البلديات وحلم الحكم المحلي!
كنا نحلم بقيمة اجتماعية مضافة لبلدنا، اسمها «الحكم المحلي». وهذه القيمة يجب أن لا نحملّها لمؤسسة البلدية المصابة بفقر دم مزمن فيما عدا العاصمة عمان.. التي رغم ميزانيتها الكبيرة، فإنها ما تزال في عالم «الحراسة والكناسة»!
المناسبة هي الانتخابات البلدية، والتركيز على «الشفافية والنزاهة» في إجرائها وهذا ليس المطلوب، فنجاح رؤساء بلديات ومجالس دون تدخل الحاكم الإداري، وشراء الأصوات لن يجعل من البلدية، كمؤسسة حاضنة لحكم محلي يشارك في القرار على مستوى البلدة والقرية والحي، ويشارك في التنمية، ويصنع خلية اجتماعية حيّة وناشطة!
.. نحلم بحكم محلي هذه ملامحه:
1- ايجاد محافظة لها مجلسها المنتخب ولها حكومتها المؤلفة من: المحافظ ومدراء الأشغال، والتربية، والأمن، والماء، والتنمية.. الخ.
2- يتم توزيع الموازنة العامة للدولة ليس على الوزارات، وإنما على المحافظات، وتكون الوزارات بيوت خبرة فيما نسميه مركزية المعرفة والتخطيط. وبهذا نكون قد انهينا «الحكومة الكبيرة».
3- تكون الحكومة المحلية معينة من عمّان، ويكون مجلس المحافظة منتخباً. ويكون لكل محافظة برنامج إنمائي لا يتشابه بالضرورة مع بقيّة المحافظات. فلكل منطقة كنوزها الطبيعية والبشرية، ولكل منها أهدافها ومطالبها. فمحافظة الكرك كيان قائم بذاته من حيث مشاكله السكانية، ومصادره الطبيعية وعدد سكانه، والتنمية التي يمكن أن يقدمها لأبنائه وللأردن، بحيث تتوقف عملية تفريخ الشباب وتصديرهم إلى مناطق الجذب السكاني وحين يعجز الواحد يعود إلى محافظته محمولاً على آلة حدباء!!. وللطفيلة ثراؤها الخاص، وأرضها، والأهم قلة عدد سكانها، وهذه ميزة في علم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحضور التراث العظيم من حولها، والعقبة وطريق الملوك، ووادي عربة الذي لم نعرف حتى الآن، كيف نفيد منه!
4- سيكون مجلس المحافظة مانعاً لعادية ومطلبية مجلس النواب، حيث ينصرف أعضاؤه إلى رسم السياسات الكبيرة وإقرارها، وإنشاء حكومات مستقرة قادرة على تنفيذ مشروعات الوطن الكبرى. وتنتهي الماراثونات في مناقشة وإقرار الموازنة، وخطابات الثقة. وتجد الأحزاب نفسها مدعوة لبرامج غير إنسايكلوبيدية، فمن غير الطبيعي أن نطلب من الحزب مخططات اجتماعية واقتصادية وثقافية تتناول حياة وتطور شعب في مستوى الشعب الأردني.. وإلاّ فإننا نصل إلى الجمل والشعارات التي تقول كل شيء، ولا تعني شيئاً!
طرح الجنرال ديغول مشروعه العظيم للحكم المحلي على الشعب، وفي خطابه الافتتاحي نبّه إلى أن أية أكثرية غير كبيرة في تأييد مشروعه ستدفعه للاستقالة. وحاز المشروع 62% من نسبة المصوتين، فاستقال الرجل العظيم.. وأخذ إجازة في إيرلندا!
لقد نهضت الجمهورية الخامسة الفرنسية بأفكار الجنرال، وبالاستفتاء الشعبي المباشر عبر الأحزاب التي أخذت تبحث عن مظلة عملية لها غير الشارع، وغير الخطباء المصنفين.
فيما نظن أن مشروع الحكم المحلي موجود في أرشيف مجلس النواب. ونظن أن الرئيس الذي قدمه اسمه: وصفي التل!
(الراي)