الشرعية!
الشرعية الوحيدة هي وحدة الشعب ومصالحه ومصيره. وغير ذلك فشرعية في الصندوق!!
لا يستطيع بشار الأسد ان يقول: أنا أدافع عن الشرعية. ومع ذلك يقبل بمئة ألف قتيل من شعبه، وتدمير مدن سوريا التاريخية وشقاء الملايين الذين غادروا بيوتهم، ومدارسهم ومعاملهم وحقولهم ومستشفياتهم وجامعاتهم.. واصبحوا جائعين مشردين بحاجة إلى عطف العالم وخبزه ومائه!!.
يخرج منذ ثلاثة أيام ملايين المصريين مطالبين الدكتور مرسي بالذهاب إلى بيته. وهم الذين رجّحوا كفته على كفة أحمد شفيق بأصوات لا تتجاوز 1% من أصوات المصريين، فيجيبهم بأنه: الشرعية!!. وبأنه لن يتنازل عن الشرعية، ولن يخذل الأهل والعشيرة!!. والكلام كثير. ومع أن الشعب لم ينتخب المرشد، ويجعل قيادة الاخوان قيادة الدولة!!.
هنالك حالة فشل في الحكم،.. فشل ثار عليه الشارع واسقط حسني مبارك. والآن يعلن الشعب، والقضاء، والجيش، والإعلام أنهم يريدون التغيير وعلى مرسي واخوانه التراجع خطوة واحدة بالاستقالة فقط. فيصبح الاخوان مكوناً سياسياً من مكونات مصر. وجزءاً من حالة جديدة. ويستطيعون الاندماج في التجربة المقبلة والاستفادة من أخطاء الاخونة، ورفض الآخر، والتمكين في جهاز الدولة. فهناك جهد هائل ينتظر مصر.. واقتصادها وسلامها الاجتماعي. ولا معنى لتعنت د. مرسي. فالذهاب إلى البيت أفضل من الذهاب إلى مكان آخر. وتعديل اتجاه قيادة الاخوان أفضل من عودتهم إلى الملاحقة.
لقد بقي علي عبدالله صالح يقاوم حتى فقد اليمني مصدر عيشه، وفقد مئات مواطنيه.. ولولا أن اخوان اليمن في الخليج تداركوا الأمر، ووضعوا تسوية لم يستطع علي عبدالله صالح رفضها، لكان اليمن غرق في الدم!!.
.. والآن، وتونس تتعثر ولا تجد غير حكمة الغنوشي في التراجع عن مبدأ التمكين، ومصادرة الدولة، واطلاق مجموعات متعصبة تهدد الحياة المدنية والمتمدنة. لكنا عدنا إلى الصدام في الشارع. فالناس لم تعد تقبل الخوف!!.
لا مرسي، ولا الأسد، ولا البشير، ولا المسلحون الذين صدقوا أنهم هزموا نظام القذافي هم مستقبل مصر وسوريا والسودان وليبيا، ولا المجموعات الطائفية المتعصبة هي التي ستطلع العراق العظيم من كارثته. فالشرعية هي أولاً وأخيراً رضى الناس, وقبولهم بالتضحيات المطلوبة منهم لأنهم يثقون بقياداتهم.
مرة واحدة في الولايات المتحدة، نجح جورج بوش بقرار محكمة اتحادية في فلوريدا، ولا بأصوات الناخبين وقبل الديمقراطيون بالحالة.. وقبلوا الرئيس.. لا لأنه شرعي، وإنما لأن مصلحة أميركا ومصيرها هي الشرعية!!.
لو قبل الأسد منذ البداية حق السوري في أن يرفع صوته في الشارع. لما وصل إلى حد الاحتفال بتحرير «القصير» أم الثلاثين ألف مواطن، ومر جنوده على خرائب، لا شعب فيها. والاستعداد للاحتفال بتحرير حمص!!.
لو قبلت الميليشيات المسلحة نتائج الانتخابات في ليبيا، لوفرت على ليبيا عناء الفوضى والدم والتفسيخ الجهوي. ولو تذكر الجميع تجربة الثائر عمر المختار، وقومية الملك الشيخ إدريس السنوسي صانع وحدة ليبيا.. بالرضى لكان الشباب تواضعوا، وأعادوا لوطنهم روح شهيدهم، وحكمة شيخهم!!.
لا ينفع مرسي أن يبقى يعلن أنه هو الشرعية. وأن الملايين التي خرجت تطالبه بالرحيل هم مجرّد بلطجية، ومُغرر بهم. وخارجون عن المِلّة والدين!!، فالجيش حين يخرج إلى الشارع فهو الوحيد الذي ينهي الانقسام، والتمزّق الداخلي، وخربان البيت!!.
(الراي)