سوريا ..إتضاح الصورة
المتتبع لإتجاهات وتقاطعات خطوط الأزمة في سوريا ،يجد أن الأمر بات يثير الدهشة ،فما يجري في سوريا تجاوز حالة "الشيزوفرينيا "،التي يصعب السيطرة عليها ،ودخل مرحلة العبث الأخطر التي ستطيح بالبلاد والعباد على حد سواء،وما يجري خرج عن نطاق :الشعب يريد إسقاط النظام ، ودخل نفقا مظلما كتب عليه :هناك من يريد تدمير البلاد.
القصة تقودنا إلى كهوف تورا –بورا حيث تحالف الإسلام السياسي مع الرأسمالية الأمريكية في أفغانستان ضد الإتحاد السوفيييتي، الذي أرسل قواته إلى هناك تلبية لطلب حليفهم الرئيس الأفغاني بابراك كارمل ،وجرى خوض معارك إرتقت إلى حروب شارك فيها الشباب العربي والمسلم المتعطش للجهاد في سبيل الله ، لكنه وجد من يحرفه عن جادة الجهاد في فلسطين ،وشحنه مدفوع الثمن إلى أفغانستان ليكون وقودا لمعارك لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
الأخطر من ذلك، أن من سمح بتجنيد هؤلاء الشباب وسهل شحنهم إلى أفغانستان ،إرضاء للمعلم الأمريكي الذي لا يفضل دفع ثمن إنتصاراته ،قام بإعتقال من عاد حيا ولم تعتقله القوات الأمريكية في معتقل غوانتنامو في الأراضي الكوبية،بناء أيضا على رغبة من المعلم الأمريكي ،فهؤلاء باتوا يمثلون خطرا على المصالح الأمريكية وعلى الأنظمة العربية الموالية لها ،وأنا هنا أتحدث عن الشباب العربي والمسلم المتعطش للجهاد في سبيل الله ،لا عن القيادات التي تحالفت مع أمريكا وبات همها التخريب أينما حلت ،ونصبت من نفسها حصان طروادة ،وأعني بذلك القاعدة.
هذه القاعدة التي شغلت الدنيا بتصريحات قادتها الذين يعلم الله وحده أين يتنعمون ،لم تعثر على مكان فلسطين على الخريطة الدولية ولم تسمع على ما يبدو أن فلسطين محتلة والقدس إلى تهويد ،وان المسجد الأقصى في خطر،علما أن قادتها يتحفوننا ببيانات حول الأحداث الجارية بمعنى أنهم متابعون جيدون لمجريات الأمور في الوطن العربي.
القاعدة التي نصبت نفسها "خريبا "في الأحداث العربية ،كلمة سرها أو "شيفرتها" هي الخلافة الإسلامة،ولا أدري عن أي خلافة يتحدثون وهم يقتلون برصاص صنع في المصانع الأمريكية.
بعد أفغانستان وهزيمة السوفييت ،برز إسم القاعدة ،مرتبطة بالخلافة الإسلامية،وجاء دور العراق وكانت القاعدة هي كلمة سر بوش الصغير،ورأينا هذه الكلمة في شمال أفريقيا حيث الجزائر ،وبعدها جاء دور مالي حيث الغزو الفرنسي .
بعد مالي ها نحن نرى القاعدة –الخلافة الإسلامية في سيناء ،وما نشتمه أن هناك " لعبة" لإعادة إحتلال الجيش الإسرائيلي لسيناء ،كل ذلك من خلا ل تواجد القاعدة هناك وحديثها عن دولة إسلامية، ولا يغيبن عن البال أن هناك من تحدث عن دولة إسلامية في العراق ورأينا بعد ذلك ما جرى.
القاعدة في سوريا،وهناك من تحدث عن دولة إسلامية هناك ،بل أن دولتي العراق وسوريا الإسلاميتين إتحدتا في سوريا؟؟؟!!!!! وها نحن نرى صراعا مسلحا بين الجيش الحر السوري" العلماني" مع جبهة النصرة أو لنقل القاعدة ،وللتوضيح أكثر دولة الخلافة الإسلامية في سوريا ،والتصريحات التي تقول أن عليهم مقاتلة العلمانيين .
هنا مربط الفرس ،وهو أن ما يجري في سوريا ليس إسقاط نظام "مستبد ديكتاتوري قمعي"،ولو كانت النوايا كذلك ،لتوحد الجميع وأجلوا صراعاتهم الثانوية ،لكن الواقع يشي بغير ذلك ،وقد إتضحت الصورة ،وتبين أن سوريا تشهد عبثا موجها من الخارج ،وخدمة لأهداف الخارج.
الإسلام السياسي يكرر أخطاءه ،فما يزال حتى يومنا هذا يتبع البوصلة الأمريكية ،ويتقن دور حصان طروادة ،فها هم السلفيون الأردنيون على سبيل المثال يقفزون إلى سوريا ل" الجهاد" ،مع أن القدس أقرب إليهم من سوريا خاصة وأنهم يسافرون إلى تركيا ومن ثم يدخلون من هناك بتسهيلات تركية .
بعد ما حدث في مصر ،آن الأوان أن يعمد الجميع إلى مراجعات نقدية لمواقفهم ونظرتهم ومشاركتهم في الأحداث الدموية التي شهدناها ولم تغير في واقعنا شيئا ،فما جرى في المنطقة كان بمجمله لصالح إسرائيل.