الانتخابات الإسرائيلية: التنافس على تنفيذ الصفقة
تنتظر الساحة السياسية الإسرائيلية بترقب ثالث جولة انتخابية في الثاني من آذار المقبل لعلها تنجح فيما فشلت فيها الجولتان السابقتان في نيسان وأيلول من العام الماضي في سابقة لم تشهدها دولة الاحتلال منذ قيامها قبل 72 عاما إذ يفشل أي من الأحزاب في تحقيق أغلبية 61 صوتا تمكنها من تشكيل حكومة مستقلة أو تشكيل حكومة ائتلافية. الحملة الانتخابية بدأت في الواقع منذ إعلان حل الكنيست والإعلان عن انتخابات جديدة، وزادت حمأتها بعد الإعلان عن تفاصيل صفقة القرن إذ تحولت لمادة انتخابية يتبارى نتنياهو وغانتس على الإدعاء بأنه الأفضل لتنفيذها وعلى التحريض ضد المكون العربي والتنافس على كسب المستوطنين، وغانتس لا يريد أن يبدو أقل تطرفا من منافسه.
نتائج الاستطلاعات قبل أسبوعين من موعد التصويت وكما نشرتها صحيفة "معاريف” وصحيفة "إسرائيل اليوم” تشير إلى احتمالية حدوث تقدم طفيف لحزب أزرق أبيض بواقع مقعد أو مقعدين ليحصل على 34 أو 35 مقعدا مقابل حصول حزب الليكود بزعامة نتنياهو على 33 مقعدا وحصول القائمة العربية المشتركة المكونة من تحالف أربعة أحزاب تمثل الوسط العربي على 14 أو 15 مقعدا، في حين أن ليبرمان زعيم اليهود الروس سيحصل على 7 مقاعد، وهذا يعني عدم حدوث فروق جوهرية وأن الخيار الأقوى هو فشل الطرفين نتنياهو وغانتس مرة جديدة في تشكيل حكومة أو التوافق على حكومة ائتلافية بالتناوب، وهو ما يرفضه غانتس، وبالتالي الذهاب لصناديق الاقتراع للمرة الرابعة في أيلول القادم.
سيناريو نتائج الانتخابات المتوقع هو ما دعا غانتس وليبرمان زعيم حزب اليهود الروس ” إسرائيل بيتنا” بالرغم من خلافهما الحاد وتبادل الاتهامات فيما بينهما إلى التوافق بأن الأزمة السياسية في إسرائيل لن تجد طريقها للحل إلا إذا تنحى نتنياهو عن منصبة وعن زعامة الحزب وأن عهده انتهى، لكن رد نتنياهو لم يتأخر إذ وصف خصميه بأنهما يتلاعبان بالكلمات للتستر على تشكيل حكومة مع القائمة العربية المشتركة.
نتنياهو يتنافس أيضاً مع "نفتالي بينت” زعيم "البيت اليهودي” على أصوات المستوطنين ويحظى بنصيب وافر من أصوات اليهود الشرقيين وهم قاعدته الأساسية خاصة وأنهم معجبون بحملة الكراهية التي يشنها ضد العرب وتهديده بتكسير رؤوسهم وتأكيده بأنه سيضم غور الأردن بعد الانتخابات ولكن معظم الاستطلاعات تقول بأنه سيحصل على ثلث أصوات الناخبين في النهاية. بالمقابل هناك تركيز واضح لدى خصوم نتنياهو بأنه غير مؤهل للقيادة وأنه ذاهب لا محالة للسجن ومعظم الإسرائيليين يفضلون تنحيته على أن يتم تبرئته وهو ما يجد من يؤمن به حتى في أوساط المؤيدين لنتنياهو، إذ يرى البعض منهم بأن من غير المناسب أن يخوض الانتخابات وسيف المحاكمة مسلط عليه.
من الواضح أن نتنياهو في سباق مع الزمن لتحقيق اختراق من نوع آخر يؤثر في الانتخابات ويبدو أن الساحة الأمثل بالنسبة له هي التطبيع ولعل لقاءه مع رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان والسماح للطيران الإسرائيلي بعبور الأجواء السودانية مقدمة لمزيد من خطوات التطبيع أعلن عنها في مؤتمر للمنظمات اليهودية مبينا إقامته علاقات مع دول عربية وإسلامية مؤثرة.
في المحصلة؛ ستجري الانتخابات بين قوى يستحيل على الفلسطينيين المفاضلة بينها، فكلاهما يسعى لتكريس يهودية الدولة وضم المستوطنات وغور الأردن وتكسير رؤوس العرب ويحرض عليهم ولعل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه اختصر كل هذا بالقول إن الفرق بينهما كالفرق بين بيبسي كولا وكوكا كولا فلا داعي لشراء الوهم.