النظام الرسمي العربي ... والدم العربي
ما حدث اليوم في مصر رغم فظاعته فإنه يفيد في معرفة النظام الرسمي العربي بسياسييه و عسكره الذين يموتون ولا يقبلون ان يسلموا بكرامة شعوبهم ، ولا يقبلوا ان يفهموا أن الشعب أهم من الزعيم ، و أن الوطن ليس مزرعة و الشعب ليسوا عبيدا ، والحقوق ليست مكارما والدم ليس ماء ، بعد الإنقلاب العسكري الذي قاده ضباط الجيش الذين تربوا على أيدي ضباط المخابرات في الولايات المتحدة الأمريكية سارعت بعض دول الإعتدال العربي " لا حظوا الإسم ، الإعتدال " سارعوا الى تهنئة الإنقلابيين بانقلابهم و هللت محطات التلفزة التابعة لخادم الحرمين و خادم الهرمين المخلوع و لباقي الخدم ايضا و كأن الإسلام عدو يجب اجتثاثه ، و كأن الإسلاميين هم الذين سلموا المسجد الأقصى و الضفة الغربية وسيناء والجولان لإسرائيل و كأن الإسلاميين هم الذين سرقوا الثروات وسرقوا النفط و سرقوا الأراضي و سرقوا الشركات و باعوا كرامة الأمة بكرسي لا يساوي حذاء طفل عربي صغير.
اليوم يقيم النظام الرسمي العربي الذي يختنق يالربيع العربي و يغص بالمطالبين بالحرية يقيم افراحا و ليال ملاحا على جنازات أطفال مصر ، و يصلي بعد ان كان لا يصلي كي ينجح انقلاب العسكر فيؤدب الشعوب التي تطالب بالديمقراطية والحرية والكرامة ، اليوم و بينما دماء الأبرياء المصريين تسيل في شوارع مصر و ميادينها يفرح أغبياء النفط او بعضهم بسقوط مشروع الدولة الإسلامية و مشروع الديمقراطية العربي ، و يشمتون بقطر وبالجزيرة لأنها و بصورة ما وقفت مع مشاعر الكرامة العربية و مشاعر الحرية العربية ولأن أمير قطر الصغيرة تنازل عن الحكم بدون مظاهرات ولا احتجاجات ولا دماء و هذا يحرج ابو الهول المتربع على أحد كراسي الحكم وقد زاد عمره عن التسعين و يحرج الزعماء الذين تصدح اذاعاتهم و تلفزيوناتهم بالأغاني و الأهازيج لهم ولنسائهم وأطفالهم وتسبح بحمدهم ليل نهار و تعدد مناقبهم حتى بتنا نظن أنهم انبياء او ملائكة منزلون .
اليوم حتى أمريكا استحت لأنها تحكم بنظام ديمقراطي استحت أن تؤيد العسكر علنا او تبارك لهم بينما بعض الدول العربية تسابقت بدعم الإنقلاب و كأنه هدية من السماء لها و لأنظمتها التي تسرق الشعب ليل نهار و التي تتستر على الفارين بأموال الشعوب و نفط الشعوب و فوسفات الشعوب و أموال الشعوب الى لندن و غيرها ، بينما تقوم باغلاق الصحف والمواقع الإخبارية التي تنطق بالحق او جزءا منه لأنها لا تريد من ينغص عليها حياتها بمراقبة مهازلها و سرقاتها و عفنها .
و لكن ماذا لو أعاد الشعب المصري مرسي رئيسا للبلاد كيف سيكون موقف تلك الدول و ماذا ستقول لشعوبها و لنفسها ولا نقول ماذا ستقول لله لأن الله أخر همومها ، همها الأول والأخير البقاء في الحكم و السرقة و التطاول على الشعب و تزييف الإنتخابات و حل البرلمانات و اغلاق الصحف و تكميم الأفواه و تأليف أكبر كم ممكن من الأغاني التي تمجد الحاكم و تضعه في مصاف الألهة المنزهة ، اليوم يوم من ايام الأمة العصيبة و هذا اليوم سيمتد سنوات طويلة كما قال روبيرت فيسك الكاتب البريطاني ، و قال إن النظام الرسمي العربي سيزول لا محالة لأن معركة الشعوب العربية هي معركة كرامة لا معركة خبز .
نترحم على شهداء مصر الذين سقطوا بأيدي جيش مصر العظيم و بأوامر من الإنقلابيين و نترحم على أخلاق النظام الرسمي العربي الذي صار عنده الخلق العربي والدم العربي موضة قديمة ، و نترحم على الأيام التي سرقها النظام الرسمي العربي من عمرنا و هو يكذب علينا و يشبعنا بطولات و وطنيات و عنتريات تبين أننا كنا ساذجين و كانوا هم افاقين متمكنين من فن الكذب الذي يعتبرونه سياسة و حكمة و دراية .