العبث في سوريا.... الهدف تحقق
لست في وارد الغوص في السفسطة اليونانية ،والخوض في السؤال الأزلي:من جاء قبلا ،البيضة أم الدجاجة؟فلدي البيضة والدجاجة والديك معا ،وبالتالي لا حاجة لي بالسفسطة ،أو الفلسفة التي لا تطعم خبزا ولا تقتل فراغا أصلا.
أول وأكبر المستفيدين من تدمير سوريا البلد والدولة،هي المستعمرة إسرائيل ،التي أقيمت في المنطقة،تمهيدا لتنفيذ مشروع الشرق الكبير الذي دعا له مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل،ودعا فيه إلى إقامة كومنولث شرق أوسطي وسيع،يضمن إندماج إسرائيل فيه،لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة لبقاء إسرائيل ،إذ لا دوام لحبل الغرب معها ،فهو يعرف أكثر من غيره مدى كراهية الغرب لليهود،وهو يعرف الأسباب أيضا؟!!!!!
يأتي تدمير سوريا وإنهاكها ،وحتى تقسيمها ،بهدف قتل حتى رائحة "الممانعة" في الوطن العربي ،لتعميم ساريات العلم الإسرائيلي في كل العواصم العربية ،لأن إسرائيل لم تعد تكتفي بإقامة علاقات سرية معها ليليا ،والإبتعاد عنها وشتمها نهارا.
كما أن ذلك يهدف إلى تعميق الشرخ العربي –العربي لضمان عدم إحتمالية الحديث عن التقارب والتضامن العربي، الذي كنا نتغنى فيه ونحن نعلم قبل غيرنا، أن الخوازيق العربية- العربية ممغنطة ومكهربة،وكذلك الحال بالنسبة للوضع الإسلامي.
تماما كما حدث من تداعيات الحرب العراقية –الإيرانية التي دامت ثماني سنوات وإلتهمت الأخضر قبل اليابس ،وكانت فرصة نادرة للقضاء على المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وإحتلال بيروت، وبعد ذلك إنهيار السقف العربي على رؤوس الجميع.
إسرائيل حاضرة وحاضرة بقوة في العبث الدائر بسوريا وهي الزيت الذي يصب على النار إن خبت،وهذا الحضور أنهكنا من كثرة التفكير فيه وحسمه ،فهي تضرب بطائراتها مواقع سورية، وبالأمس هدد نتنياهو بالمزيد من الضربات بحجة عدم وصول الأسلحة الكيماوية إلى حزب الله،وضرورة إضعاف المتطرفين وفي مقدمتهم جبهة النصرة التي ظهرت علينا من غيوم هذا العبث المتلبدة فوق سماء سوريا وتنطلق من حرائقها.
لعل اكثر تصريح إسرائيلي ينضح قذارة هو التصريح الأخير الذي يقول أن إسرائيل ترغب بالأسد ضعيفا ،أفضل من حكم المتطرفين لسوريا؟؟؟!!!
جاء العبث الدائر في سوريا ،بعد أن رفض النظام السوري طلبات، تقضي بقطع علاقته مع إيران وحزب الله،لقطع روح الأمل الواهي بتحرك عربي ضد إسرائيل،لأن الجميع باتوا على نفس الصورة ،وما عاد ينفع التستر وراء أي شعار،فالطبخة إستوت، ولم تعد أمريكا قادرة على الصرف على إسرائيل ،كما أن إسرائيل لم تعد راغبة بالبقاء تحت المظلة الأمريكية ،لأن المسيح المنتظر لن ينزل إلا على إسرائيل قوية وغنية.
النتيجة الكارثية بالنسبة للعبث الدائر في سوريا ،هي تشويه صورة حزب الله ،وتحويله إلى هدف للسنة ومن لفوا لفيفه،وليس من لف لفيفهم ،لأن أحدا لا يلف في لفيفنا نحن السنة الذين ما عدنا نعرف قبلتنا،وأصبحت إسرائيل ملاذنا؟؟؟!!!!
ففي الأردن على سبيل المثال ،كنا ندعو لحزب الله ،الذي أفرحنا حتى السرور ،جراء تصديه المشرف للعدوان الإسرائيلي صيف العام 2006،ودك المدن الإسرائيلية في فلسطين المحتلة دكا بصواريخه،وأغرق بوارج حربية لها منها "ساعير 5".
كل ذلك بسبب دعمه للنظام السوري ،وقد توعد سلفيو الأردن حزب الله ب"نار تلظى"ناسين إما عمدا أو عن سوء نية أن إسرائيل هي العدو؟؟؟!!!!
لن أقول آن الأوان لوقف العبث في سوريا ،لأنني على يقين أن أحدا لا في الإقليم ولا في العالم يرغب بوقف الدمار في سوريا ،لأن الجميع ينتظرون حصة لهم من الكعكة –سوريا- فهذا ما يهمهم .....