يساريون شركاء بالقتل
أكثر ما يلفت انتباهي هو اختزال بعض كتاب الأعمدة "اليساريين" للموقف الشائك في سوريا على نحو يحاولون فيه تبرير وقوفهم إلى جانب النظام هناك، بينما يفترض انهم من أكثر العارفين بتعقيدات الموقف في سوريا وتشعيباته وتشابكاته، ولا أدري ما سبب إهمالهم المتعمد للعنصر الأهم في المعادلة السورية، والذي يتمثل في حالة عدم الرضا الشعبية عن الطغمة الحاكمة، التي تنعكس بأشكال أخرى غير ما تبثه قنوات الخليج والمعارضة الخارجية.
وهذه أهم بكثير في قراءة حالة الفوضى التي تعم سوريا الآن، طبعا المرشحة لما هو أسوأ، ومن المؤكد أنها هي التي هزت شرعية النظام، فلو كان الأمر محصورا بمقاتلين مدعومين من الخارج والقليل من المنشقين، لتجاوز النظام ومنذ زمن بعيد هذه الأزمة، خصوصا انه ينزل بكل قوته الأمنية والعسكرية لهذه المواجهة ومعه قوات الحرس الجمهوري الايرانية وميلشيات حسن نصرالله بالإضافة إلى الميلشيات القادمة من العراق والمنضوية ضمن تشكيل ابو فضل العباس والمنتشرة جنوب وشرق دمشق.
وغريب ما يبدونه من تفاؤل غير ثوري بانتصار النظام في المعركة الدائرة هناك، والمفتوحة في كافة أرجاء سوريا، وانحيازهم للأعمال العسكرية وسياسة الأرض المحروقة التي ينتهجها النظام ضد المدن والأحياء والبلدات السورية.
ولا أدري ما هو مصدر هذا التفاؤل ببقاء النظام وانتصاره على الشعب السوري، وهل يصدق عاقل أن بشار الأسد سيبقى حاكما لسوريا بعد كل ما سال من دماء... طبعا أنا أشك في ذلك، بل انني متأكد انه لن يبقى طويلا، وليس هذا هو الموضوع ، لكن الأهم هو الجانب الأخلاقي، فكيف لكتاب بهذا الحجم أن يغفلوه، وأن يتم التعامل مع "الانجازات" الميدانية للأمن والقوات الموالية للنظام السوري على اعتبار انها أعمال مشروعة أخلاقيا؟؟؟