكلفة للعمالة التي لدينا وأحيانا متفوقة ولازمة مما يقلل من تكاليف الإنتاج. فبالنسبة للتخوف من كونهم سيزاحمون العمالة المحلية فأعتقد أن هناك الكثير من المبالغة في ذلك فهم ينافسون العمالة الأجنبية الأخرى في وظائف لا يتنافس عليها الأردنيون لأسباب خبرناها ونعلمها منذ سنين. وتركز الحكومة فقط على ما تتكبده من مصاريف نتيجة استضافة اللاجئين فيحدث تناس كبير للمنافع كالرسوم والضرائب الإضافية المترتبة على نمو وتيرة النشاط الاقتصادي وبالتالي حصة الحكومة منه، كل هذا لكي لا تستخدمها الدول المانحة كورقة تفاوض من أجل تقليل ما ستدفعه للأردن مقابل هذه الاستضافة.
لا بد من التراجع عن الحوار غير الموضوعي القائم على لوم اللاجئين على كل ما يحدث من تراجع اقتصادي أو غلاء مصحوب ببطالة، كما يجب أن ننتبه إلى عدم شيطنة اللاجئين، فتأثير الأزمة السورية على الأردن متعدد الأبعاد: الأردن استفاد ويستفيد من تحول الاستثمارات من هناك إلى هنا، ومن استثمارات الإخوة السوريين ذاتهم (ثاني أكبر مستثمر غير أردني في الصناعات التحويلية)، كما أن الموسم السياحي في الأردن تحسن بشكل كبير بعد تأزم الوضع في سورية وظهور بوادر انتشار الفوضى في لبنان ما منع السياحة العربية اليهما وحسن من سياحة الأردن. كما أن 40 % من السلع المستوردة للأردن كانت تمر عبر سورية ومن ميناء طرطوس، والآن ازدادت نسبة تشغيل ميناء العقبة كميناء بديل وآمن لهذه البضائع، رغم ارتفاع تكلفة الشحن، غير أن النشاط التجاري تحول بشكل أكبر إلى الأردن ومرافقه، وبدلا من أن تمد العراق خط نفطها الى سورية ستمده للأردن وفي ذلك الكثير من الفوائد التشغيلية والاستثمارية على المدى المتوسط والطويل، كما تعززت صورة الأردن في مخيلة العرب والأجانب بأنه البلد الأكثر أمانا للاستثمار ما سيؤدي بالكثير من المنافع لنا إذا ما أحسنا إدارة الأمور.
بالخلاصة لقد كانت مصائب المنطقة لنا فوائد منذ الأزل ولا تزال ولم يتغير شيء للآن، لذا دعونا نجعل الحوار أكثر علمية وموضوعية ولننظر في المرآة ولو لمرة واحدة، ولنضع اللوم على من يستحق اللوم فعلا وليس اللاجئين.العرب اليوم