jo24_banner
jo24_banner

مصر المحروسة

محمد قبيلات
جو 24 : بعيداً عن لغة التخوين ونظرية المؤامرة في تقييم ما يحدث في مصر هذه الأيام، يمكن لمراقب المشهد أن يدرك حقيقة موقف الاخوان وقد تورطوا في لعبة الشد والجذب، وما يجري في المحروسة من أعراض وآلام مخاض مرافقة لإعادة بناء النظام من جديد.

بغض النظر عن برنامج الحزب وسياسته وأهدافه، فانه كحزب مصري عريق ما كان عليه أن يستحوذ على كراسي القيادة كافة، بل كان من واجبه ان يتعامل بمسؤولية اكبر، حتى وان حصد الكثير من خلال الاستحقاقات الشرعية والقانونية.

الصورة كانت أوضح لدى قيادة الجماعة إبان الثورة وبعيدها، عندما تعهدت بأنها لن ترشح احدا من أعضائها للرئاسة، بيد انه وكنتيجة لكونها حزبا سياسيا عانى من التهميش ولم يتبوأ مكانته السياسية الطبيعية لعشرات السنوات، باتت تزدحم صفوفه الاولى والثانية بأعداد من الكوادر المتجهزة لمناصب قيادية.

لسبب ما، ربما دفعت تلك الرغبات الجماعة إلى تغيير رأيها والاستعجال على حصد الغنائم، ولا بد هنا من ملاحظة طبيعة التنظيم الإخواني، الذي يحتاج لفلسفة تنظيمية جديدة تبدأ اولا بترسيخ قيم الديمقراطية داخليا وقيم العمل بروح الفريق مع مختلف مكونات المجتمع.

كان يمكن للجماعة ان تحتفظ بقوتها وثقلها السياسي كقوة راشدة وازنة، لو انها اكتفت بحصتها في مجلس الشعب كأغلبية، وساهمت بتجاوز المراحل الدستورية التي كان يجب ان تبدأ بالتوافق على الدستور قبل انتخاب مجلس الشعب وانتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة لتصل هي والآخرون لمرحلة يتم فيها تداول السلطة بأريحية.
اليوم، الشعب المصري كما باقي الشعوب العربية قفز عن تلك الأزمنة التي يستطيع فيها شخص او جهة ما الهيمنة عليه بالطريقة القديمة.

فلو ان الاخوان دعموا شخصية توافقية لمنصب الرئاسة، لربما حققوا الكثير من المكاسب، ناهيك عن استقرار مختلف الامور في البلاد، خصوصا في ظل القفز عن مرحلة مهمة، وهي الاتفاق على الدستور.

السؤال الذي ترك صداه في قاهرة المعز، هو كيف يجري انتخاب السلطة التشريعية وتشكيل السلطة التنفيذية دون دستور؟. لكن ما حدث لاحقاً من اصطدام بين السلطات الثلاث، أماط اللثام عن وجه الحقيقة للجميع.

لهذا وغيره يبدو الرئيس مرسي مهزوزا في خطاباته وليس بكامل الثقة المتوقعة، وهذا طبيعي كونه يظهر في كل مرة؛ مدافعاً عن نفسه امام جماهير تهتف في الميدان ذاته بإسقاط النظام، فنراه يركز على الاغلبية وحقوقها وواجب الانصياع لها ولا يتطرق لواجبات الأغلبية المنتصرة تجاه الأقلية، وهذا ركن رئيس في اخلاقيات الديمقراطية تمليه المصلحة الوطنية.

من المهم بقاء كل هذا في إطار التطور الطبيعي للثورة، ما دامت العملية تجري بحدود اشكال الصراع المدني السياسي، والتنافس لتحقيق المكتسبات لكل مكون تجاه المكونات الاجتماعية الاخرى، دون الانزلاق إلى الاقتتال والحرب الاهلية.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير