jo24_banner
jo24_banner

عودة العسكر

أسعد العزوني
جو 24 :

بات واضحا أن مجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا بلدان "الربيع العربي"، سوف تشهد عودة لحكم العسكر ،بعد أن أثبت الإسلاميون فشلهم في الحكم ،مع أن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه العزيز"ما فرطنا في الكتاب من شيء"بمعنى أن الإسلام لمن يفهمه جيدا يصلح لكل زمان ومكان ، ويمكن أن تؤسس به إمبراطورية ،فيما لو طبقت تعاليمه بطريقة عقلانية.
وصلت الأمور في كل من تونس ومصر - حيث خضعتا للحكم الإسلامي الحزبي – إلى حالة قطيعة لا رجعة فيها بين الشعب الذي فرح بتحرره من حكامه المستبدين،وبين حكوماته الإسلامية الحزبية ،وقد فرحنا بداية عند تسلم هؤلاء مقاليد الأمور ولكن ......
لم تسر الأمور كما نريد ،وتبين للقاصي والداني أن هؤلاء الإسلاميين ،وبغض النظر عن علاقتهم وثقلهم في الحراك الشعبي الذي أسقط الأنظمة ،لم يكن مجيئهم إلى الحكم ،إلا بعد التنسيق مع واشنطن ، ولست مبالغا القول أنه كان لإسرائيل دور لا يمكن إغفاله في التغيير .
ففي تونس على سبيل المثال تكبد زعيم حركة النهضة الإسلامية التي تسلمت الحكم هناك الشيخ راشد الغنوشي،وعثاء السفر وشد الرحال إلى واشنطن وألقى خطابا عرمرميا أمام مركز الضغط اليهودي "الإيباك" ، وطمأنهم أن تونس لا تعادي إسرائيل،في حين أن العلاقات المصرية –الإسرائيلية في ظل الحكم الإسلامي لم تنقطع ،وإستمرت العلاقات الدبلوماسية قائمة ،يواكبها التنسيق الأمني الذي ما يزال على قدم وساق.
ليس سرا القول أن العسكر في تونس وفي مصر إبان الحراك الشعبي في البلدين لم يسجلوا إنحيازهم للحكام المغضوب عليهم بل مارسوا دور الحياد ،وهذا ما عجل في إسقاط كل من بن علي الذي هرب من تونس بزي منقبة،ومبارك الذي خلعه عمرو سليمان وسلم الحكم للعسكر.
كنا نرغب على الدوام ألا تكون الشوارع العربية مسرحا للتجريب المر،وتمتلك إحتمالية نزف الدماء لأن الديكتاتورية لا ترحم،ولكن عدم وجود معارضة حقيقية تمتلك برامج للتحرك ،وعندها تصور مكتوب لما يتوجب عليها فعله في اليوم التالي،أوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه،وجعل الفرحة بإزالة الحكام المستبدين لا تدوم حتى نشعر بها ،ونسجل أننا عشنا مرحلة هانئة كبقية شعوب الأرض التي لديها حكومات ومجالس برلمانية تنفذ مصالحها وتحميها.
يجب أن يكون مكان العسكر على الحدود لحمايتها من الأعداء ،مع أن جيوشنا العربية لم تقم يوما بحماية حدودنا ،وهذا ما جعل "إسرائيل "تستأسد ليس على الفلسطينيين فحسب ،بل على كافة الدول العربية حتى جبال الأوراس.
جربنا حكم العسكر بعد قيام الدولة القطرية"بضم القاف"،بناء على ما جاءت به معاهدة سايكس –بيكو بين بريطانيا العظمى وفرنسا ،عندما تطوعنا بطرد الأتراك من بلادنا، لنفتح أبواب فلسطين ليهود بحر الخزر كي يستوطنوها ،ويجد الشعب الفلسطيني نفسه لاجئا وتحت رحمة الصحراء وقرارت البعض .
كانت الإنقلابات في المنطقة تفرخ مثل أعشاش طائر الشنار،وما أن يقوم أحد الضباط بإنقلاب ويصدر بلاغه الأول بأنه س" يحرر"فلسطين،يخرج عليه ضابط ربما أصغر منه وينقلب عليه ويتلو نفس البلاغ ،مع أن فلسطين ما تزال محتلة حتى يومنا هذا ،بل وأضيف عليها أراض عربية اخرى ،كان البعض لا يعرف أن له أراض محتلة ،لولا أن المعاهدات مع إسرائيل كشفت عن ذلك.
نحن هذا الأيام نعيش مرحلة سايكس –بيكو ولكن على أوسع ،لأننا سنشعر بالندم على سايكس –بيكو ،لأن البديل لها أشد مرارة منها ،إنه الشرق الأوسط الوسيع الذي دعا له مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل ،وهذ سيقسم المقسم ويجزيء المجزأ،وستكون حالتنا في الشرق ،غير متخيلة لأن الكانتونات التي يحملها مشروع الشرق الأوسط الوسيع ،ستكون كلها مربوطة بوتد في تل أبيب.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير