jo24_banner
jo24_banner

سلام عليكم إلياس في العالمين

د.عبدالله الزعبي
جو 24 :
 إبتلع إلياس اليتم منذ بضع سنين حين طرح الغدر الأحمق بزة والده العسكرية على وصيد الطفولة، تجرع كأس الغياب وارتدى الصقيع، ثم هجع الفقر على عتباته وعزف ألحان الوجع والأنين. بات الفتى منذئذ على الطوى وخمص من جوع، لكنه لم يعفر التراب أو يفت له عضد، لم يتوه في ظلمة الدروب وقسوة الليالي ولهفة الحنين. ويح ذاك اليتم حين يخطف العرين والسراج الأنيق، وأنيابه تضرس الميلاد وأماني الصبا وتمزق الأحلام، ويحه حين يسلب شذى الحب والوداد، ويحه عندما يخمد جذوة النجم الهادي الذي ينير مسالك الروح.
اليوم، عندما تتشابه الأيام ويسرع الزمن في المسير، وحين تذرع الآلام الطرق بخطى حثيثة يصعب معها إحتواء نهر الحياة، حينئذ يخرج على الملأ حفيد الحويطات في زحمة الوباء، إذ يحمل أسم الأنبياء وبريق السمرة في محياه. إلياس طفل في صدره اليوم توق للشهادة مثلما أبيه نبع اللهيب، هبت نسائمه من الجنوب فبلغت حكمة البراري وجاوزت حِلم الصحراء، قد لبى نداء الفزعة عند النـوائب وأخذ ثأره من اللصوص كما أخاه ذيب. إلياس نفحة من روح الكرم جعلت الجود أوتاراً تغني، هو عون هرع يكشف قرحة الكذب في أحشاء الثراء، ثم لملم كل أذيال الجشع من أوصال الخنوع، اغمد ظُبا الكلام وأسكت ألسنة الغنج وبطون تعاقر النهم. اليوم روى إلياس أرض الخير في ساعة الحلكة بماء الفداء، في بضع دريهمات معدودات، بها أزهر الطفل نبت آيات بطولة نقشت على صفائح القلب، فسقى الكون بأجمل رداء يرتديه، حين أثمر فيه دم أبيه، شهيد رحل عنه دونما وداع أو قبلة تغمر العمر بعبق الحياة.
اليوم يأتي على الناس زمان عضوض ينذر بالوباء وبلاء مستطر، أقبح ما فيه غنى بخيل ليس له في العالمين خليل، فما ضاقت بلاد بأهلها، بل ضاقت أخلاق بعض رجال في الحرص والشكوى، وصبية تملأ الأثير ثرثرة على الموائد، وتحتفي بالدلع على المواقع حين تخوض معارك اللهو على الأرائك.
إلياس، أي بني، بكم تليق الرجولة ومنكم يفيح عطر الشهادة، فأنتم فوحة من روح الله ونسم من وجه الأنبياء، فسلام عليك ولدي وعلى أبيك في الآخرين، وتحية على أصل البداوة في العالمين، سلام عليكم قبيلة الحويطي بما أنجبتم، سلام عليكم إل ياسين، والله يجزي المحسنين.
 


 
تابعو الأردن 24 على google news