jo24_banner
jo24_banner

مصفوفة المصالح الأردنیة

زيد محمد النوايسة
جو 24 :








ھناك توصیف سیاسي مستمر یردده العدید من المسؤولین مفاده بأن الأردن سیقبل بما یقبل به
الطرف الفلسطیني. ھذا مقبول من ناحیة الشكل ولكنه یحتاج لقراءة وتعریف من ناحیة التفاصیل
والتبعات لأننا لا نعرف ولا توجد لدینا تفاصیل دقیقة عما یمكن أن یقبل بھ الطرف الفلسطیني
ومدى تعارضھ أو تطابقھ مع المصالح الاستراتیجیة الأردنیة في أي تسویة قد یتضمنھا مشروع
صفقة القرن، وعلینا أن نتذكر ترتیبات أوسلو التي تفاجأ الأردن بھا.

یمكن فھم تصریحات البعض، وإن كانت معلوماتھم لا تخرج عن نسق الأدبیات السیاسیة التقلیدیة،
بأنھا تنسجم مع الثوابت الأردنیة التي فرضھا الأمر الواقع عملیاً منذ قرار قمة الرباط العام 1974
ولاحقاً قرار فك الارتباط مع الضفة الغربیة وصولاً لاتفاقیة أوسلو غزة – اریحا أولاً، التي
اختارت فیھا القیادة الفلسطینیة بعد مفاوضات سریة أن توقع بعیداً عن مسار مدرید والوفد الأردني
الفلسطیني المشترك؛ وصولاً لصیغة السلطة الفلسطینیة وھو ما اعتبره الفلسطینیون حینذاك إنجازاً
باعتباره أول اعتراف إسرائیلي بالكیانیة الفلسطینیة المستقلة بعیداً عن أي تأثیر أردني.

یجب ألا یعني ھذا الأمر أردنیاً التسلیم بأي تسویة قد تقبلھا القیادة الفلسطینیة بالرغم من تصلب
موقف السلطة في رام الله وحكومة حماس في غزة حتى اللحظة. التسلیم بھذا المنطق الذي یكرره
البعض ھنا باعتبار أن أب وأم العروس ھم الفلسطینیون أنفسھم ونحن مع خیاراتھم صحیح بالنسبة
لبلد بعید جیوسیاسیاً مثل جیبوتي أو موریتانیا ولیس الأردن؛ فھذا مقبول نظریاً فیما یتعلق بالحقوق
الفلسطینیة ولكنه عملیاً مرتبط بمن سیبقى على رأس القیادة الفلسطینیة وما ھي السیناریوھات
المستقبلیة في حالة حدوث أي تغییر فلسطیني داخلي من الواضح أن الأردن لا یملك أي دور مؤثر
فیه.

الأصل، وأعتقد أن ھذا لن یغیب عن صناع القرار، وجود مصفوفة أردنیة واضحة تعرف المصالح
الاستراتیجیة للدولة الأردنیة في قضایا اللاجئین والحدود والأمن والمیاه وقضیة القدس والوصایة
الھاشمیة، لكن أبرزھا قضیة اللاجئین، فالأردن حسب مركز الإحصاء الفلسطیني یتواجد على
أرضھ 4.4 ملیون فلسطیني على اختلاف صیغ الشكل القانوني لوجودھم، فكل المؤشرات أن حق
العودة والتعویض أصبح خارج أي تسویة یمكن أن تقبل بھا إسرائیل حتى لو كان ھناك مرونة
.
أمیركیة فیھودیة الدولة أصبحت واقعاً.

فیما یتعلق بالشق السیاسي من الصفقة تشیر التسریبات إلى أن الأمر قد یتأجل لسببین: الأول
لانتظار انجلاء الموقف من الأزمة الأمیركیة الإیرانیة والثاني حسم مسألة تشكیل الحكومة
الإسرائیلیة المتعثرة، المؤكد ھنا أن التحضیرات للشق الاقتصادي من الصفقة بدأت بالإعلان عن
ورشة عمل"السلام من أجل الازدھار" في البحرین یومي 25 و26/حزیران المقبل؛ ھناك رفض
فلسطیني قاطع لھا، وروسي صیني أیضاً وفتور وعدم حماس أوروبي.

الغیاب الفلسطیني سیفقد ھذا اللقاء أي جدوى فالحدیث عن ازدھار وتنمیة في غیاب الطرف
الأساسي ھو أسرع وصفة لأفشال التسویة السیاسیة، فلا یمكن استبدال فكرة السلام مقابل الازدھار
والتطبیع بخیار الأرض مقابل السلام.
تابعو الأردن 24 على google news