أمريكا وروسيا ومكافحة الإرهاب في سورية
لميس أندوني
جو 24 : المؤشرات كلها تدل على أن هناك توافقا روسيا – أمريكيا على اعتبار أن الأولوية في سورية لمكافحة الإرهاب: وإن كانت أهداف ومنطلقات الطرفين متباينة إلى حد ما.
أي أن الجهات التي قامت بتمويل الجماعات المتطرفة ، والطائفية التوجه، نجحت في تقويض مطالب الانتفاضة السورية، و تحويل سورية إلى منطقة فوضى ومرتع للقاعدة وشبيهاتها، وقزمت الأمور بهدف السيطرة الأمنية والعسكرية، لا لمستقبل دولة وشعب.
السيناريو سيكتمل بقرار مشابه لحالة العراق بتشكيل الصحوات السنية "في مواجهة القاعدة"، وما نتج عن ذلك من تشتيت للمقاومة العراقية ومأسسة الشرخ الشيعي- السني، وكله لمكافحة "إرهاب" من صنيعة حلفاء أمريكا في المنطقة.
في حالة العراق، صمتت أطراف المقاومة العراقية عن القاعدة في أول الأمر،لكنها دفعت ثمن سكوتها، ، عندما بدأت القاعدة بتصفية رموز مُقاوِمة، في سلسلة اغتيالات أهمها قتل ابن أخ الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء السنة ، في محاولة للقضاء على كتائب ثورة العشرين، المتصلة بها.
نرى السيناريو نفسه يتكرر من حيث؛ مصادرة الثورة السورية من أهلها، بدفع خارجي، من قبل جماعات مسلحة وطائفية، مهدت ليس بالضرورة بعلم مقاتليها، لكن مموليها، بتدخل غربي، باسم مكافحة الإرهاب ، و هي أفضل ذريعة لمنع سورية على النهوض بناء على توافق وطني.
النظام يبقى هو المسؤول الأول عن عدم التجاوب مع المطالب الشعبية الأصلية، لكن لا يمكن الدفاع عن فشل المعارضة السورية - بالإجمال- عن اتخاذ موقف واضح من هذه الجماعات المدمرة ، واعتبارها جزءا من المعارضة، رغم جرائمها ، الطائفية وغير الطائفية.
جزء من المشكلة أن أطرافا في المعارض السورية ، بما في ذلك العلمانية منها ، تواطأوا مع أطراف خليجية، وأن بعض رموز المعارضة لم يجدوا أية مشكلة بارتباطهم مع واشنطن وباريس، وهو خلل نجده لدى أطراف معارضة عديدة، إسلامية وعلمانية.
وهذا سيناريو يتكرر في الدول العربية جميعها بأشكال مختلفة، "ممانعة" أو " مهادنة"، فموازين القوى في العالم العربي، تجعل الدول الغنية قادرة على التأثير على مسار الانتفاضات والثورات، إما بسبب الأزمات الاقتصادية أو من خلال تنظيمات دينية متطرفة، أو الوسيلتين معاً – فبناء أنظمة تعددية تسعى إلى إرساء حد أدنى من العدالة الاجتماعية محظور!
هذه الدول، حارسة الرجعية والاستغلال والمصالح الاستعمارية، دائمة الاستغلال للدين، لقتل أي أمل في بناء مشروع وطني تحرري تنموي- وهذا دورها دائما، كان ولا يزال، وهي تستغل أية ثغرات أو أي أخطاء أو خطايا للأنظمة للدخول على خط المعارضة وتشويهها بعد أن تكون دخلت ولعقود على خط الأنظمة نفسها.
في الحالة السورية ، كان التدخل سريعاً، بعد أن كانت هذه الأنظمة نفسها صديقة أو حتى حليفة لنظام بشار الأسد، في فترات مختلفة، فالتخريب له عدة طرق- إما بتوظيف رغبة الحكام العرب على البقاء في الحكم، أو توريثه، أو باختراق المعارضة باسم الدين، وأخيراً باسم "الحريات" وهي عدوة الحريات..
هذا لا يعفي النظام السوري من أفعاله، لكن النتيجة كانت أن نصل إلى وضع تعمل الدول الكبرى فيه، على تقزيم مستقبل سورية إلى مكافحة إرهاب جماعات من صنيعة حراس الإمبراطورية الأمريكية.
أسوأ سيناريو هو إعادة تجربة الصحوات العراقية، لكن أخطر منه، تقسيم المعارضة السورية إلى أطراف مقبولة وغير مقبولة، برعاية أمريكية، وبفرض أدوار على الأردن وغيره بحجة حماية أنفسهم، لكنها تدخلهم في أتون الصراع.
على المعارضة السورية تحديد موقف معلن من هذه الجهات الطائفية والمتطرفة، وهي مطالبة به وفوراً، لكن ليس بالرعاية و أو القيادة الأمريكية؛ واشنطن ليست مهتمة بنشوء دولة ديمقراطية في سورية، وهي تاريخياً، فالكرة ليست في ملعب النظام وحده ، بل في ملعب المعارضة أيضا- فقمع النظام لا يعفيها من التفريط في مستقبل سورية..
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)
أي أن الجهات التي قامت بتمويل الجماعات المتطرفة ، والطائفية التوجه، نجحت في تقويض مطالب الانتفاضة السورية، و تحويل سورية إلى منطقة فوضى ومرتع للقاعدة وشبيهاتها، وقزمت الأمور بهدف السيطرة الأمنية والعسكرية، لا لمستقبل دولة وشعب.
السيناريو سيكتمل بقرار مشابه لحالة العراق بتشكيل الصحوات السنية "في مواجهة القاعدة"، وما نتج عن ذلك من تشتيت للمقاومة العراقية ومأسسة الشرخ الشيعي- السني، وكله لمكافحة "إرهاب" من صنيعة حلفاء أمريكا في المنطقة.
في حالة العراق، صمتت أطراف المقاومة العراقية عن القاعدة في أول الأمر،لكنها دفعت ثمن سكوتها، ، عندما بدأت القاعدة بتصفية رموز مُقاوِمة، في سلسلة اغتيالات أهمها قتل ابن أخ الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء السنة ، في محاولة للقضاء على كتائب ثورة العشرين، المتصلة بها.
نرى السيناريو نفسه يتكرر من حيث؛ مصادرة الثورة السورية من أهلها، بدفع خارجي، من قبل جماعات مسلحة وطائفية، مهدت ليس بالضرورة بعلم مقاتليها، لكن مموليها، بتدخل غربي، باسم مكافحة الإرهاب ، و هي أفضل ذريعة لمنع سورية على النهوض بناء على توافق وطني.
النظام يبقى هو المسؤول الأول عن عدم التجاوب مع المطالب الشعبية الأصلية، لكن لا يمكن الدفاع عن فشل المعارضة السورية - بالإجمال- عن اتخاذ موقف واضح من هذه الجماعات المدمرة ، واعتبارها جزءا من المعارضة، رغم جرائمها ، الطائفية وغير الطائفية.
جزء من المشكلة أن أطرافا في المعارض السورية ، بما في ذلك العلمانية منها ، تواطأوا مع أطراف خليجية، وأن بعض رموز المعارضة لم يجدوا أية مشكلة بارتباطهم مع واشنطن وباريس، وهو خلل نجده لدى أطراف معارضة عديدة، إسلامية وعلمانية.
وهذا سيناريو يتكرر في الدول العربية جميعها بأشكال مختلفة، "ممانعة" أو " مهادنة"، فموازين القوى في العالم العربي، تجعل الدول الغنية قادرة على التأثير على مسار الانتفاضات والثورات، إما بسبب الأزمات الاقتصادية أو من خلال تنظيمات دينية متطرفة، أو الوسيلتين معاً – فبناء أنظمة تعددية تسعى إلى إرساء حد أدنى من العدالة الاجتماعية محظور!
هذه الدول، حارسة الرجعية والاستغلال والمصالح الاستعمارية، دائمة الاستغلال للدين، لقتل أي أمل في بناء مشروع وطني تحرري تنموي- وهذا دورها دائما، كان ولا يزال، وهي تستغل أية ثغرات أو أي أخطاء أو خطايا للأنظمة للدخول على خط المعارضة وتشويهها بعد أن تكون دخلت ولعقود على خط الأنظمة نفسها.
في الحالة السورية ، كان التدخل سريعاً، بعد أن كانت هذه الأنظمة نفسها صديقة أو حتى حليفة لنظام بشار الأسد، في فترات مختلفة، فالتخريب له عدة طرق- إما بتوظيف رغبة الحكام العرب على البقاء في الحكم، أو توريثه، أو باختراق المعارضة باسم الدين، وأخيراً باسم "الحريات" وهي عدوة الحريات..
هذا لا يعفي النظام السوري من أفعاله، لكن النتيجة كانت أن نصل إلى وضع تعمل الدول الكبرى فيه، على تقزيم مستقبل سورية إلى مكافحة إرهاب جماعات من صنيعة حراس الإمبراطورية الأمريكية.
أسوأ سيناريو هو إعادة تجربة الصحوات العراقية، لكن أخطر منه، تقسيم المعارضة السورية إلى أطراف مقبولة وغير مقبولة، برعاية أمريكية، وبفرض أدوار على الأردن وغيره بحجة حماية أنفسهم، لكنها تدخلهم في أتون الصراع.
على المعارضة السورية تحديد موقف معلن من هذه الجهات الطائفية والمتطرفة، وهي مطالبة به وفوراً، لكن ليس بالرعاية و أو القيادة الأمريكية؛ واشنطن ليست مهتمة بنشوء دولة ديمقراطية في سورية، وهي تاريخياً، فالكرة ليست في ملعب النظام وحده ، بل في ملعب المعارضة أيضا- فقمع النظام لا يعفيها من التفريط في مستقبل سورية..
l.andony@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)