إسرائيل رابين ليست إسرائيل نتنياهو
زيان زوانة
جو 24 :
يستمر نتنياهو بقيادة اليمين الإسرائيلي محاولا الفوز في الإنتخابات الرابعة خلال أيام ، بعد ثلاثة انتخابات برلمانية ، أظهرت انقسام الشارع الإسرائيلي وعجز الأحزاب عن تشكيل حكومة مستقرة ، بعد عشر سنوات من حكم نتنياهو ، كرس فيها حكم اليمين والمتدينين والمستوطنين .
قدّم ترامب وصهره كوشنر لنتنياهو أكثر مما كان يحلم به ، وختما آخر أيامهما باتفاقيات مع دول عربية خليجية ، لإرضاء اللوبي الصهيوني ، بينما كان كلاهما ، ترامب ونتنياهو يتجاهلان الأردن وأبسط مصالحه . وللحقيقة فإن نتنياهو حتى قبل مجي ترامب ، كان يتجاهل الأردن أرضا وشعبا وقيادة ، وينظر للأردن نظرة دونية ، أمام طموحاته العملاقة .
شهدت إسرائيل خلال السنوات الأربعين الأخيرة تغيرات ملحوظة ، إذ استمر تراجع تحالف حزب العمل المؤسس الرئيسي للإغتصاب الصهيوني ، كما استمر تقدم أحزاب اليمين بقيادة الليكود وتفرعاته منذ تشكيله الحكومة في العام 1977 ، وصاحب هذا تغيرا تجاه الأردن ، من حزب العمل الذي كان يتبنى سياسة حسن الجوار ، إلى اليمين بقيادة الليكود الذي يتبنى سياسة معاكسة تماما ، ترجمها عمليا بتحديات لم تتوقف .
ساعد في تطوير سياسة الليكود عوامل عدة ، قد يكون أهمها في الجغرافيا السياسية ، عندما كانت عمان قبل ثلاثين عاما الحاجز الجغرافي لإسرائيل عن العالم العربي ، وكانت عمان بحكم الديموغرافيا قناة وصل الفلسطيني بأخيه ، أردنيا وفلسطينيا وعربيا . لكن ، ومع انفتاح بوابات العواصم العربية على اتساعها أمام إسرائيل ، مقارنة بالبوابة الأردنية المواربة ، وبعد أن كرس الكيان الصهيوني وبمساعدة ماكنة الإعلام الغربية وبعض العربية عقيدة " خطر إيران ومشروعها النووي " ، وغياب الثقل العربي وانحصار صراع النفوذ الإقليمي بين تركيا وإيران وإسرائيل ، لم يعد لإسرائيل نتنياهو أية أسباب لإرضاء أو استرضاء عمان ، أو مراعاة مصالحها أو تقدير اتفاق وادي عربه ، ووصاية الهاشميين ورعاية الأردن على المقدسات إسلامية ومسيحية.
من الضروري لصانع القرار متابعة ديناميكية المجتمع الإسرائيلي لرسم استراتيجية التعامل مع إسرائيل ثنائيا ، وأمام العالم ، علما بأن تجربة السنوات الطويلة الماضية في التعامل معها تقودنا إلى يقين ، أن إسرائيل ، بقيادتها السابقة واللاحقة ، بنتنياهو أو بغيره ، ومع انفتاح بوابات العرب أمامها ، تعتقد أنها ابتلعت وهضمت الأرض الفلسطينية ، ما يعمق إيمانها بعقيدة " فلسطين لنا وشرقي النهر لنا أيضا " ، ويزيدها شراسة في مواجهتنا .