كونفدرالية الباستونات
لميس أندوني
جو 24 : إسرائيل لا تريد أية كينونة فلسطينية، ولو ممسوخة، وفي حال قبلت بها تحت أي مسمى فسيكون ذلك وقتيا حتى يتاح لها خنق المناطق الفلسطينية الممزقة وسكانها؛ فالهدف سحق الهُوية الفلسطينية وتثبيت "شرعية" احتلالها لأرض فلسطين التاريخية.
وعليه لا يوجد في قواميس الحكومة اليمينية الإسرائيلية، كونفدرالية أو فدرالية أردنية - فلسطينية، إلا إذا جاءت في سياق اكتمال ضم الأراضي، وحصار الفلسطينيين في جيوب معزولة وإلقاء مهمة إدارتهم إلى الأردن.
هذا ما تعنيه تصريحات نائب وزير الحرب الإسرائيلية، داني دانون، معلنا عن خطة لنقل الفلسطينيين من مدن وقرى، بعضها تم تدميره، تعيق تواصل المستوطنات، التي سيُجرى ضمها، وجميعهم في ثلاث مناطق في أريحا وغور الأردن— لتكمل خارطة الأرض التي يُجرى تنفيذها من دون أو مع عملية سلام موهوم.
دانون لم يكن يهدد، بل يضع مخططات جاري تنفيذها، في إطار استراتيجي: فعملية اقتلاع فلسطينيي النقب تشهد تصعيدا نوعيا، والتضييق على بدو الجهالين، قرب القدس، في مائهم وشياههم يومية، وتفريغ قرى غور الأردن تمهيدا لحصر سكانها في بقعة واحدة لتمكين إسرائيل من السيطرة الكاملة على شريط الغور.
أي لن يكون لأي طرف آخر سوى مهمة إدارة السكان، وهي مهمة أمنية بامتياز، يرافقها بعض المسؤوليات التي لا تتجاوز سلطة مجالس بلديات، يفضل دانون وآخرون أن تتولى الأردن مهماتها، في مؤشر أن إسرائيل لا ترى للسلطة الفلسطينية أكثر من دور تابع وثانوي في أية ترتيبات مستقبلية.
قد تكون أفكار دانون جديدة في تفاصيلها، لكنها ليست جديدة في محتواها؛ فإسرائيل كانت دوما تسعى إلى الحاق سكان الضفة إلى إدارة أردنية، بشروط إسرائيلية ـ وهذا ليس اعترافا قانونيا بمسؤولية الأردن على الضفة الغربية، بما ذلك القدس، بل تقليصة الى دور وظيفي يشَرِع سيادة الاحتلال في إنهاء للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
هذه الرؤية تتناسب أو تتقاطع مع معظم طروحات سميت زيفا بالكونفدرالية، بالمعنى السياسي والقانوني، بدءا من مبادرة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في عام 1982؛ إذ في جوهرها هي عملية إلحاق للسكان الفلسطينيين في الضفة لإدارة أردنية، على حساب القضية الفلسطينية والأردن معا.
المخطط الإسرائيلي ليس معنيا بتفاهم أو وحدة بين الفلسطينيين والأردنيين، بل بتجنب استحقاقات حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال بتحويل قضية الشعب الفلسطيني إلى أزمة أردنية فلسطينية. تحت طائل الابتزاز الأمريكي الدائم للطرفين بدخول مفاوضات تحقق الهدف الإسرائيلي، ترافقها ضغوط بزيادة او قطع المساعدات.
اللافت أن دانون لم يتحدث عن "ترانسفير" للفلسطينيين إلى الأردن، بل إلى تجمعات فلسطينية داخل أراضي الضفة، شبيهة بالباستونات، ما استدعى نيلسون مانديلا، والأب ديزموند توتو إلى وصف الإجراءات الإسرائيلية بأنها أقسى وأبشع من نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" ، الذي كافحا ضده في جنوب أفريقيا.
في حالة فلسطين، وبسبب طبيعة الاستعمار الإسرائيلي الاحلالي، تسعى إسرائيل إلى دور أردني، بمواصفات تحددها هي، لتولي مسؤولية البانتستونات الفلسطينية، تدميرا لهوية وطنية فلسطينية، وتضرب في الوقت نفسه الهويتين الأردنية والفلسطينية ببعضهما بعضا.
الجهود الجارية لإحياء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية لن تخدم سوى المشروع الإسرائيلي بشقيه، تصفية القضية الفلسطينية وتفجير أزمة هويات داخلية أردنية: ولا نستطيع مواجهته الا بتعرية ورفض المفاوضات، وثانيا بقناعة أن لا يوجد حل عادل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، لكن إن كل تسوية غير عادلة تعني تصفية للقضية الفلسطينية على حساب فلسطين والأردن معا. (العرب اليوم)
l.andony@alarabalyawm.net
وعليه لا يوجد في قواميس الحكومة اليمينية الإسرائيلية، كونفدرالية أو فدرالية أردنية - فلسطينية، إلا إذا جاءت في سياق اكتمال ضم الأراضي، وحصار الفلسطينيين في جيوب معزولة وإلقاء مهمة إدارتهم إلى الأردن.
هذا ما تعنيه تصريحات نائب وزير الحرب الإسرائيلية، داني دانون، معلنا عن خطة لنقل الفلسطينيين من مدن وقرى، بعضها تم تدميره، تعيق تواصل المستوطنات، التي سيُجرى ضمها، وجميعهم في ثلاث مناطق في أريحا وغور الأردن— لتكمل خارطة الأرض التي يُجرى تنفيذها من دون أو مع عملية سلام موهوم.
دانون لم يكن يهدد، بل يضع مخططات جاري تنفيذها، في إطار استراتيجي: فعملية اقتلاع فلسطينيي النقب تشهد تصعيدا نوعيا، والتضييق على بدو الجهالين، قرب القدس، في مائهم وشياههم يومية، وتفريغ قرى غور الأردن تمهيدا لحصر سكانها في بقعة واحدة لتمكين إسرائيل من السيطرة الكاملة على شريط الغور.
أي لن يكون لأي طرف آخر سوى مهمة إدارة السكان، وهي مهمة أمنية بامتياز، يرافقها بعض المسؤوليات التي لا تتجاوز سلطة مجالس بلديات، يفضل دانون وآخرون أن تتولى الأردن مهماتها، في مؤشر أن إسرائيل لا ترى للسلطة الفلسطينية أكثر من دور تابع وثانوي في أية ترتيبات مستقبلية.
قد تكون أفكار دانون جديدة في تفاصيلها، لكنها ليست جديدة في محتواها؛ فإسرائيل كانت دوما تسعى إلى الحاق سكان الضفة إلى إدارة أردنية، بشروط إسرائيلية ـ وهذا ليس اعترافا قانونيا بمسؤولية الأردن على الضفة الغربية، بما ذلك القدس، بل تقليصة الى دور وظيفي يشَرِع سيادة الاحتلال في إنهاء للحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
هذه الرؤية تتناسب أو تتقاطع مع معظم طروحات سميت زيفا بالكونفدرالية، بالمعنى السياسي والقانوني، بدءا من مبادرة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في عام 1982؛ إذ في جوهرها هي عملية إلحاق للسكان الفلسطينيين في الضفة لإدارة أردنية، على حساب القضية الفلسطينية والأردن معا.
المخطط الإسرائيلي ليس معنيا بتفاهم أو وحدة بين الفلسطينيين والأردنيين، بل بتجنب استحقاقات حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال بتحويل قضية الشعب الفلسطيني إلى أزمة أردنية فلسطينية. تحت طائل الابتزاز الأمريكي الدائم للطرفين بدخول مفاوضات تحقق الهدف الإسرائيلي، ترافقها ضغوط بزيادة او قطع المساعدات.
اللافت أن دانون لم يتحدث عن "ترانسفير" للفلسطينيين إلى الأردن، بل إلى تجمعات فلسطينية داخل أراضي الضفة، شبيهة بالباستونات، ما استدعى نيلسون مانديلا، والأب ديزموند توتو إلى وصف الإجراءات الإسرائيلية بأنها أقسى وأبشع من نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد" ، الذي كافحا ضده في جنوب أفريقيا.
في حالة فلسطين، وبسبب طبيعة الاستعمار الإسرائيلي الاحلالي، تسعى إسرائيل إلى دور أردني، بمواصفات تحددها هي، لتولي مسؤولية البانتستونات الفلسطينية، تدميرا لهوية وطنية فلسطينية، وتضرب في الوقت نفسه الهويتين الأردنية والفلسطينية ببعضهما بعضا.
الجهود الجارية لإحياء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية لن تخدم سوى المشروع الإسرائيلي بشقيه، تصفية القضية الفلسطينية وتفجير أزمة هويات داخلية أردنية: ولا نستطيع مواجهته الا بتعرية ورفض المفاوضات، وثانيا بقناعة أن لا يوجد حل عادل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، لكن إن كل تسوية غير عادلة تعني تصفية للقضية الفلسطينية على حساب فلسطين والأردن معا. (العرب اليوم)
l.andony@alarabalyawm.net