jo24_banner
jo24_banner

وعد ترامب الجديد: دلالة المكان والتاريخ

زيد محمد النوايسة
جو 24 : بنفس التوقیت وبعد أربعین عاما من توقیع معاھدة السلام المصریة الإسرائیلیة في السادس والعشرین من آذار1979 ،ومن نفس المكان یعلن الرئیس ترامب وعداً جدیداً باعتبار الجولان السوري أرضاً خاضعة للسیادة الإسرائیلیة في خطوة لا یمكن القفز عن رمزیة المكان والتاریخ فیھا بالنسبة لنتنیاھو بمعزل عن أھمیتھا لصاحب الوعد ترامب الذي أشاد بنتنیاھو وتحدث عنھ بقدسیة رغم كل تاریخھ الاجرامي مع التأكید على عمق العلاقة الأمیركیة الإسرائیلیة، دون أن ینسى إھداء القلم الذي وقع بھ لنتنیاھو، بینما بقي القلم الذي وقعت بھ الاتفاقیات الثلاثة السابقة في البیت الأبیض. قرار ترامب الذي یخالف القرارات الدولیة لا معنى قانونیا أو سیاسیا لھ ویتناقض مع كل قرارات الإدارات السابقة بما فیھا إدارة بیل كلینتون التي ضمنت ما سمي " ودیعة رابین" سنة 1994وھو التعھد الذي قدمھ اسحق رابین لوزیر الخارجیة الأمیركي آنذاك وارن كریستوفر والذي كاد أن یفضي لإنجاز تسویة سوریة إسرائیلیة لولا تفاصیل بسیطة تتعلق ببحیرة طبریا وإصرار الرئیس الراحل حافظ الأسد على أن تكون الحدود السوریة مشاطئة للبحیرة مع خلاف على تحدید طبیعة العلاقات بعد إنجاز التسویة ورفض وجود محطة إنذار إسرائیلیة. لا یمكن التقلیل من خطورة القرار الأمیركي لكنھ بنفس الوقت لن یغیر الحقائق على الأرض لا سیاسیاً ولا جغرافیاً ولا سكانیاً، القرار یأتي في سیاق التوظیف الانتخابي لنتنیاھو وھو یخوض معركة انتخابیة شرسة؛ ویسعى لشرعنة القرار الأمیركي دولیاً مستغلاً الانحیاز المطلق في ظل ھذه الإدارة للمصالح الإسرائیلیة؛ إذ تتسرب أخبار عن خطة تطویر للھضبة المحتلة بحیث تكون قادرة على استیعاب ربع ملیون مستوطن في سیاق تھوید الھضبة وتغییر معالمھا السكانیة. لم یكن عبثیاً توقیت إعلان القرار فھو مناسب وتاریخي، فالدولة السوریة منھكة بفعل أزمة دامیة ما تزال تعاني من آثارھا الكارثیة؛ وعزلة عربیة مستمرة وتحتاج لسنوات لاستعادة دورھا وقدرتھا في التأثیر؛ بنفس الوقت شكلت ردة الفعل العربي العاجزة عن اتخاذ موقف فاعل ومنتج على سلسلة القرارات الامیركیة منذ نقل السفارة الى القدس المحتلة ووقف دعم منظمة غوث اللاجئین الفلسطینیین ووقف التنسیق مع السلطة الوطنیة الفلسطینیة أرضیة مناسبة للمضي في القرار. لكن بالمقابل ھناك كلفة تستطیع سوریة وحلفاؤھا فرضھا على الطرف الإسرائیلي. فھذا القرار سیوحد ما یسمى حلف المقاومة والممانعھ ویعزز الوجود الإیراني وحزب الله في سوریة باعتبار أن ھناك مبررا لوجوده لیس على بعد 80 كم كما نجحت روسیا سابقاً في إبعاد الإیرانیین عن الجولان بل على حدود الجولان مباشرة. ثم أن ھذه الخطوة الأمیركیة لن تكون عاملاً مساعداً في تمریر صفقة القرن التي ترفضھا في الأصل الأطراف الفاعلة في المشھد الفلسطیني وھم الفلسطینیون والأردنیون. أیضاً أحرج ھذا القرار حلفاء الولایات المتحدة من العرب الساعین لتمریر الصفقة للتفرغ للصراع مع إیران، وكشف المعارضة السوریة التي راھنت على إنجاز تسویة مع الإسرائیلیین في حال إحداث تغییر سیاسي لصالحھا في سوریة فعلى ماذا سیتفاوضون إذا خرج الجولان من الصراع؟ ربما تكون الخطوة الامیركیة تكتیكیة تھدف منھا دعم نتنیاھو ودفع دمشق لتعزیز تحالفھا مع طھران على حساب العلاقة مع موسكو كمدخل لإنھاء التحالف الثلاثي (موسكو – طھران- دمشق) في مقدمة لخلط الأوراق في الجنوب السوري من جدید، لأن ملامح الافتراق الروسي الإیراني في الملف السوري تزداد وربما یسعى الأمیركان للاستثمار فیھ لا سیما وأن التنسیق الروسي الإسرائیلي لم ینقطع ویبدو أن لروسیا حسابات تتناقض مع الشریك الإیراني.
الغد
تابعو الأردن 24 على google news