jo24_banner
jo24_banner

ضريبة جديدة على الحديد

د.يوسف منصور
جو 24 : صدر قرار مجلس الوزراء الذي بتاريخ 4 حزيران وذلك بفرض تدبير وقائي على مستوردات المملكة من حديد التسليح بقطر من 8 إلى 32 ميلمترا ولفائف الحديد التي يزيد قطرها عن 5ر7 ميلمتر وفرض رسم نوعي إلى جانب الرسم الجمركي الحالي بقيمة 80 دينارا للطن الواحد في السنة الأولى لتنفيذ القرار، و70 دينارا في السنة التي تليها، و60 دينارا لنصف السنة الثالثة، حيث يجب أن لا يتجاوز التدبير الوقائي حسب تعليمات منظمة التجارة العالمية سنتين ونصف السنة، وذلك كون مثل هذه التدابير يجب أن تكون مؤقتة.
وتوضع مثل هذه التدابير عادة بناء على طلب يقدم من شركات محلية تدعي الضرر نتيجة تدني أسعار المستورد مما يؤدي إلى هبوط الأسعار في السوق المحلية بشكل لا تستطيع معه الشركات المحلية إلا أن تخسر أو ربما تغلق أبوابها، وبما أن الشركات المحلية لدينا توظف 6000 عامل، فإنها تقدمت بطلب حماية مبينة فيه البيانات والتحاليل اللازمة.
ومن الجدير بالذكر أن غرفة صناعة عمان تنشر أسبوعيا نشرة إرشادية بالاتفاق مع مصانع الحديد لأسعار بيع مادة حديد التسليح المصنعة محليا حيث يتراوح سعر بيع طن الحديد شد 40 أرض المصنع تحميل ظهر السيارة بين 528 و 569 دينارا، وشد 60 أرض المصنع تحميل ظهر السيارة يتراوح بين 532 و 574 دينارا (من دون ضريبة المبيعات والبالغة 8 بالمئة).
ولأن الأسعار تأشيرية، واعتقد بالتزام الغالبية بها، سنجد أن حيز المنافسة السعرية ضيق بين هذه الشركات، ومن الواضح أن الشركات هي التي تضعها، مما قد يؤدي إلى شبهات تواطؤ ضمني ضار بالمنافسة حسب قانون المنافسة.
لنعد للقرار: الحكومة لدينا ترحب بمثل هذه الإجراءات، لأنها تدر عليها دخلا جديدا وتتصرف من خلاله وكأنها تحمي الإنتاج الوطني، ولكنه في الحقيقة مدخل لها لفرض ضريبة جديدة رغم أنه ضار بالصناعة المحلية على المدى البعيد إن لم يصاحبه تحديث وتمكين للصناعة لكي تنافس.
وأذكر أننا قبل عشر سنوات تقريبا قمنا بدراسة واقع صناعة الأحذية وتهديد استيراد الأحذية المصنوعة في الصين للمصانع المحلية وأوصت الدراسة حينها بدعم صناعة الأحذية المحلية وفرض ضريبة على الصيني المستورد، ففرضت الحكومة الضريبة بسرعة ولم تدعم المحلي، فكانت النتيجة ولادة مصدر دخل جديد للحكومة يدفعه المواطن الأردني بعد أن أصبح الحذاء الصيني أعلى ثمنا واندثرت صناعة الأحذية الأردنية (أصبحت مصانعنا مخازن للأحذية الصينية) وضاعت صناعة حرفية أردنية للأبد ولأسباب، منها أن الحكومة لم تدعمها كما أوصت الدراسة.
الضريبة الجديدة على المستورد سترفع من سعره، وسيرتفع معها سعر المحلي، وسيدفع ثمنها المواطن الذي سيجد أن اسعار الحديد ارتفعت، وأن أسعار البناء معها سترتفع في عمان، ثالث أغلى مدينة عربية بعد دبي وبيروت (رغم أن متوسط الدخل لا يضاهي نصف الدخل في بيروت وسدسه في دبي).
أيضا، يجب أن نتذكر أن بعض شركات الحديد المحلية كانت موضع تحقيق من قبل وزارة الصناعة قبل سنوات (2004-2005) نتيجة تذمر شعبي من ارتفاع الأسعار وإدعاءات أنها تتفق ضمنيا ضد صالح المستهلك فتقلل من المنافسة بينها وتضع حصصا وأسعارا لكل منها وكأنها كارتل، مما يؤدي إلى ممارسات غير كفؤة في الإدارة والإنتاج ودمار هذه الصناعة على المدى المتوسط والبعيد. وحينها قيل إن المتنفذين من أصحاب هذه الشركات استطاعوا الضغط وتغيير نتيجة التحقيق.
بناء على ما سبق، ولأن القرار يزيد من الضرائب حاليا (إذا استمرت الحكومة على هذا النهج التحصيلي ستجد ذاتها من دون اقتصاد ومن دون دخل منه)، اعتقد أن الحكومة تسرعت في اتخاذه وكان من الحري بها النظر إلى الصورة الكلية أيضا، وهو أمر مفروض بل وبديهي في إجراءات حماية الإنتاج الوطني.

y.mansor@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news