حل أزمات "معان" ومسؤولية اللوبي النووي
د. باسل برقان
جو 24 : يتجادل فريقان على مشكلة الأزمة بمعان؛ فريق الحكومة يقول ان الأزمة تعود إلى خارجين عن القانون ومطلوبين بقضايا أمنية وعددهم لا يتجاوز 19 مطلوباً، والفريق الآخر المؤلف من الحراكات والأحزاب السياسية والناشطين والمطلعين وبعض من أهل المدينة المنكوبة ويدّعي أن أزمة معان سببها إخفاق الدولة في تنمية هذا الاقليم.
بيت القصيد هنا، أن هذه المدينة تنتفض للمرة السادسة حيث كانت الإنتفاضة الأولى لها في عام 1989 عند تعويم سعر صرف الدينار الأردني آنذاك، ومع رفع أسعار المشتقات النفطية من بنزين وديزل بدون رفع تعرفة النقل التي يعتمد عليها جزء كبير من سكان المدينة ثم توالت الأزمات (1996، 1998، 2000، 2002 و 2014). وفي الأثناء، وبعد توالي حكومات عديدة، لا زلنا نسمع من الوزراء عن ضرورة النمو الإقتصادي وليس التنمية الإقتصادية. وهذا ما جاء على لسان وزير الصناعة والتجارة في أخر لقاء وزاري بعجلون.
(الرأي 27/4/2014)، مع أن المتابعين للشأن الأردني والتنموي العالمي يصروّن على ان إرتفاع النمو الإقتصادي قد لا يعني تحسن في الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بل قد لا يتعدى تضخم جيوب الأثرياء التي توظف عمالة محلية أو أجنبية بأبخس الرواتب أو نفعاً للمستثمرين الأجانب في المشاريع المحلية. فالتنمية الإقتصادية هي الأساس لرفع مستوى الدخل لسكان المحافظات الأردنية ولتحسين ظروف
معيشتهم من نقل وصحة وتعليم وبيئة نظيفة وترفيه مجتمعي بالإضافة إلى الدخل العائلي. هذه هي التنمية التي نُريد لمعان وكافة المحافظات.
وقد أضاعت الحكومات المتعاقبة فرصة حل أزمة معان منذ 7 سنوات، فمنذ أن طُرِحَ قانونا الطاقة المتجددة والطاقة النووية في عام 2008، تفاجأ المطَلعون بأن قانون الطاقة النووية تم الموافقة عليه وإصداره كقانون خلال أشهر بذلك العام وبالرغم من أنه مصدر غير سيادي للطاقة، وبقي قانون الطاقة المتجددة حبيس الأدراج لغاية 2012....!! وتغوَل اللوبي النووي على أجهزة الدولة حتى أنه عُيّن عرابهم وزيراً للطاقة وأصبحت الدولة تروج لهذا المشروع المكلف لعشرات المليارات من الخزينة. ولكن لو أطلقت الدولة أيدي القطاع الخاص ليستثمر في الطاقة المتجددة منذ ذلك الزمن، لإمتلأت معان بمشاريع الطاقة الشمسية منذ عدة سنوات ووظفت عشرات الألاف من أهل المدينة وقضت على بطالة العمل كاملاً وساهمت برفع مستوى الدخل والمعيشة.
لم تتراجع الدولة عن مشروعها النووي حتى بعد ضغط جماهيري ومؤسسي فضح هذا التخبط وأصبح مستهجناً محلياً ودولياً. وبالرغم من ذلك لم تطلق أيدي قطاع الطاقة المتجددة كاملاً حيث تتقدم عشرات المشاريع من مستثمرين أردنيين وأجانب ويوافق على إثنين أو ثلاثة أو أربعة منهم فقط سنوياً.
تستطيع منطقة معان إنتاج كهرباء تساوي عشرات الألاف ميجاواط بالساعة من الطاقة الشمسية. ويحتاج ذلك إلى دعم حكومي بسيط بتحسين شبكة الضغط العالي وذلك بزيادة إستطاعتها للخط المتوجه من الجنوب إلى عمان (الذي هو حالياً 450 ميغاواط فقط). ويمكن فصل الخط عند معان فتستغل مشاريع الطاقة الشمسية الأولى بمعان لتزود كامل إحتياج عمان والوسط والشمال. وبعد الإكتفاء من قدرتها الإنتاجية، تحوَل المشاريع الجديدة بمعان لتصدير الطاقة والكهرباء إلى الشقيقة مصر عبر العقبة كون مصر تعاني من أزمة طاقة. ويتوقف شراؤنا للطاقة من مصر بل نصبح مصدرين لها. وذلك يحتاج إلى جهد وزير الطاقة ورئيس الحكومة بدلاً من سيرهم بخط واحد وهو إستعادة الغاز المصري المدعوم سعراً والذي تم تفجيره ما يزيد عن عشرين مرة خلال 3 سنوات من أبناء بلد بحاجة إلى إستيراد الطاقة بدلاً من تصديرها.
ستُشغل مشاريع الطاقة المتجددة الألاف من مواطني معان مباشرة بالمشروع أو بطريقة غير مباشرة لخدمة المشروع من ورش صيانة وتزويد وخدمات بكل أنواعها. والدراسات الدولية تُبيّن أن كل وظيفة داخل مشروع الطاقة المتجددة يتشكل أمامها 3-10 وظائف مساندة خارج المشروع (دراسة البنك الدولي 2011). أول المشاريع المرخصة في منطقة معان تم توقيع إتفاقيته مع وزارة الطاقة وشركة الكهرباء هذه السنة فقط ولإنتاج 20 ميغاواط (مع أنهم تقدموا بطلب 100 ميغاواط) وسيوظف 23 معانياً داخل المشروع. إذا إستمرت هذه المشاريع التي هي من مستثمري القطاع الخاص فقد تصبح معان محطة للهجرة إليها من محافظات أُخرى التي تعاني من إرتفاع أعداد العاطلين عن العمل.
ننهي بالسؤال، من هو المسؤول عن أزمة معان؟ هل هم فعلاً 19 مطلوب أمني أم تقصير وزراء الطاقة والحكومات السابقة أم تغَول اللوبي النووي على أجهزة الدولة خلال السبعة سنوات الماضية..؟؟؟
بيت القصيد هنا، أن هذه المدينة تنتفض للمرة السادسة حيث كانت الإنتفاضة الأولى لها في عام 1989 عند تعويم سعر صرف الدينار الأردني آنذاك، ومع رفع أسعار المشتقات النفطية من بنزين وديزل بدون رفع تعرفة النقل التي يعتمد عليها جزء كبير من سكان المدينة ثم توالت الأزمات (1996، 1998، 2000، 2002 و 2014). وفي الأثناء، وبعد توالي حكومات عديدة، لا زلنا نسمع من الوزراء عن ضرورة النمو الإقتصادي وليس التنمية الإقتصادية. وهذا ما جاء على لسان وزير الصناعة والتجارة في أخر لقاء وزاري بعجلون.
(الرأي 27/4/2014)، مع أن المتابعين للشأن الأردني والتنموي العالمي يصروّن على ان إرتفاع النمو الإقتصادي قد لا يعني تحسن في الأحوال المعيشية للمجتمعات المحلية، بل قد لا يتعدى تضخم جيوب الأثرياء التي توظف عمالة محلية أو أجنبية بأبخس الرواتب أو نفعاً للمستثمرين الأجانب في المشاريع المحلية. فالتنمية الإقتصادية هي الأساس لرفع مستوى الدخل لسكان المحافظات الأردنية ولتحسين ظروف
معيشتهم من نقل وصحة وتعليم وبيئة نظيفة وترفيه مجتمعي بالإضافة إلى الدخل العائلي. هذه هي التنمية التي نُريد لمعان وكافة المحافظات.
وقد أضاعت الحكومات المتعاقبة فرصة حل أزمة معان منذ 7 سنوات، فمنذ أن طُرِحَ قانونا الطاقة المتجددة والطاقة النووية في عام 2008، تفاجأ المطَلعون بأن قانون الطاقة النووية تم الموافقة عليه وإصداره كقانون خلال أشهر بذلك العام وبالرغم من أنه مصدر غير سيادي للطاقة، وبقي قانون الطاقة المتجددة حبيس الأدراج لغاية 2012....!! وتغوَل اللوبي النووي على أجهزة الدولة حتى أنه عُيّن عرابهم وزيراً للطاقة وأصبحت الدولة تروج لهذا المشروع المكلف لعشرات المليارات من الخزينة. ولكن لو أطلقت الدولة أيدي القطاع الخاص ليستثمر في الطاقة المتجددة منذ ذلك الزمن، لإمتلأت معان بمشاريع الطاقة الشمسية منذ عدة سنوات ووظفت عشرات الألاف من أهل المدينة وقضت على بطالة العمل كاملاً وساهمت برفع مستوى الدخل والمعيشة.
لم تتراجع الدولة عن مشروعها النووي حتى بعد ضغط جماهيري ومؤسسي فضح هذا التخبط وأصبح مستهجناً محلياً ودولياً. وبالرغم من ذلك لم تطلق أيدي قطاع الطاقة المتجددة كاملاً حيث تتقدم عشرات المشاريع من مستثمرين أردنيين وأجانب ويوافق على إثنين أو ثلاثة أو أربعة منهم فقط سنوياً.
تستطيع منطقة معان إنتاج كهرباء تساوي عشرات الألاف ميجاواط بالساعة من الطاقة الشمسية. ويحتاج ذلك إلى دعم حكومي بسيط بتحسين شبكة الضغط العالي وذلك بزيادة إستطاعتها للخط المتوجه من الجنوب إلى عمان (الذي هو حالياً 450 ميغاواط فقط). ويمكن فصل الخط عند معان فتستغل مشاريع الطاقة الشمسية الأولى بمعان لتزود كامل إحتياج عمان والوسط والشمال. وبعد الإكتفاء من قدرتها الإنتاجية، تحوَل المشاريع الجديدة بمعان لتصدير الطاقة والكهرباء إلى الشقيقة مصر عبر العقبة كون مصر تعاني من أزمة طاقة. ويتوقف شراؤنا للطاقة من مصر بل نصبح مصدرين لها. وذلك يحتاج إلى جهد وزير الطاقة ورئيس الحكومة بدلاً من سيرهم بخط واحد وهو إستعادة الغاز المصري المدعوم سعراً والذي تم تفجيره ما يزيد عن عشرين مرة خلال 3 سنوات من أبناء بلد بحاجة إلى إستيراد الطاقة بدلاً من تصديرها.
ستُشغل مشاريع الطاقة المتجددة الألاف من مواطني معان مباشرة بالمشروع أو بطريقة غير مباشرة لخدمة المشروع من ورش صيانة وتزويد وخدمات بكل أنواعها. والدراسات الدولية تُبيّن أن كل وظيفة داخل مشروع الطاقة المتجددة يتشكل أمامها 3-10 وظائف مساندة خارج المشروع (دراسة البنك الدولي 2011). أول المشاريع المرخصة في منطقة معان تم توقيع إتفاقيته مع وزارة الطاقة وشركة الكهرباء هذه السنة فقط ولإنتاج 20 ميغاواط (مع أنهم تقدموا بطلب 100 ميغاواط) وسيوظف 23 معانياً داخل المشروع. إذا إستمرت هذه المشاريع التي هي من مستثمري القطاع الخاص فقد تصبح معان محطة للهجرة إليها من محافظات أُخرى التي تعاني من إرتفاع أعداد العاطلين عن العمل.
ننهي بالسؤال، من هو المسؤول عن أزمة معان؟ هل هم فعلاً 19 مطلوب أمني أم تقصير وزراء الطاقة والحكومات السابقة أم تغَول اللوبي النووي على أجهزة الدولة خلال السبعة سنوات الماضية..؟؟؟