كان الله في عون الوزراء
د.جواد العناني
جو 24 : هل يستطيع الوزراء تغيير الأمر الواقع؟ وهل سيؤدي تغيير الوزارة أو تعديلها إلى تحسين الأمور؟ وهل يختلف الإنتاج بين وزير وآخر أم أن الظروف المحيطة بالإدارة العامة هي التي تتحكم في أداء الوزير؟.
وهذه أسئلة تثيرها أفكار يقدمها بعض المعلّقين والمحللين، مقترحين مرة ان الدولة بحاجة إلى فريق سياسي أقوى، أو فريق إداري، أو اقتصادي، وما إلى ذلك من مقترحات. وأحياناً نسمع من يطالب بحكومة أقطاب، إن كان لهذه التسمية معنىً محدد؟. وفي كل الحالات ، فإن التحليل يقوم على فرضية أن شخص الوزير مهم جداً لأداء مهامه.
ولنبدأ من عند عالم السياسة الإسلامي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي. فقد ألف عدداً من الكتب الشهيرة من أبرزها بالطبع كتاب "الأحكام السلطانية والولاية الدينية". ولكن الكتاب الذي نشير إليه هنا هو كتابه "قانون الوزارة" مذكرين القارئ الكريم أن هذه المؤلفات ظهرت في القرن الحادي عشر للميلاد، أي قبل أكثر من الف سنة.
ويقول الماوردي في كتابه "قانون الوزارة" إن الوزير ليس حاكماً فيأمر، ولا هو من الرعية فيعفى. ولم يزد عدد الوزراء آنذاك على وزير واحد يعمل ما يمكن أن نسميه هذه الأيام وزير البلاط، أو ما كان يسمى "الباب العالي" أيام الدولة العثمانية.
ويقع الوزير عادة بين ضغط الناس الذين يرون فيه الملاذ الذي يمكن أن يساعدهم في حل مشكلاتهم، وبين متطلبات الحكم كما كان يراها السلطان أو الخليفة العباسي (وهما في هذه الحالة الخليفة القائم وابنه الخليفة القادم). ومن هنا، فإن الماوردي- أحد ابرز علماء المذهب الشافعي والذي اتهم بانتسابه للمعتزلة- يتعاطف مع من يتولى منصب الوزير، علماً أن الماوردي نفسه كان سفيراً وعمل قاضياً في أيامه.
ونحن الآن ليس لدينا وزير واحد، بل تسعة عشر مع رئيس الوزراء. ويقول المحللون إن هذا العدد غير كاف، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم قريباً إلى (26) على الأقل.
بالطبع نحن نعلم من القرآن الكريم "أن خير من اخترت هو القوي الأمين". وكذلك نعلم من نفس المصدر أنه "لا ينبئك مثل خبير" ولكن هذه تشكل المواصفات والسمات التي يجب أن يتحلى بها من يتسنّم المسؤولية. ونحن نفترض أن هذه هي سمات الوزراء في الأردن حتى يثبت لنا عكس ذلك.
وإذا طالبنا بوزارة سياسية فهل يعني هذا أن الوزراء مسيّسون، وأن وظيفتهم هي حمل هموم وزاراتهم وبرامجها إلى النواب والأعيان والوزراء الآخرين والإعلام؟ أم أن الوزير يجب أن يكون فنياً مختصاً بشؤون وزارته؟ وإذا كان سياسياً فهل يعني هذا أن لديه خبرة سياسية أم أنه منتخب؟ أو أنه هو الشخص الذي أصبح سياسياً لأنه لا يتقن شيئاً آخر؟
الواقع أن المشكلة في تقديري ليس اختيار الأشخاص، فأظن أن غالبية الوزراء قادرون على أداء مهامهم. والعبرة ليست فقط في القدرة على الأداء، بل في القدرة على النجاح في التنفيذ، وهذا هو المعيار الحقيقي.
وإذا قبلنا أن نجاح التنفيذ للسياسات والبرامج والمشروعات هو المحك الأساسي للوزراء، فكيف سينجحون في ذلك إذا كان التغيير الحكومي السريع هو الشيء الثابت؟ لو عدنا إلى أوراق العمل السياسية التي وضعها جلالة الملك عبدالله الثاني قبل الانتخابات وبعدها، فإننا نرى حرصه على الوصول إلى حكومة برلمانية يمتد عمرها لأربع سنوات لكي تقوم بأداء برامجها.
ولنعترف نحن المواطنين أننا نحب تغيير الوزارات، ونتسلى بها، أو نأمل أن نجد عندها ما ينفعنا في هذه الأزمة الصعبة رغم انتقاداتنا لتلك التغييرات.
والآن نتحدث عن تعديل وزاري برلماني وغير برلماني وشيك، فما هي مقاييس اختيار الوزراء غير الكفاءة والسمعة الحسنة والقدرة على التفاهم مع الناس، والتمتع بالقدرات التي تكسب الوزير رضى رؤسائه عنه؟
ومهما حصل من تغيير في الوزارة أو تعديل عليها، فدعاؤنا لهم بالتوفيق في هذه الأيام التي تتطلب شجاعة، وحرفة، ودقة في التنفيذ.الغد
وهذه أسئلة تثيرها أفكار يقدمها بعض المعلّقين والمحللين، مقترحين مرة ان الدولة بحاجة إلى فريق سياسي أقوى، أو فريق إداري، أو اقتصادي، وما إلى ذلك من مقترحات. وأحياناً نسمع من يطالب بحكومة أقطاب، إن كان لهذه التسمية معنىً محدد؟. وفي كل الحالات ، فإن التحليل يقوم على فرضية أن شخص الوزير مهم جداً لأداء مهامه.
ولنبدأ من عند عالم السياسة الإسلامي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي. فقد ألف عدداً من الكتب الشهيرة من أبرزها بالطبع كتاب "الأحكام السلطانية والولاية الدينية". ولكن الكتاب الذي نشير إليه هنا هو كتابه "قانون الوزارة" مذكرين القارئ الكريم أن هذه المؤلفات ظهرت في القرن الحادي عشر للميلاد، أي قبل أكثر من الف سنة.
ويقول الماوردي في كتابه "قانون الوزارة" إن الوزير ليس حاكماً فيأمر، ولا هو من الرعية فيعفى. ولم يزد عدد الوزراء آنذاك على وزير واحد يعمل ما يمكن أن نسميه هذه الأيام وزير البلاط، أو ما كان يسمى "الباب العالي" أيام الدولة العثمانية.
ويقع الوزير عادة بين ضغط الناس الذين يرون فيه الملاذ الذي يمكن أن يساعدهم في حل مشكلاتهم، وبين متطلبات الحكم كما كان يراها السلطان أو الخليفة العباسي (وهما في هذه الحالة الخليفة القائم وابنه الخليفة القادم). ومن هنا، فإن الماوردي- أحد ابرز علماء المذهب الشافعي والذي اتهم بانتسابه للمعتزلة- يتعاطف مع من يتولى منصب الوزير، علماً أن الماوردي نفسه كان سفيراً وعمل قاضياً في أيامه.
ونحن الآن ليس لدينا وزير واحد، بل تسعة عشر مع رئيس الوزراء. ويقول المحللون إن هذا العدد غير كاف، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم قريباً إلى (26) على الأقل.
بالطبع نحن نعلم من القرآن الكريم "أن خير من اخترت هو القوي الأمين". وكذلك نعلم من نفس المصدر أنه "لا ينبئك مثل خبير" ولكن هذه تشكل المواصفات والسمات التي يجب أن يتحلى بها من يتسنّم المسؤولية. ونحن نفترض أن هذه هي سمات الوزراء في الأردن حتى يثبت لنا عكس ذلك.
وإذا طالبنا بوزارة سياسية فهل يعني هذا أن الوزراء مسيّسون، وأن وظيفتهم هي حمل هموم وزاراتهم وبرامجها إلى النواب والأعيان والوزراء الآخرين والإعلام؟ أم أن الوزير يجب أن يكون فنياً مختصاً بشؤون وزارته؟ وإذا كان سياسياً فهل يعني هذا أن لديه خبرة سياسية أم أنه منتخب؟ أو أنه هو الشخص الذي أصبح سياسياً لأنه لا يتقن شيئاً آخر؟
الواقع أن المشكلة في تقديري ليس اختيار الأشخاص، فأظن أن غالبية الوزراء قادرون على أداء مهامهم. والعبرة ليست فقط في القدرة على الأداء، بل في القدرة على النجاح في التنفيذ، وهذا هو المعيار الحقيقي.
وإذا قبلنا أن نجاح التنفيذ للسياسات والبرامج والمشروعات هو المحك الأساسي للوزراء، فكيف سينجحون في ذلك إذا كان التغيير الحكومي السريع هو الشيء الثابت؟ لو عدنا إلى أوراق العمل السياسية التي وضعها جلالة الملك عبدالله الثاني قبل الانتخابات وبعدها، فإننا نرى حرصه على الوصول إلى حكومة برلمانية يمتد عمرها لأربع سنوات لكي تقوم بأداء برامجها.
ولنعترف نحن المواطنين أننا نحب تغيير الوزارات، ونتسلى بها، أو نأمل أن نجد عندها ما ينفعنا في هذه الأزمة الصعبة رغم انتقاداتنا لتلك التغييرات.
والآن نتحدث عن تعديل وزاري برلماني وغير برلماني وشيك، فما هي مقاييس اختيار الوزراء غير الكفاءة والسمعة الحسنة والقدرة على التفاهم مع الناس، والتمتع بالقدرات التي تكسب الوزير رضى رؤسائه عنه؟
ومهما حصل من تغيير في الوزارة أو تعديل عليها، فدعاؤنا لهم بالتوفيق في هذه الأيام التي تتطلب شجاعة، وحرفة، ودقة في التنفيذ.الغد