نصائح من جوزيف ستيغلتز
د.يوسف منصور
جو 24 : زار الأردن قبل ايام احد أهم نجوم علم الاقتصاد، البروفيسور جوزيف ستغلتز، الحائز على جائزة النوبل في الاقتصاد (2201) نتيجة عمله وبحوثه في ما يسمى "المعلومات غير المتماثلة" (أي عدم تساوي المعلومة بين طرفي عملية البيع والشراء أو المبادلة)، واستضافه مشكورا المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومعه ثلة من المهتمين بشؤون الاقتصاد في الأردن وتحدث هذا العالم النابغ عن عدة أمور ألخص بعض أهم النقاط منها هنا.
لقد أضر أمريكا وجود وتنامي اللامساواة أو العدالة في توزيع الدخل باقتصادها، خاصة أن 1% من السكان أصبحوا يسيطرون على 25 % من الموارد وهي نسبة خطرة جدا بالنسبة لستيغلتز (وغالبية باحثي العلوم الاجتماعية)؛ كما أن عدم اهتمام أمريكا بالإنفاق على التعليم والسياسات الاقتصادية القائمة هناك على عدم المساواة في فرص التعليم وغلاء تكلفة التعليم في أفضل الجامعات هناك لتصبح متوفرة للموسرين فقط، قلل من قدرة الاقتصاد الأمريكي على الإبداع والابتكار، وبالتالي تنافسية البلد وأدى الى أن يستهلك الناس أكثر مما ينتجون، أي من خلال الاقتراض وليس نتيجة انتاج حقيقي، فأصبحت معدلات النمو لا تعني شيئا، وضعف بذلك اقتصاد امريكا، وهو اكبر اقتصاد شهده التاريخ. وبالتالي يعزو ستيغلتز تراجع الاقتصاد والركود هناك إلى عدم العدالة في توزيع الدخل.
ينطبق هذا الكلام وبشدة أكثر على حال الأردن حيث أن عدم العدالة في توزيع الدخل في الأردن اشد منه في أمريكا إذ يسيطر 1 % من السكان لدينا على 30 % من الموارد، ومدارس الأثرياء تضاهي أفضل المدارس في العالم ليس من حيث المستوى التعليمي فحسب بل من حيث التكلفة. وبالنتيجة فإن من يولد من الشباب في الأردن لأب فقير سيظل فقيرا خاصة مع تراجع الإنفاق الحكومي على التعليم العام لصالح أوجه إنفاق أخرى، فيفقد بذلك غالبية الشباب في مجتمعنا الشاب فرصة العيش الكريم.
لذا فإن المطلوب تقديم تصور جديد حول الاستثمارات في البنى التحتية و التكنولوجيا والتربية والتعليم وهي عوامل ضرورية للتحول نحو اقتصاد منتج. وبالطبع فإن هذا مطلب إضافي الى مطلب وجود قانون انتخاب يشجع الديمقراطية والتمثيل غير الاقصائي لكافة ابناء الوطن لنخرج بذلك بالأردن من الريعية (أشير إلى بحث مهم قدمه الصديق د. عمر رزاز حول هذا الموضوع)، فالخروج من الريعية نحو الإنتاجية يتطلب العمل على عدة محاور منها تحسين التعليم وتطوير البنى التحتية إضافة الى العدالة في فرص التعليم والتدريب والوصول الى الممكنات الاقتصادية (البنية التحتية مهمة جدا هنا) لكي يصبح الإنسان شخصا منتجا، ومن ثم فإن العدالة في فرص العمل لتمكين استثمار هذه المؤهلات في الاقتصاد ككل هو متطلب مهم للنمو والتنمية على مستوى الفرد والوطن.
ايضا، يحارب ستيغلتز في كتاباته سياسات التقشف كوسيلة سيئة لإدارة الاقتصاد فحين يكون هنالك ضعف في الطلب ونقص في التداول، ينجم عن سياسات تقشف الدولة تراجع إضافي في الانتاج حيث أن الحكومة مستهلك كبير للمشروعات والاستثمارات وطلبها على هذه المشروعات يزيد من الطلب الكلي الاقتصادي ما يحفز الانتاج وبالتالي التوظيف والنمو. وعندما يقل الإنتاج يقل النمو و تزداد البطالة وتنخفض الأجور ويقبل بعضهم بتخفيض الأجر ويرفضه آخرون فتزداد اوجه عدم المساواة. وفي الأردن، ومع رفع الأسعار فلا بد للحكومة من تحفيز نمو الأجور وإلا فسينتج عن ذلك تصعيد لوتيرة السخط العام الحالي، وذلك اضعف الإيمان. (العرب اليوم)
y.mansor@alarabalyawm.net
لقد أضر أمريكا وجود وتنامي اللامساواة أو العدالة في توزيع الدخل باقتصادها، خاصة أن 1% من السكان أصبحوا يسيطرون على 25 % من الموارد وهي نسبة خطرة جدا بالنسبة لستيغلتز (وغالبية باحثي العلوم الاجتماعية)؛ كما أن عدم اهتمام أمريكا بالإنفاق على التعليم والسياسات الاقتصادية القائمة هناك على عدم المساواة في فرص التعليم وغلاء تكلفة التعليم في أفضل الجامعات هناك لتصبح متوفرة للموسرين فقط، قلل من قدرة الاقتصاد الأمريكي على الإبداع والابتكار، وبالتالي تنافسية البلد وأدى الى أن يستهلك الناس أكثر مما ينتجون، أي من خلال الاقتراض وليس نتيجة انتاج حقيقي، فأصبحت معدلات النمو لا تعني شيئا، وضعف بذلك اقتصاد امريكا، وهو اكبر اقتصاد شهده التاريخ. وبالتالي يعزو ستيغلتز تراجع الاقتصاد والركود هناك إلى عدم العدالة في توزيع الدخل.
ينطبق هذا الكلام وبشدة أكثر على حال الأردن حيث أن عدم العدالة في توزيع الدخل في الأردن اشد منه في أمريكا إذ يسيطر 1 % من السكان لدينا على 30 % من الموارد، ومدارس الأثرياء تضاهي أفضل المدارس في العالم ليس من حيث المستوى التعليمي فحسب بل من حيث التكلفة. وبالنتيجة فإن من يولد من الشباب في الأردن لأب فقير سيظل فقيرا خاصة مع تراجع الإنفاق الحكومي على التعليم العام لصالح أوجه إنفاق أخرى، فيفقد بذلك غالبية الشباب في مجتمعنا الشاب فرصة العيش الكريم.
لذا فإن المطلوب تقديم تصور جديد حول الاستثمارات في البنى التحتية و التكنولوجيا والتربية والتعليم وهي عوامل ضرورية للتحول نحو اقتصاد منتج. وبالطبع فإن هذا مطلب إضافي الى مطلب وجود قانون انتخاب يشجع الديمقراطية والتمثيل غير الاقصائي لكافة ابناء الوطن لنخرج بذلك بالأردن من الريعية (أشير إلى بحث مهم قدمه الصديق د. عمر رزاز حول هذا الموضوع)، فالخروج من الريعية نحو الإنتاجية يتطلب العمل على عدة محاور منها تحسين التعليم وتطوير البنى التحتية إضافة الى العدالة في فرص التعليم والتدريب والوصول الى الممكنات الاقتصادية (البنية التحتية مهمة جدا هنا) لكي يصبح الإنسان شخصا منتجا، ومن ثم فإن العدالة في فرص العمل لتمكين استثمار هذه المؤهلات في الاقتصاد ككل هو متطلب مهم للنمو والتنمية على مستوى الفرد والوطن.
ايضا، يحارب ستيغلتز في كتاباته سياسات التقشف كوسيلة سيئة لإدارة الاقتصاد فحين يكون هنالك ضعف في الطلب ونقص في التداول، ينجم عن سياسات تقشف الدولة تراجع إضافي في الانتاج حيث أن الحكومة مستهلك كبير للمشروعات والاستثمارات وطلبها على هذه المشروعات يزيد من الطلب الكلي الاقتصادي ما يحفز الانتاج وبالتالي التوظيف والنمو. وعندما يقل الإنتاج يقل النمو و تزداد البطالة وتنخفض الأجور ويقبل بعضهم بتخفيض الأجر ويرفضه آخرون فتزداد اوجه عدم المساواة. وفي الأردن، ومع رفع الأسعار فلا بد للحكومة من تحفيز نمو الأجور وإلا فسينتج عن ذلك تصعيد لوتيرة السخط العام الحالي، وذلك اضعف الإيمان. (العرب اليوم)
y.mansor@alarabalyawm.net