هل أصبح الرئيس مروجاً للمشروع النووي؟
كتب د. باسل برقان:
طالعنا بالصحف الصادرة في 30/1/2013 بأن دولة الرئيس قام بإصطحاب وزير الطاقة السابق في زيارة مفاجئة إلى هيئة الطاقة الذرية وتوقعنا بأن دولة الرئيس قررهذه الزيارة بسبب علو أصوات الشعب الأردني معارضين لهذا المصدر غير النظيف من الطاقة وغير السيادي.
تخلت عن الطاقة النووية خمسة عشر دولة غرب أوروبية لغاية تاريخه ،آخرهم إيطاليا التي صوت 94% من شعبهم في شهر حزيران من عام 2011 رافضين الطاقة النووية.
ولكن الدولة الأردنية تروج للمشروع النووي. وبعد الزيارة جاء رد دولة الرئيس على سؤال من النائب المهندس جمال قموّه في جلسة المجلس بتاريخ 20/3/2013 بأن "حجم اليورانيوم الموجود في الأردن يمكنه تزويد المملكة بالطاقة السلمية لمدة 150 عاما" (الغد21/3/2013). ومن ثم إستطرد الرئيس برده "لا يمكن أن نعتمد على أراء متفرقة أو جمعيات حتى نضع مشروع اليورانيوم جانباً".
المعارضون للمشروع يا دولة الرئيس هم خبراء من المهندسين النوويين والفيزيائيين النوويين وخبراء الطاقة والبيئة والإقتصاد والقانون والمختصون في تفاصيل المشروع وإنحرافاته منذ أن تم الإعلان عنه في عام 2008 وليسو جمعيات مارقة. وقد قام ثلة منهم بالكتابة رسمياً في 26/3/2013 إلى دولة الرئيس طالبين السماح لهم بالإجتماع مع دولته لبيان التضليل والمغالطات في المشروع ولكن طلبهم لم يستجب ! فهل إقتنع دولة الرئيس بالمشروع النووي ولا يريد الآن سماع أي حقائق عنه إلا ما يصرح به رئيس هيئة الطاقة الذرية...؟؟ ولذلك الأمر خصص دولته وزير الشؤون السياسية ليروج معه وليجمع قيادات الشعب الأردني لإقناعهم بالمشروع...؟؟
المشروع النووي الأردني إرتكز على ركيزة أساسية وهي توفر الوقود النووي (وهو عنصر اليورانيوم المشع) في الصحراء الأردنية. وروج خالد طوقان المشروع للدولة بذكاء المحترف بأنه سيدر على الخزينة ما يزيد عن 40 مليار دولار من تعدين اليورانيوم وتصديره والتي تمكن هذه المبالغ من بناء المحطات النووية الباهظة الثمن. وأرسلت هيئة الطاقة الذرية أرقامها عن مخزون اليورانيوم الأردني حول العالم فتهافتت شركات التعدين لوضع أيديها على هذا الكنز النووي الذي سيحرق في مفاعلات الطاقة النووية أينما كانت.
وجاءت شركة سانويو الصينية بإتفاقية للإستكشاف وما لبثت بعد عدة أشهر أن إنسحبت لتصرح عن رداءة اليورانيوم الأردني. ثم جاءت شركة ريوتنتو البريطانية الشهيرة والتي أيضاً إنسحبت لتؤكد بأن اليورانيوم الأردني رديء ولكن الأردن ممتلئ بالفوسفات وهذا الأخير لا يهمهم. ثم لحقتهم شركة أريفا الفرنسية التي لها ما يزيد عن 60 عاما في تعدين اليوراينوم، والتي سارع مدير هيئة النووي بتوقيع إتفاقية تعدين حصرية (إمتياز) ولمدة 25 سنة وعلى أخصب منطقة باليورانيوم في الأردن وهبتها لهم الهيئة النووي بذكاء حتى لا تهرب هذه الشركة العالمية. ولكن الشركة العالمية (أريفا) ايضاً إنسحبت من المنطقة الخصبة لإقرارها برداءة اليورانيوم الأردني وعدم إمكانية تعدينه (منجم اليورانيوم يكلف حوالي 650 مليون دولار لبنائه فهو ليس مغامرة للشركات العالمية وعليها التأكد من الجدوى قبل إستثمار مثل هذا المبلغ).
وبالأثناء أسعار بورصات اليوانيوم العالمية تدهور فهبط سعره الى ثلث ما كان عليه قبل 5 سنوات (وهو في هبوط مستمر) بسبب تخلي الغرب عن الطاقة النووية وتوجههم إلى الطاقة المتجددة النظيفة في أراضيهم وفي شمال إفريقيا. وبالأردن يصرح رئيس هيئة النووي بأن أريفا الفرنسية إستعملت طرق خاطئة بقراءة تركيز اليورانيوم وذلك بالأجهزة القارئة (الراديومتري) وليس بتحليل العينات مخبرياً مع أنه صرح مراراً بأن مختبرات الهيئة فحصت عينات الفرنسيين في مختبراتها ومخبرياً وأصدرت النتائج التي تؤكد رداءة اليورانيوم الأردني، فما هذا التناقض المستمر!!
إنسحب الفرنسيون وألغيت الشركة الفرنسية الأردنية لتعدين اليورانيوم فعاقبهم رئيس هيئة الطاقة الذرية وأسس شركة جديدة سماها الشركة الأردنية لتعدين اليورانيوم على حساب الخزينة. والخزينة تدفع رواتب هذه الشركة التي تقوم بالإستكشاف مرة أخرى وبأموال طائلة بالرغم أن 3 شركات عالمية أكدت بأن اليورانيوم الأردني غير تجاري. وأصبحنا نسمع بأسماء شركات جديدة من هنا وهنالك تأتي بها هيئة الطاقة الذرية الأردنية لتملي علينا بأن اليورانيوم متوفر وعلى الأردن صرف الملايين لتعدينه والإستثمار به. وآخر ما قرأنا عن الهيئة بأنهم أتو على شخص روسي (ألكسندر أوبزالوف) وحاصروه في كيلومتراً واحداً (وهو أخصب كيلو متر مربع على الخارطة) فقام الأخير بإصدار تقرير يؤيد إدعاءات الهيئة بأن اليورانيوم متوفر ولا ندري كم قبض أوبزالوف قبل أن يصدر التقرير.
اليوم موازنة الدولة تغرق بالديون. ولا زال الأردن يستورد النفط والديزل والوقود الثقيل وبعضاً من الغاز لإنتاج الطاقة بالرغم من وجود حل سيادي أردني. الحل المتوفر والسريع هو في الطاقة المتجددة الذي يمكن تشغيل محطاتها خلال أشهر لتزويد الشبكة بما لا يقل عن 50% من الإستهلاك. ولكن الحكومة تصر بأن طاقة الشمس والرياح يجب أن لا تزيد عن 10% من الإستهلاك في عام 2020...!! ولا احد يفسر لماذا حصرت الدولة هذا المورد السيادي في 10% فقط....!!!
وبالأثناء سعادة السفير يوه شياويونغ سفير جمهورية الصين الشعبية سعيد "للتعاون في دراسة الإستخدام السلمي للطاقة النووية" ويؤكد أن لديهم "مباحثات مع الأردن حول تطوير محطة نووية" (الغد 4/10/2012). وبالأثناء أيضاً يؤكد سعادة السفير جونيتشي كوسوجيه السفير الياباني بأن اليابان (التي ما زالت تعاني من كارثة إنفجار المحطات النووية الخمسة في فوكوشيما) على إستعداد لبيع "تقنياتها النووية للدول الأجنبية التي ترغب في إستخدام التكنولوجيا النووية اليابانية" (الغد 29/11/2012).
وحتى سعادة السفير الكسندر كالوجين (سفير روسيا) يؤكد بأن "أهم المشاريع المتوقعة.... هي المحطة النووية التي تنوي المملكة إنشاءها" والمسألة لسعادة السفير "مرنة ويمكن طرح أكثر من صيغة للتعاون النووي بين الطرفين" (الغد 11/3/2013).
بالأمس سبقهم سعادة السفير شين هيون سوك (سفير جمهورية كوريا الجنوبية) ليؤكد بأن بلاده كانت سباقة "بالمشاريع التنموية كإقامة مفاعل نووي للبحوث في جامعة العلوم والتكنولوجيا" (صحف 5/12/2010) بالرغم من ان المفاعل الكوري غير مرخص في أي مكان بالعالم ولم يبنى سابقاً في بلادهم وحتى الموقع الذي باشروا بالبناء عليه لم تكتمل دراساته الحساسة مع أن البناء إكتمل بنسبة 50% حسب ما صرحت الهيئة.
جميع الدول تتسابق لتبني مشروع الأردن النووي طالما الغرب تخلى عن هذا المصدر القذر من الطاقة والذي لن يحل أزمتنا وأثبت فشل اليوم وغداً وحتى بعد عشرة سنوات.