خلاف الحرية وأنصار العبودية
طاهر العدوان
جو 24 : الخلاف حول الحاكم المطلق قديم من الناحية التاريخية، حتى نيرون الذي أحرق روما « أوشك الرومان ان يقيموا عليه الحداد وهم يتذكرون مسارحه وملاعبه» كما يذكر المؤرخون فلكل طاغية أنصاره ومريدوه.
وكان هذا الخلاف سياسيا في لباس فقهي في بداية العصر الأموي عندما تباينت الاجتهادات حول الموقف من ( الحاكم الجائر ) عند كل من المعتزلة والمرجئة والشيعة والخوارج.
الشيعة اشغلوا انفسهم ( بالإمامة )بعيداً عن الجدل حول شرعية الثورة على الحاكم الجائر، فيما أحل الخوارج التمرد عليه بالسيف، معتبرين هذا النوع من الحكم من الكبائر المحرمة، لكن المرجئة او ( علماء السلطان ) عند بني امية فقد حرموا الخروج علي الحاكم ما دام ينطق بالشهادتين وهو ما أسس لعسف وجور بعض خلفاء أمية الذي ارتكبوا اعمالا وحشية يصعب وصفها. وانتهى المعتزلة إلى اعتبار الحاكم الجائر مرتكباً للكبائر لكنهم قالوا انه منافق، ليس بكافر ولا مؤمن.
في العصر الأوروبي الوسيط تصدر موضوع الحاكم المطلق اهتمام المفكرين، ومع ان ميكافللي كان عدوا لتدخل الكنيسة بالسياسة الا انه كان يروج لرجل الدولة الذي يمسك بيديه جميع السلطات، ممجدا دور العنف في السياسة وهذا المفكر صاحب مبدأ « الغاية تبرر الوسيلة « هو من بذر بذور الدولة القومية، التي خرجت فيما بعد أجيالا متعاقبة من الديكتاتوريين الذين سفكوا الدماء وشنوا الحروب ممهدين بأعمالهم المممتهنة لحرية الشعوب وكرامتها إلى ظهور الثورات الشاملة، بداية بالثورتين الفرنسية والأميركية.
غير انه يعود للمفكر الفرنسي ( دو لا بويسي ) الذي ولد بالقرن السادس عشر الفضل في دراسة شخصية الديكتاتور وفي الأسباب التي تجعل الناس يخضعون ويقرون بعبوديتهم له « بينما هو ليس بهرقل ولا بشمشون وغالبا ما يكون الأكثر جبناً». ويذهب لابويسي إلى تفكيك بنية الطغيان إذ ( يتقرب للمستبد خمسة أوستة من الطامعين ليصيروا متواطئين مع أساليبه تواطؤاً مباشراً لكن هولاء الستة ما يلبثون ان يصيبوا بالعدوى ستمائة من الأشخاص السلسي القيادة والطامعين في المناصب والجباية ليعود هولاء فيصيبوا ستة الاف من المتزلفين الطامعين وتتوالى هذه الدوائر حتى الإمساك بالبلاد في حالة استعباد لمصلحة الطاغية ).
وبين صفوف كل شعب أنصار ومريدين ممن يفضلون الحاكم المستبد على الحاكم والحكم العادل، وفي كل الظروف والأزمان تكون حرية الإنسان وكرامته في هذه الحالة هي الضحية تحت شعارات يزعم فيها انصار الديكتاتور بانه يمتلك صفة القداسة الدينية فهو (ظل الله على الارض ) او صفة المخلص للأمة والشعب فهو حامي حمى الاوطان بوجوده تحيا وتبقى وفي غيابه تندثر وتزول ( اناالدولة والدولة أنا).
غير انه في النهاية لا بقاء إلا لله، ولو دامت لغيره السلطة لما انتقلت اليه، لكن التاريخ يقول بان الشعب الذي يقبل بالخضوع الى الطاغية تكون نهايته دائماً مؤلمة وكارثية، لان الديكتاتور ومع طول سنوات حكمه وتجمع كل المصائر والسلطات بين يديه، يتقمصه الوهم المريض بان أي مطالب من الشعب بالحرية او المشاركة في الحكم هو اعتداء على حقه المقدس هو خطيئة وجريمة يستحق الشعب بأسره عليها العقاب والقتل والدمار.
يكتب دو لابويسي في مقالته الشهيرة التي تداولها الفرنسيون كمنشور ثوري خلال ثورتهم بعد أكثر من قرنين بان « الشعب الذي يستسلم للاستعباد يعمد إلى قطع عنقه « فالديكتاتوريات تصنع الامن والاستقرار بالقسوة والظلم وكبت الحريات لكن الشعوب بفطرتها الإنسانية التي خلقها الله بها تظل متعطشة للحرية التي توافقت الإنسانية على ان البشر مستعدون دائماً للتضحية بحياتهم وبكل غال من اجلها. (الرأي)
وكان هذا الخلاف سياسيا في لباس فقهي في بداية العصر الأموي عندما تباينت الاجتهادات حول الموقف من ( الحاكم الجائر ) عند كل من المعتزلة والمرجئة والشيعة والخوارج.
الشيعة اشغلوا انفسهم ( بالإمامة )بعيداً عن الجدل حول شرعية الثورة على الحاكم الجائر، فيما أحل الخوارج التمرد عليه بالسيف، معتبرين هذا النوع من الحكم من الكبائر المحرمة، لكن المرجئة او ( علماء السلطان ) عند بني امية فقد حرموا الخروج علي الحاكم ما دام ينطق بالشهادتين وهو ما أسس لعسف وجور بعض خلفاء أمية الذي ارتكبوا اعمالا وحشية يصعب وصفها. وانتهى المعتزلة إلى اعتبار الحاكم الجائر مرتكباً للكبائر لكنهم قالوا انه منافق، ليس بكافر ولا مؤمن.
في العصر الأوروبي الوسيط تصدر موضوع الحاكم المطلق اهتمام المفكرين، ومع ان ميكافللي كان عدوا لتدخل الكنيسة بالسياسة الا انه كان يروج لرجل الدولة الذي يمسك بيديه جميع السلطات، ممجدا دور العنف في السياسة وهذا المفكر صاحب مبدأ « الغاية تبرر الوسيلة « هو من بذر بذور الدولة القومية، التي خرجت فيما بعد أجيالا متعاقبة من الديكتاتوريين الذين سفكوا الدماء وشنوا الحروب ممهدين بأعمالهم المممتهنة لحرية الشعوب وكرامتها إلى ظهور الثورات الشاملة، بداية بالثورتين الفرنسية والأميركية.
غير انه يعود للمفكر الفرنسي ( دو لا بويسي ) الذي ولد بالقرن السادس عشر الفضل في دراسة شخصية الديكتاتور وفي الأسباب التي تجعل الناس يخضعون ويقرون بعبوديتهم له « بينما هو ليس بهرقل ولا بشمشون وغالبا ما يكون الأكثر جبناً». ويذهب لابويسي إلى تفكيك بنية الطغيان إذ ( يتقرب للمستبد خمسة أوستة من الطامعين ليصيروا متواطئين مع أساليبه تواطؤاً مباشراً لكن هولاء الستة ما يلبثون ان يصيبوا بالعدوى ستمائة من الأشخاص السلسي القيادة والطامعين في المناصب والجباية ليعود هولاء فيصيبوا ستة الاف من المتزلفين الطامعين وتتوالى هذه الدوائر حتى الإمساك بالبلاد في حالة استعباد لمصلحة الطاغية ).
وبين صفوف كل شعب أنصار ومريدين ممن يفضلون الحاكم المستبد على الحاكم والحكم العادل، وفي كل الظروف والأزمان تكون حرية الإنسان وكرامته في هذه الحالة هي الضحية تحت شعارات يزعم فيها انصار الديكتاتور بانه يمتلك صفة القداسة الدينية فهو (ظل الله على الارض ) او صفة المخلص للأمة والشعب فهو حامي حمى الاوطان بوجوده تحيا وتبقى وفي غيابه تندثر وتزول ( اناالدولة والدولة أنا).
غير انه في النهاية لا بقاء إلا لله، ولو دامت لغيره السلطة لما انتقلت اليه، لكن التاريخ يقول بان الشعب الذي يقبل بالخضوع الى الطاغية تكون نهايته دائماً مؤلمة وكارثية، لان الديكتاتور ومع طول سنوات حكمه وتجمع كل المصائر والسلطات بين يديه، يتقمصه الوهم المريض بان أي مطالب من الشعب بالحرية او المشاركة في الحكم هو اعتداء على حقه المقدس هو خطيئة وجريمة يستحق الشعب بأسره عليها العقاب والقتل والدمار.
يكتب دو لابويسي في مقالته الشهيرة التي تداولها الفرنسيون كمنشور ثوري خلال ثورتهم بعد أكثر من قرنين بان « الشعب الذي يستسلم للاستعباد يعمد إلى قطع عنقه « فالديكتاتوريات تصنع الامن والاستقرار بالقسوة والظلم وكبت الحريات لكن الشعوب بفطرتها الإنسانية التي خلقها الله بها تظل متعطشة للحرية التي توافقت الإنسانية على ان البشر مستعدون دائماً للتضحية بحياتهم وبكل غال من اجلها. (الرأي)