هل المشروع النووي مجدي إقتصادياً لإستثمار أموال ضمان الأردنيين؟
د. باسل برقان
جو 24 : بات واضحاً بأن رد صندوق إستثمار الضمان الإجتماعي (الغد 5/6/2013 ) على المقالة الإسبوعية لرئيسة تحرير صحيفة الغد هو إشعار رسمي بانقلاب مرحلي في سياسات الصندوق. فهيئة الطاقة الذرية حاولت مراراً طوال السنوات الستة الماضية إقناع إدارات الصندوق ورئاسة الضمان الإجتماعي السابقة لتمويل المشروع النووي ولكنها دوماً كانت تحظى برد قاطع وصارم يؤكد عدم الاكتراث والرفض المستمر. ولكن إبداء صندوق إستثمار الضمان الإجتماعي "إهتماماً مبدئياً في تمويل محطة نووية"(الغد 30/5/2013) هو نقطة تحول مركزية بحد عينها (كما تبدو للعديد من المهتمين) تتمثل في تصريف أموال الشعب الأردني على مشاريع مرفوضة مجتمعياً وفاشلة إقتصادياً وإدارياً. بل إن إقرار الصندوق بأنه "لم يقم بإعداد دراسة الجدوى الإقتصادية للمشروع" هو بحد ذاته إعلان مشاركة غير معلنة وضمنية فيما بين الصندوق وهيئة الطاقة الذرية !! فمن هو المسؤول عن إعداد الجدوى الإقتصادية لمثل هذا المشروع ؟ أليس هيئة الطاقة الذرية صاحبة المشروع؟ ولماذا يدق صندوق إستثمار أموال الشعب الأردني على صدره ليغدو هو (الصندوق) الذي يريد إعداد الجدوى الإقتصادية ؟؟ إن دراسة الجدوى الإقتصادية تحتاج إلى خبرات أجنبية لا تتواجد داخل الأردن فهل سيأتي بها الضمان الإجتماعي على نفقته الخاصة أم على نفقة الحكومة؟؟
ان أساس دراسة جدوى أي مشروع إقتصادي بغية الإستثمار به (ولجميع صناديق التقاعد الاستثمارية في جميع البلاد) هو ثلاثة ثوابت رئيسية وهي:
1- أمن الإستثمار وديمومته.
2- إرتفاع نسبة عائد الإستثمار .
3- ديمومة تحصيل العائد على المدى الطويل.
فأي أمان في الإستثمار بالمشروع النووي يمكن للصندوق أن يحدثنا عنه بعد أن قام أهل الرمثا بتحطيم مباني إدارة مشروع المفاعل النووي الأول بشهر تموز الفائت في جامعة العلوم والتكنولوجيا؟ ألم تسمع إدارة الضمان الإجتماعي عن الرفض المجتمعي لهذا المشروع؟ رفضت المجتمعات المحلية في الرمثا وكافة لواء بني عبيد المفاعل النووي البحثي الذي يقام في جامعة العلوم والتكنولوجيا. ورفضت المشروع كافة المجتمعات المحلية في مدن وقرى لواء المفرق من عشائر بني حسن والعائلات الأردنية التي تجاور منطقة خربة السمراء. كذلك رفض أهل البادية الوسطى ولواء الموقر ونوابها إقامة محطة طاقة نووية على أراضيهم بعد أن أبعد الموقع إلى 40 كيلومتراً عن الخربة السمراء (العرب اليوم 20/5/2013). فلا يوجد أمن ولا ديمومة لهذا المشروع نهائياً بل بالعكس فقد نال على رفض مجتمعي شبه كامل بامتياز. كما أنه يجب ان لا يغيب عن فطنة لجنة صندوق الضمان بأن العديد من المفاعلات النووية تم بناؤها في العديد من الدول ولكنها أغلقت ولم تشغل بعد البناء على إثر تصويت برلماناتها على الإغلاق.
وهل يعقل أن تبدي إدارة صندوق الإستثمار إهتماما مبدئيا بمشروع لم تصدر له دراسة جدوى إقتصادية خلال ستة سنوات منذ الإعلان عنه؟ فاللغط والتضليل عن جدوى المشروع من قبل اللوبي النووي واضح منذ بدايته عندما أعلن مدير هيئة النووي بأن كلفة إنتاج الطاقة هي تارة 4 سنت أمريكي وتارة أخرى 8 سنت وأخيراً 12 سنت. فاللوبي النووي لا يحسب أي من الكلف التالية ببياناته عن المشروع:
1- كلفة دعم المحروقات حيث تتكلف الحكومة بدعم المحروقات بمبلغ مليار وسبعمائة مليون دينار سنويا (وقد يزيد إلى مليارين مع إرتفاع سعر برميل البترول). يحتاج المشروع النووي لمدة لا تقل عن عشرة سنوات وقد تصل إلى 15 سنة لبناء المحطة النووية أو أكثر حسب تصريح الهيئة.
2- يجب ذكر الكلفة المالية من الحماية العسكرية للمنشأة النووية (التي سوف تكلف صفراً في حال الطاقة المتجددة) وحيث يتوقع الخبراء بأنها لن تقل عن مائة مليون دينارسنويا طوال عمر المحطة.
3- كلفة التأمين على المحطة النووية والتي قد تصل إلى 800 مليون دولار سنوياً.
4- كلفة الكفالة المالية للحكومية الأردنية لقرض بناء المحطة النووية والتي قد تصل إلى 90 مليون دولار سنوياً.
5- كلفة حفظ والتخلص من النفايات النووية المشعة لملايين السنين (المادية والصحية والبيئية) والتي مصائبها على الإنسان والمصادر المائية لا تقدر بثمن.
6- كلفة بناء محطات توليد كهرباء لتستوعب 2200 MW مرة واحدة من محطتين نوويتين والتي قد تصل إلى 500 مليون دولار.
7- كلفة تغيير شبكة خطوط الضغط العالي لتستوعب أحمال بقدرة 2200 MW من مصدر واحد على الشبكة والتي قد تصل إلى مليار دينار.
8- كلفة بناء محطة متخصصة لتنقية (وليس إزالة الملح مثل تحلية مياه البحر) المياه العادمة من خربة السمراء ولإزالة العوالق والمخلفات العضوية والتي تصل كلفة بنائها إلى 800 مليون دولار.
9- إن المراجل (البويلرات) المستعملة بالمحطات النووية ضخمة بسبب حجم المحطة. وقد يصل الوزن الى 800 طنا. وهذا لا يمكن إستيراده عن طريق العقبة بسبب إنحدار رأس النقب. ونسأل هل يوجد لدينا طرق تتحمل وزن 800 طن. هذه إحدى الكلف الغامضة فالأردن بحاجة الى إنشاء طريق بمواصفات الدول الصناعية الكبرى لتوصيل أجزاء المفاعل العظيم الى مكانه الموعود.
10- كلفة تفكيك المحطة النووية بعد إنتهاء عمرها ولطمرها في مكان ما حيث تكلف في يومنا هذا من 300-900 مليون دولار حسب حجم المحطة. وبسبب عامل الزمن فإن الكلفة ستصل بعد 40 سنة من عام 2020 (أي في عام 2060) إلى 3 – 5 مليار دولار!!
وعندما يعلن نائب مدير هيئة الطاقة الذرية في إجتماع الإمارات العربية المتحدة بشهر نيسان الماضي (الجوردان تايمز 20/5/2013) بأن الهيئة قررت إلغاء أعمال ستة سنوات من إستقطاب الشركات النووية للإستثمار بالمشروع فإنه دليل واضح بأن الشركات الأجنبية تدرك خطورة هذا الإستثمار وعدم جدواه الإقتصادية. ومن المحزن بأن الحكومة صرفت 97 مليون دينار أردني من الأموال العامة في خزينة الدولة من أجل هذه المغامرة فضلا عن 130 مليون دولار على مفاعل بحثي لا جدوى له.
فإذا أراد الصندوق أن يطلع على ديمومة تحصيل عائد الإستثمار بهكذا مشروع فعلى إدارة الصندوق أن تراقب البطء الشديد في إنجاز المحطات النووية التي يتم بناؤها حول العالم ومحطتا فرنسا وفنلندا هم أكبر برهان. فقد بدأ بناء محطة فنلندا عام 2005 وللآن ونحن في عام 2013 لم يكتمل البناء بالرغم من أن المحطات تقع في مقر دار الشركات المتعهدة وجميع المعدات والآليات والبنى التحتية مهيئة لهذا البناء منذ قرون. وفي الأردن يتوقع بناء المحطة خلال 15 إلى 20 سنة.
في الختام نتسائل لماذا لم تنظر إدارة الصندوق للإستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة النظيفة والمستدامة من الشمس والرياح والتي تبنى وتشغل وتبدأ بضخ الكهرباء إلى الشبكة خلال أشهر تعد على أصابع اليد (وليس عشرات السنوات) ولها إستمرارية لا تقل عن 25 عام (محطتي الإبراهيمية وحوفا للرياح تعملان منذ عام 1987)؟؟ ولماذا تحمي الدولة الأردنية إتفاقياتها مع الشركات المنتجة للطاقة في القطرانة وشرق عمان وخربة السمراء وتبقي على إستيراد المنتجات النفطية الغالية الثمن وتدعم إنتاجها وحرقها وتوزيعها لتخسر الدولة من المال العام في حين أن أزمة الطاقة بالأردن يمكن حلها خلال عام 2013 إن أرادت الحكومة من خلال مشاريع الطاقة المتجددة المستدامة والنظيفة. إصرار الدولة على أن تلتزم وزارة الطاقة بالسماح للمصادر المتجددة النظيفة في المشاركة بنسبة 10% فقط من أعلى إستهلاك هو أمر مستهجن، في وقت يترك المجال مفتوحاً للهيئة النووية التي أعلنت منذ عام 2008 بأنها ستبنى 5 مفاعلات نووية والتي قد تصل نسبتهم إلى ما فوق 50% من الإستهلاك (وهذا بحد ذاته مخالف للأعراف العالمية).
الطاقة من المصادر المتجددة المستدامة يمكنها أن تغطي 100% من إستهلاك الأردن وتصدر الفائض فأين منها صندوق أستثمار ضمان الأردنيين...؟؟
ان أساس دراسة جدوى أي مشروع إقتصادي بغية الإستثمار به (ولجميع صناديق التقاعد الاستثمارية في جميع البلاد) هو ثلاثة ثوابت رئيسية وهي:
1- أمن الإستثمار وديمومته.
2- إرتفاع نسبة عائد الإستثمار .
3- ديمومة تحصيل العائد على المدى الطويل.
فأي أمان في الإستثمار بالمشروع النووي يمكن للصندوق أن يحدثنا عنه بعد أن قام أهل الرمثا بتحطيم مباني إدارة مشروع المفاعل النووي الأول بشهر تموز الفائت في جامعة العلوم والتكنولوجيا؟ ألم تسمع إدارة الضمان الإجتماعي عن الرفض المجتمعي لهذا المشروع؟ رفضت المجتمعات المحلية في الرمثا وكافة لواء بني عبيد المفاعل النووي البحثي الذي يقام في جامعة العلوم والتكنولوجيا. ورفضت المشروع كافة المجتمعات المحلية في مدن وقرى لواء المفرق من عشائر بني حسن والعائلات الأردنية التي تجاور منطقة خربة السمراء. كذلك رفض أهل البادية الوسطى ولواء الموقر ونوابها إقامة محطة طاقة نووية على أراضيهم بعد أن أبعد الموقع إلى 40 كيلومتراً عن الخربة السمراء (العرب اليوم 20/5/2013). فلا يوجد أمن ولا ديمومة لهذا المشروع نهائياً بل بالعكس فقد نال على رفض مجتمعي شبه كامل بامتياز. كما أنه يجب ان لا يغيب عن فطنة لجنة صندوق الضمان بأن العديد من المفاعلات النووية تم بناؤها في العديد من الدول ولكنها أغلقت ولم تشغل بعد البناء على إثر تصويت برلماناتها على الإغلاق.
وهل يعقل أن تبدي إدارة صندوق الإستثمار إهتماما مبدئيا بمشروع لم تصدر له دراسة جدوى إقتصادية خلال ستة سنوات منذ الإعلان عنه؟ فاللغط والتضليل عن جدوى المشروع من قبل اللوبي النووي واضح منذ بدايته عندما أعلن مدير هيئة النووي بأن كلفة إنتاج الطاقة هي تارة 4 سنت أمريكي وتارة أخرى 8 سنت وأخيراً 12 سنت. فاللوبي النووي لا يحسب أي من الكلف التالية ببياناته عن المشروع:
1- كلفة دعم المحروقات حيث تتكلف الحكومة بدعم المحروقات بمبلغ مليار وسبعمائة مليون دينار سنويا (وقد يزيد إلى مليارين مع إرتفاع سعر برميل البترول). يحتاج المشروع النووي لمدة لا تقل عن عشرة سنوات وقد تصل إلى 15 سنة لبناء المحطة النووية أو أكثر حسب تصريح الهيئة.
2- يجب ذكر الكلفة المالية من الحماية العسكرية للمنشأة النووية (التي سوف تكلف صفراً في حال الطاقة المتجددة) وحيث يتوقع الخبراء بأنها لن تقل عن مائة مليون دينارسنويا طوال عمر المحطة.
3- كلفة التأمين على المحطة النووية والتي قد تصل إلى 800 مليون دولار سنوياً.
4- كلفة الكفالة المالية للحكومية الأردنية لقرض بناء المحطة النووية والتي قد تصل إلى 90 مليون دولار سنوياً.
5- كلفة حفظ والتخلص من النفايات النووية المشعة لملايين السنين (المادية والصحية والبيئية) والتي مصائبها على الإنسان والمصادر المائية لا تقدر بثمن.
6- كلفة بناء محطات توليد كهرباء لتستوعب 2200 MW مرة واحدة من محطتين نوويتين والتي قد تصل إلى 500 مليون دولار.
7- كلفة تغيير شبكة خطوط الضغط العالي لتستوعب أحمال بقدرة 2200 MW من مصدر واحد على الشبكة والتي قد تصل إلى مليار دينار.
8- كلفة بناء محطة متخصصة لتنقية (وليس إزالة الملح مثل تحلية مياه البحر) المياه العادمة من خربة السمراء ولإزالة العوالق والمخلفات العضوية والتي تصل كلفة بنائها إلى 800 مليون دولار.
9- إن المراجل (البويلرات) المستعملة بالمحطات النووية ضخمة بسبب حجم المحطة. وقد يصل الوزن الى 800 طنا. وهذا لا يمكن إستيراده عن طريق العقبة بسبب إنحدار رأس النقب. ونسأل هل يوجد لدينا طرق تتحمل وزن 800 طن. هذه إحدى الكلف الغامضة فالأردن بحاجة الى إنشاء طريق بمواصفات الدول الصناعية الكبرى لتوصيل أجزاء المفاعل العظيم الى مكانه الموعود.
10- كلفة تفكيك المحطة النووية بعد إنتهاء عمرها ولطمرها في مكان ما حيث تكلف في يومنا هذا من 300-900 مليون دولار حسب حجم المحطة. وبسبب عامل الزمن فإن الكلفة ستصل بعد 40 سنة من عام 2020 (أي في عام 2060) إلى 3 – 5 مليار دولار!!
وعندما يعلن نائب مدير هيئة الطاقة الذرية في إجتماع الإمارات العربية المتحدة بشهر نيسان الماضي (الجوردان تايمز 20/5/2013) بأن الهيئة قررت إلغاء أعمال ستة سنوات من إستقطاب الشركات النووية للإستثمار بالمشروع فإنه دليل واضح بأن الشركات الأجنبية تدرك خطورة هذا الإستثمار وعدم جدواه الإقتصادية. ومن المحزن بأن الحكومة صرفت 97 مليون دينار أردني من الأموال العامة في خزينة الدولة من أجل هذه المغامرة فضلا عن 130 مليون دولار على مفاعل بحثي لا جدوى له.
فإذا أراد الصندوق أن يطلع على ديمومة تحصيل عائد الإستثمار بهكذا مشروع فعلى إدارة الصندوق أن تراقب البطء الشديد في إنجاز المحطات النووية التي يتم بناؤها حول العالم ومحطتا فرنسا وفنلندا هم أكبر برهان. فقد بدأ بناء محطة فنلندا عام 2005 وللآن ونحن في عام 2013 لم يكتمل البناء بالرغم من أن المحطات تقع في مقر دار الشركات المتعهدة وجميع المعدات والآليات والبنى التحتية مهيئة لهذا البناء منذ قرون. وفي الأردن يتوقع بناء المحطة خلال 15 إلى 20 سنة.
في الختام نتسائل لماذا لم تنظر إدارة الصندوق للإستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة النظيفة والمستدامة من الشمس والرياح والتي تبنى وتشغل وتبدأ بضخ الكهرباء إلى الشبكة خلال أشهر تعد على أصابع اليد (وليس عشرات السنوات) ولها إستمرارية لا تقل عن 25 عام (محطتي الإبراهيمية وحوفا للرياح تعملان منذ عام 1987)؟؟ ولماذا تحمي الدولة الأردنية إتفاقياتها مع الشركات المنتجة للطاقة في القطرانة وشرق عمان وخربة السمراء وتبقي على إستيراد المنتجات النفطية الغالية الثمن وتدعم إنتاجها وحرقها وتوزيعها لتخسر الدولة من المال العام في حين أن أزمة الطاقة بالأردن يمكن حلها خلال عام 2013 إن أرادت الحكومة من خلال مشاريع الطاقة المتجددة المستدامة والنظيفة. إصرار الدولة على أن تلتزم وزارة الطاقة بالسماح للمصادر المتجددة النظيفة في المشاركة بنسبة 10% فقط من أعلى إستهلاك هو أمر مستهجن، في وقت يترك المجال مفتوحاً للهيئة النووية التي أعلنت منذ عام 2008 بأنها ستبنى 5 مفاعلات نووية والتي قد تصل نسبتهم إلى ما فوق 50% من الإستهلاك (وهذا بحد ذاته مخالف للأعراف العالمية).
الطاقة من المصادر المتجددة المستدامة يمكنها أن تغطي 100% من إستهلاك الأردن وتصدر الفائض فأين منها صندوق أستثمار ضمان الأردنيين...؟؟