2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

وزراء يشعلون النار أمام محطة وقود

اسامة الرنتيسي
جو 24 :
لم ترق كثيرا "المحاضرة" التي القاها رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة في مجلس النواب الثلاثاء, بل دفع غزل الطراونة بأداء النواب الى مزيد من الحنق على اعضاء المجلس اذا لم يصل الغضب الى المؤسسة التشريعية برمتها.

لكن كل هذا يمكن استيعابه, اما أن رفع الاسعار لن يطال الشرائح الفقيرة والمتوسطة, فهذه لا يستطيع المرء تمريرها بسهولة ولا حتى بلعها, مع كل عصير ليمون الغور, فكفى خطابا لم يعد يصلح في هذا الزمان, ولم يصلح في الزمان الماضي, هذا اذا اتفقنا على أن الاوضاع الاقتصادية ابقت على شرائح اصلا في مجتمعنا, فالاكثرية دخلت نادي المعدمين, بعضوية دائمة وليست موأزرة.

ليس معقولا كل ما يقال عن توجه حكومي لإلغاء آلية تطبيق الدعم المباشر, واستبداله بآلية جديدة, ورفع اسعار الكهرباء, أنه ببساطة كمن يلعب بالنار في حقل ألغام.

حتى ما صرح به وزير الصناعة والتجارة قبل يومين يكاد يكون تحريضا مباشرا للناس ان يبقوا في الشارع, لان الهدوء سوف يتبعه رفع للاسعار, أرأيتم مثل هذا في عالم السياسة, واستيعاب غضب الناس?

السذاجة السياسية التي لا يمكن أن تنطلي على أحد في فترات الارتياح الشعبي, فكيف الحال في ظل اليقظة الشعبية لكل شيء, وكيف إذا كان في المتطلبات المعيشية الرئيسية وفي ظل الأوضاع المعيشية الضنكة التي يعيشها المواطنون, ولا تخفى ملامحها على أحد.

ما تتحمس له الحكومة الجديدة (حتى لو كانت منطقية من وجهة النظر الاقتصادية) سوف تقطع الشعرة المتبقية بين الحكومة والمواطنين, وسوف تمنح أعداء الحكومة (وهم كثر) ذخيرة قوية لقصف السياسات الحكومية, وسوف تحول التحرك الاحتجاجي النخبوي في البلاد إلى تحرك شعبي.

الحكومة تعرف أنها غير محظوظة, وليست مقبولة كثيرا, لا في الاوساط النيابية ولا الحزبية والشعبية, واذا نجحت في اختبار الثقة, فسيكون النجاح على الحافة.

على الحكومة ألا تنجر إلى مواجهات جديدة بسبب قرارات غير مناسبة في توقيتها ولا في ظروفها ولا في المنطق الذي ستدافع عنه, فإذا كانت الدراسات الحكومية تشير إلى أن تطبيق مقترحات تغيير آليات الدعم توفر على خزينة الدولة مبالغ معقولة, فإن هذه المبالغ تستطيع توفيرها بهدوء من خلال قضية فساد واحدة من الوزن أقل من الثقيل, إضافة إلى التكاليف السياسية التي ستدفعها إثر احتجاجات متوقعة لا أحد يدري إلى أين تصل مدياتها.

على الحكومة وفريقها السياسي الاستعداد جيدا لمرحلة قانون الانتخاب واستحقاق الانتخابات البلدية والنيابية, التي تحتاج إلى فعل سياسي مميز, بحيث نخرج فعلا في النهاية بإنجاز سياسي راق يصب مباشرة في مرحلة جديدة متقدمة من عمر البلاد.

نحتاج إلى إنجازات ملموسة في طريق الإصلاح السياسي الشامل, وهذا فعلا ما يدعم خزينة الدولة ماليا ومعنويا, ولا نحتاج إلى وزراء يشعلون النار أمام محطة وقود, ولا يلتفتون الى التكاليف السياسية والاجتماعية.

osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news