jo24_banner
jo24_banner

عشق الياسمين ، وفرص العمل

زيان زوانة
جو 24 :
ترسخت علاقتي بالياسمين منذ طفولتي في منزل العائلة في حارة الياسمينة في نابلس ، بمشاهدتي لوالدتي وهي تعتني " بالياسمينة " المزروعه داخل حصتها من المنزل فتسقيها وتقطف زهرتها صباحا ومساءا . وأثار ذكرياتي ، تقرير الغد بالأمس 26/8 بعنوان " قرى مصرية تعطر العالم برائحة الياسمين " الذي أعادني لنابلس وللقاهرة حيث دراستي الجامعية الأولى ، عندما كنت أشتري عقدا من الياسمين أو الفلّ المشكوك بأقلّ من عشرة قروش من البائعين في الشارع وهم يصيحون " فلّ يا فلّ " .
تغزل الشعراء والكتاب والسياسيون بدمشق وياسمينها ، وتأسست مبكرا صناعة العطور ونكهاتها طبيعية وغير طبيعية ومقلّدة في سوريا ، بسلسلتها الممتدة من زراعة الياسمين والورود والأزهار ، إلى صناعة العطور ، مرورا بقطافها وجمعها وعصرها وعلاجها وعجنها وتعبئتها ، بما يلحقها من عبوات وتغليف ، لتصل في النهاية رفوف محلات البائعين ، ما ذكرني بجبل الحسين وأشجار الياسمين المتدلية على أسوار بيوته القديمة التي جرفتها العمارات التجارية ، وأسوار البيوت في شوارعه الفرعية حتى الآن ، والتي يمكن ملاحظة زهرات الياسمين على الأرصفة تحت الشجرة ، لغزارة الإنتاج وقلة القاطفين .
فيروس كورونا رفع معدّلات البطالة في العالم ، كما رفع معدلات الفقر في الدول الهشة أصلا ، ويعرض من لم يفقد وظيفته حتى الآن لقلق نفسي ضاغط ، في نفس الوقت الذي يحتار فيه صناع القرار بين أولوية سلامة مواطنيهم ، وبين أولوية اقتصاداتهم ودوران عجلة إنتاجها ، مع صعوبة الجمع بين الإثنين ، كما يقولون ، هذا بينما لا يتوقف أصحاب مدارس الفكر النظري عن شحذ عبارات الفكر الإبداعي ودوره في ماكينة الإنتاج ورفدها بالإقتراحات ، مستحيلة وممكنة ، لنقف في النهاية أمام شبه عجز عالمي عن اتخاذ القرار الأقل كلفة ، لو توصلوا إليه.
زراعة الياسمين وتصنيعه ، ميدانا يحتاج لعمالة مكثفة غير ماهرة من شرائح عمالية محتاجة مدبّرة ، أجورها منخفضة ، كما في مصر والهند حيث ازدهرت زراعة الياسمين وتصنيع عطوره ، متسائلا لو طبق الفكرة مسؤول أو رجل أعمال أردني ريادي ، قبل أن تخفت رائحة شجرة الياسمين المزروعة على مدخل منزلي ، مذكّرا ، أن الإقتصاد علم إنساني في الدرجة الأولى.
تابعو الأردن 24 على google news