إخوان مصر يعودون الى مسارهم التاريخي
طاهر العدوان
جو 24 : انهم من اقدم التنظيمات السياسية في مصر الحديثة فجماعة الإخوان المسلمين نشأت عام ١٩٢٨ على يد حسن البنا لتصبح فيما بعد تنظيماً عالمياً على المستويين العربي والدولي . ومسارهم التاريخي عابر لأنظمة حكم مختلفة تعاملت معهم بسياسة العصا والجزرة . لقد كانوا جزءاً من الحياة السياسية في عهد الملك فاروق لكن من موقع المعارضة وعندما حاول البنا ترشيح نفسه للبرلمان رفض طلبه ، بعدها دخلوا في خصومات حادة مع الأحزاب الأخرى انتهت بحل الجماعة واتهامها بعملية اغتيال رئيس الوزراء وفي عام ١٩٤٨ اغتيل حسن البنا فلجأوا الى العمل السري .
أقام عبد الناصر علاقة معهم بعد ثورة ٢٣ يوليو لكنها سرعان ما انتهت بالصدام وتم حل الجماعة بعد عامين من الثورة اثر محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية . وبين عامي ١٩٥٤ و ١٩٧٠ تعرضوا لاكبر حملة اعتقالات وزج بالآلاف منهم في السجون وحكم على العشرات منهم بالإعدام تم تخفيف غالبيتها وفي عام ١٩٥٦ تم إعدام سيد قطب .
في عهد السادات أراد ( الرئيس المؤمن ) كما كان يلقب نفسه ان يستعين بالإسلاميين لمواجهة الناصريين فسمح لمرشد الإخوان عمر التلمساني بحرية الحركة لكن لم يمر وقت طويل حتى عاد السادات الى ملاحقة أعضاء الجماعة اثر حملة الاعتقالات التي شملت القيادات السياسية والفكرية قبل اشهر قليلة من حادثة المنصة عندما اغتالته الجماعات الإسلامية .
في عهد مبارك نشطت الجماعة سياسياً وشعبياً وكانت القوة الرئيسية المعارضة لحكمه وسميت ( بالجماعة المحظورة ) لكن هذا الحظر لم يكن صارماً ولم يمنعهم من محاولات الوصول الى مواقع السلطة عبر الانتخابات البرلمانية ، في عام ٨٤ دخلوا الانتخابات تحت مظلة التحالف مع حزب الوفد ونجح منهم ٨ نواب مع اتهامات للسلطة بالتزوير . في انتخابات ٨٧ وصل منهم ٣٧ نائبا لكن تم حل هذا البرلمان كالذي سبقه وهو ما دفعهم الى مقاطعة انتخابات عام ٩٠ . في عام ٩٥ عادوا للمشاركة لينجح منهم نائب واحد فيما وصف بالمذبحة السياسية للإخوان . وفي سنة ٢٠٠٠ شاركوا وحصلوا على ١٧ مقعداً، أما في انتخابات عام ٢٠٠٦ فقد وصل منهم الى البرلمان ٨٨ نائباً.
وبعد ثورة ٢٥ يناير انتقل الإخوان من موقع الجماعة المحظورة الى موقع الجماعة الحاكمة ليفوزوا بانتخابات الرئاسة وباغلبية مقاعد كل من مجلسي الشعب و الشورى لينتهي بهم الأمر مرة أخرى الى شارع المعارضة بعد انقلاب ٣ يوليو . غير ان الجديد في وضعهم كمعارضة انهم كانوا قبل ٢٥ يناير يطالبون بالمشاركة في السلطة أما اليوم فيطالبون باستعادة شرعيتهم في الحكم .
هذا المسار التاريخي للإخوان في مصر لم يضعفهم وظلت حركتهم في مسار بياني تصاعدي لسببين ، الأول - إتقانهم لدور المعارضة الشعبية المستمدة من الدين بينما حكام مصر منذ عبدالناصر وحتى مبارك استمدوا شرعيتهم من ثورة ٢٣ يوليو أي من الجيش الذي يعودالآن الى دوره السابق مرة أخرى . الثاني - ان اعتماد الدولة على الجيش والأمن لم يسمح ببناء دولة قوية تخضع للدستور والقانون في نظام ديموقراطي مما خلق فراغاً سياسياً هائلا لم ينجح غير الإخوان في اختراقه ومن المفارقات ان حكماً استند الى شرعية الثورة الناصرية على مدى ٦٠ عاماً لم يخلق البيئة لوجود أحزاب ناصرية وقومية قوية بل انه عمل على تدميرها بما سهل على المعارضة الإسلامية ملء الفراغ .
لقد عادت الدولة المصرية اليوم الى مسار ٢٣ يوليو أي الشرعية المستندة الى الجيش وقد تكون الأحزاب القومية والثورية والناصرية اكبر الخاسرين على المستقبل البعيد لانها أفرغت بذلك ثورة ٢٥ يناير من مضمونها كثورة شرعيتها من الشعب وقواه السياسية.
(الراي)
أقام عبد الناصر علاقة معهم بعد ثورة ٢٣ يوليو لكنها سرعان ما انتهت بالصدام وتم حل الجماعة بعد عامين من الثورة اثر محاولة اغتيال عبد الناصر في المنشية بالإسكندرية . وبين عامي ١٩٥٤ و ١٩٧٠ تعرضوا لاكبر حملة اعتقالات وزج بالآلاف منهم في السجون وحكم على العشرات منهم بالإعدام تم تخفيف غالبيتها وفي عام ١٩٥٦ تم إعدام سيد قطب .
في عهد السادات أراد ( الرئيس المؤمن ) كما كان يلقب نفسه ان يستعين بالإسلاميين لمواجهة الناصريين فسمح لمرشد الإخوان عمر التلمساني بحرية الحركة لكن لم يمر وقت طويل حتى عاد السادات الى ملاحقة أعضاء الجماعة اثر حملة الاعتقالات التي شملت القيادات السياسية والفكرية قبل اشهر قليلة من حادثة المنصة عندما اغتالته الجماعات الإسلامية .
في عهد مبارك نشطت الجماعة سياسياً وشعبياً وكانت القوة الرئيسية المعارضة لحكمه وسميت ( بالجماعة المحظورة ) لكن هذا الحظر لم يكن صارماً ولم يمنعهم من محاولات الوصول الى مواقع السلطة عبر الانتخابات البرلمانية ، في عام ٨٤ دخلوا الانتخابات تحت مظلة التحالف مع حزب الوفد ونجح منهم ٨ نواب مع اتهامات للسلطة بالتزوير . في انتخابات ٨٧ وصل منهم ٣٧ نائبا لكن تم حل هذا البرلمان كالذي سبقه وهو ما دفعهم الى مقاطعة انتخابات عام ٩٠ . في عام ٩٥ عادوا للمشاركة لينجح منهم نائب واحد فيما وصف بالمذبحة السياسية للإخوان . وفي سنة ٢٠٠٠ شاركوا وحصلوا على ١٧ مقعداً، أما في انتخابات عام ٢٠٠٦ فقد وصل منهم الى البرلمان ٨٨ نائباً.
وبعد ثورة ٢٥ يناير انتقل الإخوان من موقع الجماعة المحظورة الى موقع الجماعة الحاكمة ليفوزوا بانتخابات الرئاسة وباغلبية مقاعد كل من مجلسي الشعب و الشورى لينتهي بهم الأمر مرة أخرى الى شارع المعارضة بعد انقلاب ٣ يوليو . غير ان الجديد في وضعهم كمعارضة انهم كانوا قبل ٢٥ يناير يطالبون بالمشاركة في السلطة أما اليوم فيطالبون باستعادة شرعيتهم في الحكم .
هذا المسار التاريخي للإخوان في مصر لم يضعفهم وظلت حركتهم في مسار بياني تصاعدي لسببين ، الأول - إتقانهم لدور المعارضة الشعبية المستمدة من الدين بينما حكام مصر منذ عبدالناصر وحتى مبارك استمدوا شرعيتهم من ثورة ٢٣ يوليو أي من الجيش الذي يعودالآن الى دوره السابق مرة أخرى . الثاني - ان اعتماد الدولة على الجيش والأمن لم يسمح ببناء دولة قوية تخضع للدستور والقانون في نظام ديموقراطي مما خلق فراغاً سياسياً هائلا لم ينجح غير الإخوان في اختراقه ومن المفارقات ان حكماً استند الى شرعية الثورة الناصرية على مدى ٦٠ عاماً لم يخلق البيئة لوجود أحزاب ناصرية وقومية قوية بل انه عمل على تدميرها بما سهل على المعارضة الإسلامية ملء الفراغ .
لقد عادت الدولة المصرية اليوم الى مسار ٢٣ يوليو أي الشرعية المستندة الى الجيش وقد تكون الأحزاب القومية والثورية والناصرية اكبر الخاسرين على المستقبل البعيد لانها أفرغت بذلك ثورة ٢٥ يناير من مضمونها كثورة شرعيتها من الشعب وقواه السياسية.
(الراي)