.. الإعلام هذا الغائب الحاضر!
طارق مصاروة
جو 24 : نتمنى على الحكومة رفض المعونة الأوروبية «لتطوير» الإعلام، فنحن ونتيجة للتمنيات الأميركية صار عندنا عشرات الإذاعات والتلفزيونات الخاصة، ومئات المواقع الإلكترونية، دون أن تكون هناك قواعد سلوكية، واحترافية، وثقافية لأصحاب هذه الوسائل الإعلامية والمشرفين عليها، والعاملين بها.
وهذه المعونات والتمنيات تنسحب على ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، التي ترتع في مال محسوب على الأردن، لكن دخله يذهب إلى جيوب مجموعات جعلت من نفسها قوى وطنية ومجتمعية. تصدر البيانات عن الحريات العامة، وعن حقوق الإنسان، والدراسات عن أحزاب الأردن وقوانين الدولة.. وتدخل في تقديم إعانات للاجئين والمحرومين بما لا يزيد عن ثمن السيارة التي تأخذ المشفقين إلى تفقد رعاياهم!!.
إن متابعة حثيثة لمئات وسائل الإعلام، ومئات مؤسسات المجتمع المدني، تجعلنا ندرك بعد هذا المغطس الذي اغرق الوطن العربي، أن الجزء الأكبر من هذه الفوضى الفكرية والسياسية التي تتواكب مع الربيع العربي، إنما نتج عن هذه الوسائل والمؤسسات وأن المواطن العربي لم يكسب معارف جديدة تضيف إلى مكتسباته الفكرية شيئاً، وإنما ظهر أن أنصاف المثقفين وأنصاف الأميين صاروا هم الصوت الأعلى. ولعله ليس من المستغرب أن تسمع مذيعاً في إذاعة خاصة يناقش موضوع المفاعل النووي مع عابر طريق، وليس مع مختص في الجامعة. ويبحث أسباب تأخر أبراج استثمرت فيها شركات خليجية بما يمكن أن يصور له عقله من «قضايا الفساد»!! ونقرأ في أحد المواقع الإلكترونية أن الشغب في معان سببه إغلاق الحكومة للمواقع غير المرخصة!!.
التجارة في الإعلام، والتكسب منه، بضاعة أخطر من خطيرة. وبين الوصول إلى عقل الإنسان وإلى خلقه، وبين ترويج المخدرات لحسّه وتجييش لغرائزه، والحك على جربه مسافات أعطت الشرائع للحكومات حق وضع قوانين حازمة للترخيص لها.
لقد اتيح لي خلال نصف القرن الماضي أن أواكب الإعلام الوطني يوم كانت لنا إذاعتان واحدة في عمان بالعربية، وأخرى في القدس إنجليزية، وكان لنا ثلاث صحف يومية وأستطيع الآن دون تحيز للأيام السعيدة القديمة أن أقول إن إذاعتنا كانت تحرص على شعر فدوى طوقان، ورشيد زيد، وعبدالرحيم عمر. وانها انتجت مئات الأغاني بفرقة موسيقية لا تزيد عن ستة عازفين، وكانت أغاني الأمهات والاخوات، وليس فيها عري ولا دلع وغنج. وكانت تحمل أحاديث أهل الفكر في الوطن العربي كله. ولم يكن أحد يمولها غير موازنة الدولة التي كانت في مطلع الستينيات لا تزيد على ....ثلاثين مليون دينار!! (الرأي)
وهذه المعونات والتمنيات تنسحب على ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني، التي ترتع في مال محسوب على الأردن، لكن دخله يذهب إلى جيوب مجموعات جعلت من نفسها قوى وطنية ومجتمعية. تصدر البيانات عن الحريات العامة، وعن حقوق الإنسان، والدراسات عن أحزاب الأردن وقوانين الدولة.. وتدخل في تقديم إعانات للاجئين والمحرومين بما لا يزيد عن ثمن السيارة التي تأخذ المشفقين إلى تفقد رعاياهم!!.
إن متابعة حثيثة لمئات وسائل الإعلام، ومئات مؤسسات المجتمع المدني، تجعلنا ندرك بعد هذا المغطس الذي اغرق الوطن العربي، أن الجزء الأكبر من هذه الفوضى الفكرية والسياسية التي تتواكب مع الربيع العربي، إنما نتج عن هذه الوسائل والمؤسسات وأن المواطن العربي لم يكسب معارف جديدة تضيف إلى مكتسباته الفكرية شيئاً، وإنما ظهر أن أنصاف المثقفين وأنصاف الأميين صاروا هم الصوت الأعلى. ولعله ليس من المستغرب أن تسمع مذيعاً في إذاعة خاصة يناقش موضوع المفاعل النووي مع عابر طريق، وليس مع مختص في الجامعة. ويبحث أسباب تأخر أبراج استثمرت فيها شركات خليجية بما يمكن أن يصور له عقله من «قضايا الفساد»!! ونقرأ في أحد المواقع الإلكترونية أن الشغب في معان سببه إغلاق الحكومة للمواقع غير المرخصة!!.
التجارة في الإعلام، والتكسب منه، بضاعة أخطر من خطيرة. وبين الوصول إلى عقل الإنسان وإلى خلقه، وبين ترويج المخدرات لحسّه وتجييش لغرائزه، والحك على جربه مسافات أعطت الشرائع للحكومات حق وضع قوانين حازمة للترخيص لها.
لقد اتيح لي خلال نصف القرن الماضي أن أواكب الإعلام الوطني يوم كانت لنا إذاعتان واحدة في عمان بالعربية، وأخرى في القدس إنجليزية، وكان لنا ثلاث صحف يومية وأستطيع الآن دون تحيز للأيام السعيدة القديمة أن أقول إن إذاعتنا كانت تحرص على شعر فدوى طوقان، ورشيد زيد، وعبدالرحيم عمر. وانها انتجت مئات الأغاني بفرقة موسيقية لا تزيد عن ستة عازفين، وكانت أغاني الأمهات والاخوات، وليس فيها عري ولا دلع وغنج. وكانت تحمل أحاديث أهل الفكر في الوطن العربي كله. ولم يكن أحد يمولها غير موازنة الدولة التي كانت في مطلع الستينيات لا تزيد على ....ثلاثين مليون دينار!! (الرأي)