عندما نفرش المدرج الروماني بالكتب
فراس عوض
جو 24 :
"قيل للمأمون: ما ألذ الأشياء؟ قال: التنزه في عقول الناس" ، وكان يقصد القراءة. فكيف اذا امتزجت تلك النزهة العقلية الجميلة مع نزهة سياحية في أجمل معالم الاردن كالمدرج الروماني؟ بلا شك أنها ستكون نزهة فريدة.
إن الكتب ليست مجرد أكوام من الورق الميت، بل ارواحا تعيش على الرفوف، ولكن هذه المرة، فإن تلك الارواح ستعيش اربع وعشرين ساعة على درجات المدرج الروماني وسط عمان، تجلس عليه، تصافحه ويصافحها، ونصافحهما معا.
ان السياحة لا تقتصر على زيارة الأماكن القديمة والتراثية والاستمتاع بمناظرها وتاريخها، بل الأجمل عندما نرى تلك الأماكن مكسوة ومزينة بالكتب و الروايات والقصص، فتخلق أجواء ممزوجة بالثقافة، بالقراءة واقتناء الكتب، إن القراءة سياحة بين آثار الفكر الانساني ومعارفه، تجوال الفكر مع العلماء والأدباء والمبدعين، نزهة ممتعة في عقل الكون، طائرة تذهب بنا الى اماكن بعيدا عن دواخلنا لتحملنا الى عوالم أناس آخرين.
تداولت مع أصدقاء لي حول مبادرة ضخمة، تعد الأولى من نوعها في المنطقة ان تمت، لتعزيز وتنمية القراءة والترويج السياحي الثقافي و ذلك بفرش المدرج الروماني بعمان بعشرات الآلاف من الكتب، لم أجد بادرة طيبة و رائعة كهذه، من شأنها تعزيز مكانة الأردن سياحيا وثقافيا، و ابراز القارئ الاردني انه الأفضل عربيا، وتسويق ابداع الاردني القارئ والاردني الكاتب إقليميا وعالميا، وايضا الكتاب العرب وغيرهم، وأنه لشيء لطيف ان يمتع السائح الاجنبي والعربي ناظره برؤية المكان الأثري مزينا بالكتب التي تبث الروح في أحجاره مكونا انطباعا ايجابيا عن الاردن كوجهة ثقافية سياحية شعبها محب للقراءة والابداع والفن.
تهدف المبادرة الى ترسيخ عادة اقتناء الكتب و التحريض عليها ، وتعزيز قيمة القراءة ودورها في تنمية الفكر والوعي والادراك والسلوك الايجابي والتنمية البشرية لدى أفراد المجتمع، تقوم الفكرة على ترويج الكتب والكتاب، كتب ذات طابع حضاري و وطني وانساني، ترسخ ثقافة التسامح والحوار والقيم الانسانية وقبول الآخر ونبذ التطرف، وغيرها من العناوين، سيتواجد الكتاب في اكبر تجمع بشري، وسيقدموا الكتب للناس مباشرة ويوقعوا اعمالهم خلال الفعالية التي ستمتد 24 ساعة ثقافية سياحية.
اتمنى دعم المبادرة من خلال الشراكة الرسمية والاهلية، الرسمية اللوجستية من قبل وزارة الثقافة و وزارة الشباب و وزارة السياحة لانجاح هذا العمل الضخم من موافقات ودعم لوجستي وما شابه ، فلدى الازبكية امكانية لعرض اكثر من 50000 كتاب مجانا تتناول اكثر من عشرين ألف عنوان، وهناك كتب ستقدم من قبل مؤسسات و دور نشر وافراد ومن يرغب، و الشراكة الأهلية من خلال تعاون وتبرع القطاع الخاص والجهات المعنية بالسياحة كالفنادق وغيرهم.
انجاح المبادرة سيتيح المجال ايضا لتأسيس مكتبات عديدة في المناطق النائية، وصولا الى مكتبة لكل عائلة اذا كان هناك امكانيات مادية ، ستكون الكتب على المدرج مصنفة ومرتبه بحيث تحفظ قيمة الكتاب، ويتم ارشاد الناس حيث اهتمامهم وعناوينهم المفضلة، وسيتخلل الفعالية ندوات وحفلات توقيع لمبدعين اعضاء في رابطة الكتاب، معروفين و مغمورين، مما يتيح لهم الكشف عن ابداعاتهم المخفية .
الفكرة جميلة على مستوى عربي واقليمي و عالمي، و اتمنى ان تلاقي الدعم من قبل وزارة الشباب والثقافة والسياحة لوجستيا ومعنويا، و من الجهات السياحية الخاصة ذات العلاقة وغيرها بأن يقدموا ماديا ما يستطيعوا لإنجاح هذا الفعل الوطني الانساني القيمي الضخم، ودعمه ما أمكن، وضمن الامكانيات المتاحة، ليبدو في أجمل حلة تقدم الوطن واماكنه السياحية للعالم ويمكن التواصل معي لأي استفسار او دعم.
اننا عندما نجمع الكتب نجمع السعادة، إن إحياء القراءة مسؤولية الجميع، ان القراءة ليست غاية، بل وسيلة للعيش عيشة سعيدة، هي اتساع الواعية وامتداد الحياة الى الآفاق، وان كانت القراءة بتلكم المثابة، فقد نالت الشرف الأسمى والمكان الأرفع، وحري بنا أن نوليها الإهتمام الأكبر وأن نجعلها ثقافة مجتمع و واجب عمر، ، إن أمة تقرأ أمة ترقى.. أمة تقود.