إذا لم تتمكن من هزيمتهم ، إنضم إليهم
زيان زوانة
جو 24 :
بعد انهيار الإتحاد السوفييتي في العام 1989 بادرت أمريكا ومراكز أبحاثها لترسيخ تقزيم دور الدولة ، بحصره في التشريع والرقابة، والأمن بالطبع، وجندّت الكثيرين لدعمه في العالم ، وكانت الخصخصة أبرز تجلياته. لكن إدارة بايدن، وبموافقة الحزب الجمهوري المنافس ، أقرت منذ اسابيع " قانون الإبداع والمنافسة الأمريكية " ليؤسس صندوقا حكوميا براسمال مقداره ( 250) مليار دولار لتمويل الأبحاث العلمية ودعم صناعات التكنولوجيا الحديثة في أشباه الموصلات والرقائق الأليكترونية والذكاء الإصطناعي والسيارات الكهربائية وبطارياتها ، وما إلى ذلك .
لاحظت الإدارت الأمريكية تقدم الصين وفي كل المجالات ، خاصة التقنية الحديثة وصناعاتها ، وزحفها لتسحب البساط من تحت أرجل أمريكا ، فحاولت بكل الوسائل أن تعيق رحلة الصين المنطلقة ، وكان منها أن ضغطت عليها لتوقف دعمها للشركات الصينية لتتركها تعمل وفقا لقواعد" السوق الحر" لأن هذا لا يجوز ويتعارض مع اسس المنافسة العالمية ( وضعت أمريكا قواعدها لتناسبها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ) ، واتهمتها أنها تتلاعب بسعر صرف عملتها لتجعله حافزا للتصدير وجاذبا للإستثمار داخلها ، ووضعت رسوم جمركية مرتفعة أمام ما تستورده منها ، وفرضت قيودا على تعاملات دول العالم المتعاملة مع الصين ، وقيودا على شركاتها داخل أمريكا وخارجها ، واستغرقت هذه المحاولات إدارة أوباما وترامب ، والأخير بشكل خاص ، ولم تفلح كل إجراءتها في وقف الإنطلاقة الصينية ، ما جعلها ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، ومؤهلة لتكون الإقتصاد الأول بدلا من الإقتصاد الأمريكي في غضون سنوات قادمة ، المصاحب لنمو عسكري ودبلوماسي .
عندما بدأت الصين انطلاقتها عملت على تطوير المبادئ الشيوعية وترشيقها لتخدم التطور الإقتصادي والإجتماعي ، ولم تلتفت لما سيقوله ماوتسي تونغ أو ستالين أو حتى كارل ماركس ، كان جلّ اهتمامها تحقيق الأهداف وهذا ما حصل. كذلك تفعل إدارة بايدن الآن بتأسيس صندوق الإبداع والمنافسة دون أن تلتفت لما سيقوله آدم سميث محاولة هي الأخرى تطويع الفكر الرأسمالي لخدمة أهدافها وعملا بالمقولة " If you can’t beat them join them .
لأردن لا ينافس أحد ، ولم تكن الأيدلوجيا جزءا من ثقافته ، ما أكسبه مرونة حققت أهدافا جليلة ، لكنه ، منذ تسعينات القرن الماضي يتراجع في كلّ المجالات بإصرار . أتمنى لو تتبع حكوماتنا ما يخدم مصالحنا ، وألا تراهن على غيرها ، وتطوع تطور الفكر الإقتصادي لخدمتها .