تناقض التصريحات الحكومية
زيد محمد النوايسة
جو 24 : ربما أن ھناك من یتصید لحكومة الدكتور عمر الرزاز ویرصد أي تصریح ویحللھ ولكن المؤكد
ّ لتقدیم ذخیرة حیة تستخدم وتوظف
أن العدید من أعضاء الحكومة یتطوعون دون حاجة أحیاناً
في نقد الأداء وإظھار التناقض الواضح بین تصریحات الوزراء في ملفات مھمة؛ كقانون
الانتخاب وتعدیلھ والمؤشرات الاقتصادیة والإحالات الأخیرة لمن بلغ ثلاثین عاما حسب الخدمة
المدنیة ومشكلة اعتماد بعض الجامعات.
ملف قانون الانتخاب كان حاضراً بقوة خلال الأسابیع الماضیة، أولاً من خلال تصریح رئیس
الوزراء لبرنامج ”ستون دقیقة" قبل شھر تقریباً حین أعلن بأن القانون سیعرض على الدورة
العادیة للبرلمان، لاحقاً وفي حدیث للتلفزیون الأردني ولیومیة الدستور أعلن وزیر الشؤون
السیاسیة والبرلمانیة عدم وجود توجھ حكومي لإرسال قانون الانتخاب، وأن الأمر لم یناقش في
مجلس الوزراء أصلاً، بینما تؤكد وزیرة الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي بأن القانون
سیكون مدرجاً على الدورة العادیة. واكتملت القصة بدخول رئیس الھیئة المستقلة للانتخاب الذي
ألمح بأن المجلس باق وقد ینطبق علیھ مقولة مجلس یسلم مجلساً أو ربما یحل قبل مدتھ
الدستوریة التي تنتھي في شھر أیلول عام 2020 ،وسط كل ھذا التناقض في التصریحات تم
تسریب مسودة عجیبة غریبة لتعدیل قانون الانتخاب لبعض المواقع الإلكترونیة تركت تساؤلات
عدیدة لدى الناس لغرابتھا وبقیت یتیمة لا أحد یعترف بھا ولا ینفیھا بشكل صریح، ھذا التناقض
أظھر وزیراً یتفق مع تصریح الرئیس ووزیراً آخر یتناقض معھما بشكل یثیر الحیرة والتساؤل
بنفس الوقت على طریقة تعاطي بعض الوزراء مع قضایا في غایة الأھمیة.
ملف آخر أكثر أھمیة وھو الوضع الاقتصادي الذي یتفق الجمیع على صعوبتھ بالرغم من كل
َّ الإجراءات الحكومیة غیر الشعبیة، فالدین العام وحسب مصدر في وزارة المالیة تخطى ولأول
مره حاجز 29 ملیاراً و264 ملیون دینار مع نھایة شھر أیار/2019 ،مقابل 28 ملیاراً و308
ملایین دینار، وأن عجز الموازنة حتى نھایة شھر أیار بلغ 484 ملیون دینار مقابل عجز مالي قیمتھ 435 ملیون دینار لنفس الفترة من عام 2018 ،وھي مرشحھ للزیادة خاصة نتیجة تراجع
الإیرادات بنسبة 3.3 % عن العام 2018 ،ومع ذلك وبعد ساعات یخرج علینا وزیر في
الحكومة یؤكد بأننا تجاوزنا الأزمة الاقتصادیة بالرغم من أن الوزارة المختصة تؤكد خلاف ذلك
وبالأرقام.
أیضاً قضیة الإحالة على التقاعد لكل من بلغ ثلاثین عاماً في الوظیفة العامة وتحت مظلة دیوان
الخدمة المدنیة باعتبار أن الحكومة تسعى لخلق فرص عمل في القطاع الحكومي وتخفیف
البطالة وإنجاز الوعد الحكومي بتوفیر ثلاثین ألف فرصة عمل اصطدمت بواقع مختلف خاصة
في وزارة الصحة بالنسبة للأطباء الاستشاریین والاختصاصیین الذین تعاني الوزارة في الأصل
نقصاً بعددھم والشكوى التي یعاني منھا الناس ویعلنھا وزراء الصحة باستمرار؛ في حین أن
وزیر العمل یقرر أن القضاء وموظفي الأمانة والبلدیات غیر مشمولین بقرار الإحالة لیقرر
مجلس الوزراء بعد یومین خلاف ذلك ویشمل موظفي الأمانة والبلدیات بالإضافة للاستثناءات
الخاصة بكل وزیر والتي جعلت القرار یبدو وكأنھ مفصل لوزارتین فقط ھما التربیة والتعلیم
والصحة.
إذا كانت الحكومة تطالب المواطنین التأني والتریث قبل إطلاق الأحكام المسبقة وأنا اتفق معھا
في ذلك؛ أعتقد أنھ ومن باب أولى أن یتریث بعض المسؤولین في إطلاق التصریحات دون
التوافق علیھا حكومیاً حتى نقتنع بأن الحكومة على قلب رجل واحد على الأقل، وأن ھناك قناة
حكومیة واحدة یعتمدھا الناس، وألا تقدم ما یسحب من رصیدھا المتآكل والذي عبرت عنھ
وبإجماع معظم نتائج استطلاع الرأي.الغد