سُنّة وشيعة!
لميس أندوني
جو 24 : كأن المشهد يحتاج إلى تعقيد جديد، جاء الهجوم على مركز للشيعة في الجنوب يزيد الوضع تأزيماً، فلم يكن ينقص الأردن إلا صراع طائفي يعمق حالة التفكيك الجارية والمتتالية.
حتى لو افترضنا أن الحادث، ردة فعل منعزلة، لا تحتمل التعميم، فإن ردود الفعل خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، تنذر بحالة عصبوية وفرز طائفي ، لا يمكن تجاهلها أو السكوت عنها.
فقد بدا وأن المعركة الأكبر ، من قبيل واجب ديني وأحيانا سياسي هي في مكافحة الشيعة، وكأن مجرد وجودهم يشكل خطراً وجوديا على الأردن والعالم العربي وفي الحالات الأكثر تطرفاً على مستقبل العالم.
الاستقطاب السني – الشيعي ليس ظاهرة أردنية، لكننا بدأنا نشعر ترددات الأزمات المحيطة بنا خاصة في سورية والعراق، وتعبيراتها الطائفية على المجتمع الأردني، فنرى الخطاب الطائفي يحل مكان النقاش السياسي في تحليل ظواهر سياسية واجتماعية لا علاقة بها بالمذهب أو الدين.
صحيح أن الصراعات داخل سورية والعراق تأخذ سمة طائفية، لكنها صراعات سياسية بالأصل، يُجرى توظيف الطائفية فيها من أجل التحشيد والتجييش، وتقسيم المجتمعات وتمزيقها، فلا تعود هناك مساحة لمطالب تحررية أو عدالة اجتماعية ، لأنه من الأسهل على القوى المتحكمة أن تضرب الناس ببعضها حتى ينسوا جذور الأزمات من استغلال وقمع وحرمان.
الأنظمة، قامت بتشجيع المفاهيم الطائفية، خاصة في الخطب الدينية، لأن مثل هذه اللغة مرحب بها، لأنها تصرف النظر عن العمل السياسي المعارض المنظم للتغيير، و بعض الأنظمة تستخدم هي نفسها الخطاب الطائفي، لإضفاء شرعية دينية مزيفة على سياساتها الداخلية.
ليست هناك جهة بريئة ؛ بدءاً من السياسات الاستعمارية، والاحتلال الأمريكي للعراق، إلى إيران ودعم لأحزاب طائفية شيعية في العراق، إلى جهات دعوية إسلامية سنية وشيعية ،إلى دول نفطية قامت على تدمير الحركات السياسية وذلك بصنع وتمويل مجموعات دينية متطرفة ومسلحة، تطلقها لتشويه كل قضية وطنية واجتماعية إلى تناحر طائفي.
هو الصراع نفسه الذي جر لبنان إلى أتون الحرب الأهلية، ولا يزال يتهددها، فتحول التنوع الديني في لبنان إلى نزاعات ومحاصصات طائفية، بين مسيحي ومسلم و سني وشيعي وعربي ودرزي، وبين مذاهب الديانة نفسها.
لكن الخطر الحالي أبعد من المحاصصات الطائفية بل خطر تفكيك العالم العربي إلى جيوب طائفية وإثنية متناحرة، وما التحذيرات من خطر الشيعة، يرافقها من أطراف أخرى، استعداء للسنة من قبل أطراف سياسية تدّعي تمثيل الشيعة، إلا لبنة الأساس في هدف استبدال إسرائيل بإيران كالتهديد الأكبر للعالم العربي والمنطقة.
في الأردن بالذات فإن مسببات استشراء الخطاب الطائفي،إضافة إلى انعكاسات الأزمات الإقليمية، تشمل السكوت على الخطاب الطائفي في بعض الجوامع، إذا كان ولاء المتكلم مضموناً، و انسحاب الدولة من دورها الاجتماعي الذي ادى الى صراع على المورد بين الفقراء ، فأصبح من يعتبر "غريباً"، على أساس مذهبي أو إقليمي، منافسا على لقمة العيش وفرص العمل، وبالتالي يجب محاربته وإقصاؤه، إن لم يصل الأمر إلى القضاء عليه
تقويض العملية التنموية، بالأخص في محافظات الجنوب، عمق المخاوف من تدهور في الحياة المعيشية، تستغلها جهات معينة على الأجهزة الرسمية كشفها إلا إذا كان هناك تواطؤ، لحرف الناس عن المطالب المشروعة بالعدالة السياسية والاجتماعية.
المؤسف أننا نرى النزعات الطائفية موجودة حتى في أوساط الحراك، في مؤشر أن غياب الرؤية التنويرية، يجعل حتى من المظلومين ومن يقدم نفسه كمدافع عنهم، مشاركين من دون تفكير وروية في هزيمة الحقوق الشعبية.
بلدة المزار زُرِعت في الذاكرة لدورها المميز في هبة نيسان عام 1989، فلا يمكن أن تكون منبت فكرة طائفية، لكن على الجميع مواجهة حقيقة انتشار التمييز الطائفي قبل أن نقع في المحظور.العرب اليوم
حتى لو افترضنا أن الحادث، ردة فعل منعزلة، لا تحتمل التعميم، فإن ردود الفعل خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، تنذر بحالة عصبوية وفرز طائفي ، لا يمكن تجاهلها أو السكوت عنها.
فقد بدا وأن المعركة الأكبر ، من قبيل واجب ديني وأحيانا سياسي هي في مكافحة الشيعة، وكأن مجرد وجودهم يشكل خطراً وجوديا على الأردن والعالم العربي وفي الحالات الأكثر تطرفاً على مستقبل العالم.
الاستقطاب السني – الشيعي ليس ظاهرة أردنية، لكننا بدأنا نشعر ترددات الأزمات المحيطة بنا خاصة في سورية والعراق، وتعبيراتها الطائفية على المجتمع الأردني، فنرى الخطاب الطائفي يحل مكان النقاش السياسي في تحليل ظواهر سياسية واجتماعية لا علاقة بها بالمذهب أو الدين.
صحيح أن الصراعات داخل سورية والعراق تأخذ سمة طائفية، لكنها صراعات سياسية بالأصل، يُجرى توظيف الطائفية فيها من أجل التحشيد والتجييش، وتقسيم المجتمعات وتمزيقها، فلا تعود هناك مساحة لمطالب تحررية أو عدالة اجتماعية ، لأنه من الأسهل على القوى المتحكمة أن تضرب الناس ببعضها حتى ينسوا جذور الأزمات من استغلال وقمع وحرمان.
الأنظمة، قامت بتشجيع المفاهيم الطائفية، خاصة في الخطب الدينية، لأن مثل هذه اللغة مرحب بها، لأنها تصرف النظر عن العمل السياسي المعارض المنظم للتغيير، و بعض الأنظمة تستخدم هي نفسها الخطاب الطائفي، لإضفاء شرعية دينية مزيفة على سياساتها الداخلية.
ليست هناك جهة بريئة ؛ بدءاً من السياسات الاستعمارية، والاحتلال الأمريكي للعراق، إلى إيران ودعم لأحزاب طائفية شيعية في العراق، إلى جهات دعوية إسلامية سنية وشيعية ،إلى دول نفطية قامت على تدمير الحركات السياسية وذلك بصنع وتمويل مجموعات دينية متطرفة ومسلحة، تطلقها لتشويه كل قضية وطنية واجتماعية إلى تناحر طائفي.
هو الصراع نفسه الذي جر لبنان إلى أتون الحرب الأهلية، ولا يزال يتهددها، فتحول التنوع الديني في لبنان إلى نزاعات ومحاصصات طائفية، بين مسيحي ومسلم و سني وشيعي وعربي ودرزي، وبين مذاهب الديانة نفسها.
لكن الخطر الحالي أبعد من المحاصصات الطائفية بل خطر تفكيك العالم العربي إلى جيوب طائفية وإثنية متناحرة، وما التحذيرات من خطر الشيعة، يرافقها من أطراف أخرى، استعداء للسنة من قبل أطراف سياسية تدّعي تمثيل الشيعة، إلا لبنة الأساس في هدف استبدال إسرائيل بإيران كالتهديد الأكبر للعالم العربي والمنطقة.
في الأردن بالذات فإن مسببات استشراء الخطاب الطائفي،إضافة إلى انعكاسات الأزمات الإقليمية، تشمل السكوت على الخطاب الطائفي في بعض الجوامع، إذا كان ولاء المتكلم مضموناً، و انسحاب الدولة من دورها الاجتماعي الذي ادى الى صراع على المورد بين الفقراء ، فأصبح من يعتبر "غريباً"، على أساس مذهبي أو إقليمي، منافسا على لقمة العيش وفرص العمل، وبالتالي يجب محاربته وإقصاؤه، إن لم يصل الأمر إلى القضاء عليه
تقويض العملية التنموية، بالأخص في محافظات الجنوب، عمق المخاوف من تدهور في الحياة المعيشية، تستغلها جهات معينة على الأجهزة الرسمية كشفها إلا إذا كان هناك تواطؤ، لحرف الناس عن المطالب المشروعة بالعدالة السياسية والاجتماعية.
المؤسف أننا نرى النزعات الطائفية موجودة حتى في أوساط الحراك، في مؤشر أن غياب الرؤية التنويرية، يجعل حتى من المظلومين ومن يقدم نفسه كمدافع عنهم، مشاركين من دون تفكير وروية في هزيمة الحقوق الشعبية.
بلدة المزار زُرِعت في الذاكرة لدورها المميز في هبة نيسان عام 1989، فلا يمكن أن تكون منبت فكرة طائفية، لكن على الجميع مواجهة حقيقة انتشار التمييز الطائفي قبل أن نقع في المحظور.العرب اليوم